الشركات تدخل سوق إنتاج الكهرباء… متى دور “التوزيع”؟

في آخر جلسة لمجلس الوزراء قبل أن تتحول الحكومة الى حكومة تصريف أعمال، تمت الموافقة على تحويل عقد دير عمار من صيغة الـ (Engineering, procurement and construction EPC)  إلى صيغة الـ (Build, Operate & Transfer BOT)

وهذا يعني ان شركة J&P Avax ستتحول من متعهد بناء الى منتج مستقل للطاقة (Independent Power Producer) IPP. ولكن هذا الخيار الذي اعتمدته الحكومة ليس جديدا، إذ لطالما أوصى الكثير من الخبراء والمؤسسات المحلية والدولية بضرورة تبنّي مبدأ السماح للشركات الخاصة بإنتاج الكهرباء.

وإذا كانت الحكومة قد لجأت إلى هذا الخيار بعدما اصطدمت بحائط الدعوى التحكيمية المقدمة من Avax، فإن هذه الصيغة تفتح المجال وفق ما يقول رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق باتريك مارديني للتعاقد مع عدد من المنتجين المستقلين للطاقة IPP في كل المعامل التي تعتزم الدولة انشاءها في الزوق والجية وسلعاتا والزهراني وغيرها، وتسمح بتفادي المشكلات التي منعتنا حتى اليوم من تلزيم مشاريع الكهرباء (معمل الزوق) وتنفيذها (دير عمار) وتشغيلها (الزوق والجية).

هذه المشاريع، وفق ما تؤكد مصادر متابعة، فشلت سابقاً بسبب الخلاف على كلفة التأهيل وعلى كلفة الـTVA، في حين أنه لو تم العقد على أساس الـIPP لكانت كلفة التأهيل والـTVA قد تحملتها الشركة الخاصة، وكنا انتهينا من كل هذه المشاريع منذ أكثر من 3 سنوات. لذا تعتبر هذه المصادر أن نموذج الحل مع Avax يشكل خريطة طريق لتسيير المشاريع العالقة منذ سنوات في هذا القطاع. فما هي ميزات الصيغة الجديدة للعقد؟ الصيغة وفق ما يقول مارديني “تحمي محطة الانتاج من الفائض في التوظيف والتلزيمات العشوائية للصيانة والفائض في النفقات لمدة 20 عاما على الأقل، اذ ان الشركة الخاصة ستحرص على ضبط نفقاتها والإنتاج بكلفة متدنية من اجل المحافظة على هامش ربح معين وتفادي الخسائر، على عكس الدولة التي حولت الكهرباء إلى سلعة تستخدم للتوظيف السياسي ولا تكترث لتضخم الكلفة وتدني الانتاجية”.

إلا أن اللافت في العرض الجديد وفق المصادر عينها، هو موافقة Avax على سعر 2.95 سنت/كيلووات ساعة لتحويل المحروقات إلى كهرباء، علما أنها كانت قد اقترحت سحب الدعوى واستئناف العمل بالمشروع بشرط تعديل الشروط الفنية ورفع الكلفة إلى 450 مليون اورو، بالاضافة إلى نحو 32 مليون أورو TVA. ويعني ذلك في رأي مارديني أمرا من اثنين: ان أرباح الشركة من سعر 2.95 سنت تعادل (أو تفوق) مجموع ما كانت تطالب به، أو أنها لم تكن واثقة من قدرتها على الفوز بالدعوى، وقد استعملتها فقط من باب التهويل ورفع قدرتها التفاوضية. ولكن في كلا الحالين، فإن كلفة الـ2.95 سنت لتحويل الطاقة هي نحو نصف الكلفة التي تدفعها حالياً الدولة اللبنانية للبواخر، وأدنى بأشواط من كلفة الإنتاج في عدد من معامل مؤسسة كهرباء لبنان
ولكن سعر الـ2.95 سنت لا يعتبره مارديني أفضل ما يمكن الدولة الحصول عليه، ويعتبره نوعا من تقسيط لتكاليف الشركة على 20 سنة، موضحا أنه كان يمكن الدولة الحصول على سعر أفضل لو أجرت مناقصة لشراء كهرباء من منتجين مستقلين للطاقة بدل إجراء مناقصة لبناء معمل ثم تحويلها إلى عقد شراء طاقة. صحيح أن دخول الشركات على خط الانتاج يخفض الكلفة، إلا أن ما يخفض تكاليف الدولة الى صفر دولار هو “السماح لشركات توزيع الكهرباء بدخول السوق وشراء الطاقة مباشرة من شركات الانتاج الخاصة مثل Avax والسفن وغيرها على سوق الجملة للكهرباء، ثم بيعها من المواطن بالمفرق كما يحصل في اوروبا وبريطانيا وغيرها، إذ تؤدي المنافسة بين المنتجين الى خفض السعر في سوق الجملة، كما تؤدي المنافسة بين شركات التوزيع الى انخفاض الكلفة على المستهلك، وهذا ما نص عليه القانون اللبناني رقم 462 الصادر عام 2002”.

إضغط هنا لقراءة المقال على الموقع النهار