لبنان: إصلاحات اقتصادية عاجلة لاستعادة النمو

بلغ الناتج المحلي الاجمالي في لبنان 54 مليار دولار قبل الأزمة، لكن اليوم تقلص إلى حوالي 20 مليار دولار، حيث اختفى 60% من الاقتصاد اللبناني. توقفت النزيف في هذا المستوى من 20 مليار دولار، ولم يعد هناك انخفاض آخر. ومع ذلك، لا يزال لبنان غير قادر على العودة إلى مستوى 54 مليار دولار، حيث تتطلب معدلات النمو الحالية المتوقعة مئة عام لاسترداد ما قبل الأزمة. لذا، لا يزال لبنان غارقًا في قاع الأزمة ولم يتمكن من الخروج منها بعد.
أصبح هناك بعض الاستقرار النقدي في الوقت الحالي، حيث لم يعد هناك انقطاع في إمدادات الوقود كما كان سابقًا، كما لم نعد نرى طوابير للحصول على البنزين. تمت معالجة بعض المسائل الحيوية في البلاد، ولكن لا تزال هناك مشاكل هيكلية قائمة مثل مشكلة المودعين، ومشكلة الكهرباء، ومشكلة الإنفاق العام، ومشكلة الإدارات العامة، والتي يجب حلها قبل الحديث عن عودة النمو الاقتصادي.
لا يزال القطاع المصرفي يشكل تحديًا رئيسيًا، حيث لا يمكن التفكير في إعادة النمو الاقتصادي قبل معالجة هذه المشكلة. ومع ذلك، يمكن اعتبار أن الجزء الأكبر من الأزمة قد انتهى، ما لم يحدث شيء غير متوقع مثل نشوب حرب شاملة.

لتحقيق الاستقرار النقدي، امتنع المصرف المركزي عن إقراض الحكومة اللبنانية بالدولار، مما أدى إلى خفض كمية النقد المتداول من 80 تريليون ليرة لبنانية إلى 60 تريليون ليرة لبنانية تقريبًا. وطالما تم الحفاظ على كمية النقد المتداول ضمن هذه الحدود، سيستمر الاستقرار النقدي. ولكن إذا طلبت الحكومة اللبنانية من المصرف المركزي طباعة الليرة اللبنانية لتمويل الزيادات في الإنفاق، فسيؤدي ذلك إلى التضخم وانهيار سعر الصرف مثلما حدث خلال الأزمة.
من جهة أخرى، يعاني لبنان من مشكلة التهرب الضريبي والجمركي على نطاق واسع، حيث لا يرغب أحد في فتح شركة رسمية بسبب الضرائب والرسوم المرتفعة. لذا، تتحول الشركات إلى السوق السوداء بدلاً من القطاع الشرعي. يجب خفض الضرائب وتبسيط الإجراءات الضريبية والجمركية لتشجيع الشركات على العودة إلى القطاع الرسمي.
كان من المقرر إطلاق المحفظة الإلكترونية لتسجيل المعاملات إلكترونيًا، ولكن لم يتم العمل عليها بشكل جدي. وفي الوقت الحالي، تسعى وزارة الاتصالات إلى منح احتكار لشركة واحدة، مما يعيد النهج القديم للاحتكارات مرة أخرى.
علاوة على ذلك، بواجه لبنان خطر الإدراج على قائمة مجموعة العمل المالي بسبب مخاطر غسيل الأموال وتمويل الإرهاب الناجمة عن الاقتصاد النقدي الكبير. وسيؤدي ذلك إلى صعوبات في جذب الاستثمارات الأجنبية وإغلاق حسابات الشركات اللبنانية في الخارج.
لا يوجد اتفاق مع صندوق النقد الدولي بسبب الخلاف حول إعادة هيكلة القطاع المصرفي. يرى صندوق النقد الدولي ضرورة إعادة الهيكلة، بينما لا تزال الحكومة اللبنانية غير مستعدة لذلك.


الأولوية الآن هي إعادة النمو في البلاد عن طريق تفكيك الاحتكارات القائمة في مختلف القطاعات. تتبع الدولة اللبنانية نهجًا يقوم على منح الاحتكارات للشركات في مجالات مثل المحفظة الإلكترونية وبث المحتوى التلفزيوني عبر الإنترنت والمعاينة الميكانيكية للسيارات. يجب السماح بتعدد مقدمي الخدمات في هذه المجالات لتحفيز المنافسة والنمو الاقتصادي.

اضغط هنا لمشاهدة المقابلة على اذاعة NBN