وليس هذا فحسب، فالخسائر التي نجمت عن حرب تموز 2006 بين مباشرة وغير مباشرة بلغت قرابة 5 مليارات دولار أي ما يوازي نحو 10 في المئة من الناتج المحلي في ذلك الوقت. وليست الإشارة هنا لحجم تكلفة الحرب، إنما لقدرة الاقتصاد اللبناني على استعادة نشاطه من جديد، لاسيما أن الدعم المالي والإنساني كان سخياً إلى حد ما على لبنان من قبل الدول المانحة والدول العربية والمنظمات الدولية. أما اليوم فأي اقتصاد سيتحمّل تكلفة الحرب؟ وأي دعم مالي سيحصّله لبنان في مرحلة يعاني فيها العالم من أزمات اقتصادية وتضخم وركود وحروب ونزاعات؟
أما القطاع السياحي الذي يُدخل إلى البلد ما يقارب 7 مليارات دولار في سنوات السلم، فإنه تعرّض لانهيار تام في صيف العام 2024 وخسر ما يقارب 90 في المئة من إيراداته.
كما لا يمكن تجاوز الخسائر التي لحقت بسوق العمل وخسارة شركات ومصانع ومعهم مئات الآلاف من اللبنانيين الذين خسروا وظائفهم، ما يهدّد فعلياً الاستقرار الإجتماعي على مدى سنوات مقبلة. ولا ننسى رزوح لبنان تحت أزمة نزوح تتجاوز كل مقدراته الاقتصادية حتى في أوقات السلم، فالبلد يستقبل قرابة مليوني نازح سوري وهي النسبة الأعلى في العالم بالمقارنة مع عدد السكان.
بالمحصلة تقف الدولة اللبنانية اليوم أمام كارثة متعدّدة الأبعاد من أزمة مالية إلى حرب تدميرية ونزوح جماعي وخسائر مالية لا تحصى، ومخاطر إغلاق المنفذ البحري بعد تعطيل نسبي للمنافذ الجوية والبرية، ولا تُدرك اليوم كيفية وتوقيت الخروج من هذه الحرب.