شكّل إعلان رجل الأعمال الإماراتي، خلف الحبتور، عن إلغاء جميع مشاريعه الاستثمارية في لبنان صدمة كبيرة، وفي السنوات الخمس الماضية، تعرّف اللبنانيون على شخصيّة اتخذت الصفة الدبلوماسية غطاءً لعمل أمني بامتياز، وهو منصب سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في بيروت، وهو حمد الشامسي.
[…]
وكان رجل الأعمال الإماراتي استثمر على مدى أكثر من عقدين من الزمن في مشاريع حيوية متنوعة شملت، فندقين، مركز تسوق، مرافق ترفيهية، وعقارات متعددة، بالإضافة إلى استثمارات كبيرة في القطاع المصرفي اللبناني، قبل أن تثير خطوة خروجه من لبنان مخاوف من أن تكون مؤشراً على توجه خليجي أوسع نحو الابتعاد عن الاستثمار في لبنان، مما يطرح تساؤلاً حول قدرة الحكومة الجديدة على تقديم ضمانات كافية للتغلب على هذه التحديات.
[…]
تعرضت استثمارات الحبتور في لبنان “لخسائر فادحة تجاوزت 1.4 مليار دولار بسبب انتهاكات واضحة لاتفاقيات الاستثمار الدولية التي تعد بتأمين بيئة استثمارية آمنة ومستقرة”، كما كشف في منشور بتاريخ 27 يناير، وذكر أن من بين هذه الانتهاكات فرض قيود مصرفية حالت دون تمكّن مجموعته من تحويل أكثر من 44 مليون دولار أميركي بحرية من المصارف اللبنانية.
وتتركز استثماراته بشكل رئيسي في القطاع الفندقي، كما يقول الباحث في المعهد اللبناني لدراسات السوق، خالد أبو شقرا، “حيث يمتلك فندقين في منطقة سن الفيل، ورغم قرار بيع أصول استثماراته تبقى هذه الأصول جاذبة للشركات العالمية، نظراً للدور المحوري الذي يلعبه القطاع السياحي في الاقتصاد اللبناني، فهو أكبر القطاعات من حيث الحجم والعوائد وتشغيل اليد العاملة.
وهو يتميز بقدرته على النهوض السريع بعد الأزمات، كما حدث في أعقاب اتفاق الدوحة عام 2008، حيث شهد القطاع انتعاشاً سريعاً بعد فترات طويلة من الجمود”.
وفيما يتعلق باحتمال تراجع الاستثمارات الخليجية بعد قرار الحبتور، يوضح أبو شقرا في حديث لموقع “الحرة” أن “الاستثمارات العربية في لبنان لم تكن كبيرة في القطاعات الإنتاجية، بما فيها السياحة، باستثناء بعض التوظيفات في القطاع المصرفي خلال فترة ما قبل انهيار عام 2019، والتي استفادت من السرية المصرفية والفوائد المرتفعة.
كما أن السياحة الخليجية بدأت بالتراجع منذ عام 2011، وصولاً إلى شبه انعدامها بسبب قضايا مثل تهريب لبنان للكبتاغون إلى الدول الخليجية، الذي أدى إلى إغلاق العديد من الأسواق الخليجية أمام المنتجات اللبنانية، ما تسبب بخسائر اقتصادية كبيرة”.
ويشير أبو شقرا إلى أن “أكبر العقبات التي تواجه القطاع السياحي في لبنان اليوم ليست فقط الأزمات السياسية والأمنية، بل الكلفة الإنتاجية المرتفعة التي تصل إلى 35% من التكاليف العامة، وهي نسبة تعيق جذب الاستثمارات بشكل كبير، وذلك بسبب غياب البنية التحتية، فضلاً عن الضرائب والرسوم العالية، لا سيما تلك المفروضة على الاستيراد”.
لذلك، يرى الباحث في المعهد اللبناني لدراسات السوق، “ضرورة فتح القطاعات الأساسية في البلاد أمام المنافسة، مثل الكهرباء والاتصالات والمياه”، مشيراً إلى أن “احتكار هذه القطاعات يؤدي إلى ارتفاع الكلفة وضعف جودة الخدمات”.
ويشدد على أن “تحقيق الإصلاحات في القطاعات الحيوية، من شأنه أن يعيد الثقة بالاقتصاد اللبناني، ويشجع الشركات العالمية والعربية على الاستثمار في القطاعات الإنتاجية، بما فيها السياحة”.
وكان رجل الأعمال الإماراتي، أكد أن لبنان يمر اليوم باختبار حاسم، مشيراً إلى أن البلاد تقف أمام مفترق طرق حقيقي. وقال في تغريدة “إما أن يعود لبنان إلى مساره الطبيعي كدولة ذات سيادة وهيبة، أو أن يغرق مجدداً في مستنقع الفوضى”، وأضاف أن الكرة الآن في ملعب العهد الجديد، “وعليه أن يثبت للجميع أن الأمل الذي وُلد مع انتخابه لم يكن سراباً”.
[…]