لطالما كان مصير كل من لبنان وسوريا متداخلاً، لا يقتصر ذلك على الروابط الجغرافية فحسب، بل يمتد ليشمل الأبعاد الاقتصادية، الاجتماعية، والسياسية. ومع تزايد النقاش حول احتمال رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، سواء بشكل تدريجي أو جزئي، يبرز تساؤل محوري حول انعكاسات هذا التغير على لبنان، الذي يعاني أصلاً من أزمات متلاحقة. فهل سيتشكل هذه العملية فرصة لتعافي لبنان، أم أنه سيُلقي بظلاله ليضيف المزيد من التعقيدات والتحديات؟
من الناحية الاقتصادية، يمكن لـ رفع العقوبات عن سوريا أن يفتح آفاقًا جديدة أمام لبنان. فلطالما كانت سوريا سوقًا رئيسيًا للمنتجات اللبنانية، ومع إعادة الإعمار المحتملة، يمكن أن تشهد الصادرات اللبنانية، خاصة في قطاعات البناء، المواد الغذائية، والخدمات، انتعاشًا ملحوظًا. كما أن عودة حركة الترانزيت عبر سوريا، والتي كانت تشكل شريان حياة للاقتصاد اللبناني قبل الأزمة، ستخفف من الأعباء اللوجستية وتخفض تكاليف الشحن، مما يعود بالنفع على المصدرين والمستوردين اللبنانيين.
إلا أن مارديني أشار إلى أنه مع رفع العقوبات عن سوريا، قد نشهد في لبنان ظاهرة تهريب عكسية، أي من سوريا إلى لبنان وذلك بسبب الجمرك المنخفض في سوريا بينما نجده مرتفعاً جداً في لبنان، ليس فقط لناحية السيارات بل أي منتج.
علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي انتعاش الاقتصاد السوري إلى عودة تدريجية للنازحين السوريين إلى بلادهم، مما سيخفف العبء الديمغرافي والاجتماعي والاقتصادي الهائل الذي يواجهه لبنان. هذه العودة يمكن أن تساهم في تخفيف الضغط على البنية التحتية والخدمات العامة وسوق العمل اللبناني.