وإذ يشدد حاصباني على أن مجلس الوزراء وافق على الخطة بالمبدأ، يشير الى ضرورة أن يكون دفتر الشروط “مبكّل” من كل النواحي. إذ لا يجوز أن نحرق المراحل ونتسرع في اتخاذ القرار”.
لماذا حصر المناقصة بالبواخر؟
من الملاحظات التي يشدّد عليها حاصباني والتي كانت أثارها عبر “النهار” سابقاً رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق الدكتور باتريك المارديني تتعلق بحصر المناقصة بالبواخر.
فحاصباني يعتبر أن ثمة تكنولوجيات لتوليد الطاقة معتمدة في دول العالم مبنية على خيارات أوسع ومنها مولدات يمكن تركيبها على البر. وسأل “لماذا رفض هذه الخيارات، ولماذا لا تكون الاحتمالات مفتوحة على خيارات عدة، بدل حصرها في خيار واحد؟”. مؤكدا أن “القوات” لم تضع ملاحظاتها إلاّ بعدما تأكدت أن ثمة خيارات اخرى يمكن تطبيقها عملياً في لبنان وفي فترة قصيرة”.
هذه الملاحظات تصلح للرد على ما قاله الوزير ابي خليل لـ “النهار” عند سؤالنا لماذا حصر المناقصة ببواخر الطاقة؟ إذ رأى أن البواخر هي الحل الاسرع لتأمين الطاقة، إذ أن بناء معامل الانتاج في حاجة الى 3 سنوات على الاقل عدا عن أننا في حاجة الى “نقل كميات كبيرة من الطاقة عبر محطات التحويل. لذا إرتأينا ان نستعين بالبواخر وحرصنا أن تكون قريبة من معامل الانتاج الموجودة على الساحل والتي يتوافر فيها محطات تحويل، اضافة الى أنه يمكن ايصال فيول لها بسهولة من البحر”.
واذا كان الحل الانسب برأي ابي خليل هو الاستعانة بالبواخر، فإن ذلك يعني أن الخيار وقع على شركة “كاردينيز” التركية خصوصاً أن أصحاب الشركة كانوا قد أكدوا لوفد اعلامي زار تركيا أخيراً أن شركتهم هي الشركة الوحيدة في العالم التي تصنع بواخر للطاقة على الفيول اويل والغاز الطبيعي، ولكن هذا الامر نفاه ابي خليل بدليل أن 36 شركة تقدمت للمناقصة، “علماً أننا حددنا في دفتر الشروط أن تكون قادرة على انتاج بين 400 و 500 ميغاواط وان تكون جاهزة بين 3 و6 أشهر”.
والحديث عن عدم وجود شركات عالمية تصنع مثل هذه البواخر، دفع بالبعض الى طرح أن يكون الاتفاق مع “كاردينيز” بالتراضي، “إلا ان فريقنا السياسي لم يرض، وأصرينا على اجراء مناقصة” وفق ابي خليل الذي زاد “اذا صح ما يشاع عن أنه لا يوجد إلا هذه شركة “كاردينيز”، فإن المادة 171 من قانون المحاسبة العمومية تجيز لنا الذهاب الى خيار الاتفاق بالتراضي. ولكن يجب أن نتأكد أولاً أنه يوجد غيرها”.
ولكن الاصرار على الاستعانة للبواخر حدا بمارديني الى وضع علامات استفهام خصوصاً ان ثمة شركات عدة مستعدة لتأمين 1000 ميغاواط كهرباء من معامل موجودة على الاراضي اللبنانية، وسأل “هل يتوجب على اصحاب هذه المعامل تفكيكها، ومن ثم بنائها على سفن، لكي يكون لديها حظوظ بالاشتراك بالمناقصة؟”.
واعتبر “ان فتح المناقصة لمنتجي الكهرباء في جبيل، وطرابلس، وزحلة، وجميع المناطق اللبنانية، يوفر الكهرباء للبنانيين بكلفة أقل بكثير من دون حاجة الدولة إلى دفع ايجار سفن أو الإستثمار بمعامل. والجدير ذكره، أن وزارة الطاقة لحظت هذا الحل عندما طرحت مشروع الطاقة المتجددة. وهذا الحل يكلف الدولة صفر دولار وفق ما يقول المارديني، “إذ يتحمّل القطاع الخاص عبء الإستثمار في تشييد معامل الطاقة البديلة في سياق ما يعرف بال-IPP Independent Power Producer او (NUG (Non-Utility Generator. والمفارقة التي يلفت اليها المارديني أنه “تم إهمال هذا النموذج المتقدم حينما قررت الدولة تكبّد كلفة استئجار السفن”.
ورأى ان السماح لأي شركة بإنتاج الطاقة الكهربائية وبيعها مباشرة للمواطن سيؤدي إلى زيادة إنتاج المحطات الموجودة أصلاً في لبنان وتدفق المستثمرين سريعاً، نظراً الى الطلب المرتفع على الكهرباء في مقابل الضعف في الإنتاج (12 ساعة تقنين).
كلفة خطة الكهرباء لا تزال مبهمة!
لا تقتصر ملاحظات حاصباني على المسائل التي حددها في الكتاب الذي ارسله الى مجلس الوزراء، بل ثمة تساؤلات عن كلفة “الخطة الانقاذية” التي طرحها ابي خليل. فالكلفة برأيه غير واضحة حتى الآن، وكل ما يعرفه أن ابي خليل طلب نحو 700 مليون دولار لتمويل المرحلة الاولى. فيما رد ابي خليل على السؤال بالقول “الرقم موجود، ولكن مش براسي هلق”. ولكن بعد اصرار “النهار” رد بالقول “يمكنني أن اصرّح عن كلفة الكيلوواط التي تقدر بنحو 12 سنتاً تقريبا”، إلاّ ان المعهد اللبناني لدراسات السوق قدرها بنحو 10 مليارات دولار في أقل تقدير. فهل لبنان قادر على تحمل هذه الكلفة؟