تبدأ الخطة الطارئة للكهرباء 2017 باستئجار محطات عائمة، وتمر ببناء معامل على الغاز، وشبكة ساحلية، ولا تنتهي بشراء كهرباء على الطاقة المتجددة.
تبلغ الكلفة التقديرية لإيجار السفن 850 مليون دولار سنوياً، ويرتفع سعر شراء الكهرباء من السفن إلى 200 ليرة للكيلوات ساعة (على أساس كلفة 60 دولارا لبرميل النفط). وبرأي مارديني فإن مثل هذه الأسعار المرتفعة “لن تفوز حتما اذا ما أجريت مناقصة سليمة ومفتوحة لجميع منتجي الكهرباء، بسبب توافر بدائل أفضل. ففتح المناقصة لمنتجي الكهرباء في جبيل، وطرابلس، وزحلة، وجميع المناطق، يؤمن الكهرباء للشعب اللبناني بكلفة أقل بكثير، دونما حاجة الدولة إلى دفع ايجار سفن، أو الاستثمار بمعامل. ولكن هذا لا يعني استبعاد السفن عن المناقصة، لكن الأهم هو السماح لغير شركات السفن بتقديم عروضها”.
هل الحل بـ IPP؟
بناء على كلام لنائب رئيس الحكومة وزير الصحة العامة غسان حاصباني “ان البواخر تتطلب 3 إلى 6 أشهر لتكون جاهزة، نضيف إلى ذلك شهرا إلى شهرين لمرحلة مناقصات، فيكون قد انتهى الصيف”، ما يبطل الطابع المعجل للمناقصة، ويسقط حل السفن. كما أن كلام النائب سليمان فرنجية في برنامج تلفزيوني سيذهب بالإتجاه نفسه، إذ يقول: “بعد ثلاثين عاماً من دون كهرباء، ألا يمكن الإنتظار شهرين اضافيين، من أجل إجراء مناقصة (بحسب الأصول) في دائرة المناقصات؟”.
لكن مارديني لا يرى أي داع لإضاعة الوقت على مناقصة تهدف إلى تحديد الأسعار والنوعية، ويقترح في المقابل نموذج الـ (IPP ( Independent Power Producer او (NUG (Non-Utility Generator الذي يسمح للمنتج بالبيع مباشرة للمواطن. وبرأيه ان السماح لأي شركة بإنتاج الطاقة الكهربائية، وبيعها مباشرة للمواطن، يؤدي إلى زيادة إنتاج المحطات الموجودة أصلاً في لبنان، وتدفق المستثمرين سريعاً، نظراً الى الطلب المرتفع على الكهرباء والإنتاج الضعيف (12 ساعة تقنين).
أما ضبط الأسعار والالتزام بالجودة، فيمكن تأمينه من خلال السماح للمستهلك اللبناني باختيار الشركة التي يرغب في شراء الكهرباء منها. فإذا كان ثمة مواطن في طرابلس غير راض عن خدمة كهرباء قاديشا مثلاً، يمكنه الاشتراك مع كهرباء جبيل، أو كهرباء الفيحاء.
المستهلك يراقب بنفسه، ويمتنع عن الشراء من ذوي الخدمات الرديئة، أو المكلفة، ويلجأ الى ذوي الخدمة الصالحة، والسعر المقبول، والإنتاج البيئي. يسمح هذا النموذج بالشروع في زيادة الإنتاج فوراً، وبالاستثمار سريعاً من دون الحاجة إلى انتظار مواعيد المناقصة.
وإذ يعتبر ان إعطاء الخيار للمواطنين، ورفع القيود عن المنتجين، سيؤديان إلى إطلاق منافسة تبقي السعر منخفضاً، والنوعية مرتفعة، يشير مارديني الى أن هذا هو النموذج المعتمد في المملكة المتحدة اليوم، حيث يمكن المواطن شراء الكهرباء من: IRESA Limited، أو Tonik، أوGreen Star Energy، أوOctopus Energy، أو الكثير غيرها من الشركات التي تتنافس في ما بينها.
المشكلة الأخرى التي يتحدث عنها مارديني هي موافقة مجلس الوزراء على الخطة الشاملة للكهرباء من دون معرفة الكلفة التقديرية لهذا المشروع، ومدى قدرة الدولة على تحمل هذه الكلفة. وبحسب المعهد اللبناني لدراسات السوق، فإن الخطة ستكلف 10 مليارات دولار على أقل تقدير، فما هي مصادر التمويل؟ يتوقع مارديني أن يأتي تمويل البواخر “من زيادة التعرفة، وزيادة عدد ساعات التغذية”. ويروج أن هذه الزيادة لن تؤثر سلباً على المواطن لأنها ستكون أدنى من سعر الاشتراك في المولد، إذ تراهن وزارة الطاقة على انخفاض فاتورة الاشتراك من 50 دولارا إلى 10 دولارات. ولكن وفق مارديني فإن “من يتابع طريقة عمل أصحاب المولدات، يعلم تماماً أن هذه التقديرات غير واقعية، لأن القطاع غير شرعي أصلاً، واستقطب بعض محبي مخالفة القانون وأصحاب العضلات والنفوذ”، مؤكدا “أن الخطة الطارئة لن تلغي الحاجة إلى الإشتراك، إذ أنها لا تؤمن 24 ساعة كهرباء”.
إذا سلمنا جدلا أن أصحاب المولدات سيخفضون كلفة الإشتراك إلى 10 دولارات، فكيف ستمول الدولة المراحل اللاحقة من الخطة؟ يعتبر مارديني “ان تنفيذ الخطة يعني اننا متجهون إلى زيادات متواصلة على فاتورة الكهرباء، وارتفاع حاد للضرائب بسبب سياسة دعم الكهرباء، وتدهور فادح بميزانية الدولة، وتراكم غير مسبوق للديون. فالكلفة الخيالية لهذه الخطة تنذر بسقوط الهيكل على رؤوس الجميع. وفي المقابل ان اعتماد الـ IPP يكلف الدولة صفر دولار استثمارات بدل الـ10 مليارات دولار، إذ أن كلفة إنشاء المعامل يتحملها القطاع الخاص، بدل أن تدفعها الدولة للقطاع الخاص من جيوب المواطنين”.
اشترط مجلس الوزراء المصادقة على كل مرحلة من مراحل هذه الخطة، وهو أمر صحي، برأي مارديني، إذ يمكن من خلال مراقبة المجلس التأكد من أن الأموال الطائلة ستصرف على النحو المخطط له. إلا أنه في المقابل وبالاستناد الى التجارب الماضية يمكن أن تكون الخطة محكومة بالتجاذب السياسي، بما يعرقل التنفيذ حتماً. هذا التجاذب منع إعادة تأهيل معمل الزوق، وتنفيذ محطة دير عمار، وتشغيل معملي الزوق، ودير عمار، وهذا ما سيمنع حتماً تنفيذ المراحل اللاحقة من خطة الكهرباء”، وفق ما يرى مارديني الذي يضيف : “بدل تصوير السفن كحل ضروري، وشرعي، وموقت، علينا الإقرار بالواقع الأليم: السفن آتية لتبقى”.
فهل سيسمح إسقاط الطابع الموقت لاستقدام السفن أخيراً بمناقشة عقلانية للجدوى الاقتصادية للمحطات العائمة؟