لم تكن تجربة لبنان في ادارة قطاع الكهرباء موفقة، بدليل أن قطاع الكهرباء مسؤول عن هدر 36 مليار دولار أي 45% من الدين العام الذي قارب الـ 80 مليار دولار. وإذا كانت وزارة الطاقة (وزارة الوصاية على مؤسسة كهرباء لبنان) تتولى “وضع السياسة العامة ووضع المخطط التوجيهي العام للقطاع، واقتراح القواعد الشاملة لتنظيم الخدمات المتعلقة بإنتاج ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية والإشراف على التنفيذ، واقتراح مشاريع القوانين والمراسيم للقطاع، واتخاذ الإجراءات المتاحة بما فيها تأمين التوزيع”، إلاّ أن البعض يرى أن الوزارة تعرقل نمو القطاع بما أدى الى تسبّبها بعجز في الموازنة نسبته 30%… وأكثر، يعتبر رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق الدكتور باتريك مارديني، أن وزارة الطاقة هي وزارة هدر انطلاقاً من كونها تمنع دخول الشركات الخاصة الى قطاع الانتاج لربطها دخولهم بمناقصة شروطها صعبة جداً، “بمعنى آخر أنه اذا ربحت أي شركة في المناقصة فإن ذلك يعني إنتفاء حظوظ الشركات الاخرى بالدخول الى السوق”… وتالياً فإنه “حتى لو كانت المناقصة نزيهة وتتمتع بالمعايير، فإنها لا تزال تعتبر غير عادلة”. اضافة الى ذلك، يعتبر قطاع الكهرباء مسؤولاً عن هدر 36 مليار دولار أي 45% من الدين العام، أي بمعنى آخر “هذا الهدر سببه وزارة الطاقة كونها وزارة الوصاية”، وفق ما يقول مارديني الذي يدعو الى الغائها وتسليم القطاع الى هيئة ناظمة تسهل دخول الشركات اليه. ويستند مارديني الى تجارب عدة في العالم ليثبت أهمية فتح القطاع أمام الشركات الخاصة، فيشير الى أنه في بريطانيا يوجد مجموعة من الشركات تتنافس لإنتاج الكهرباء، اما في لبنان فهناك مؤسسة واحدة تحتكر الانتاج، وتوفر للبنانيين 12 ساعة تقريبا يومياً. ويسأل “لماذا لا نسمح لشركات جديدة تدخل السوق وتؤمن الكهرباء 24/24 وتبيعها مباشرة الى المستهلك (Sell Directly to the end user) أو إلى شركة توزيع، بما يجعل خيارات شراء الكهرباء أمام المواطنين متنوعة، وتالياً تجد مؤسسة الكهرباء نفسها في منافسة مع الشركات بما يحفّزها على اعطاء الخدمة الافضل. ومع الوقت اذا كانت الدولة تريد بيعها فسيكون مردودها جيداً. كما أن التجارب في هذا الاطار، أفضت في دول أخرى الى انتقال الموظفين الى القطاع الخاص فيما وجدت الدولة أن الأفضل هو خصخصة مؤسستها العامة. وإذ يشير الى أن ثمة شركات تجري خفوضات على اسعار الاستهلاك ليلاً بما يشجع المواطنين على الاستهلاك في هذا الوقت ويساعد الشركات على تأمين الكهرباء للمؤسسات والمعامل نهاراً، بما يؤدي الى ترشيد استهلاك المواطنين”، يعتبر أن هذا الامر “مفيد بيئياً للدول ومادياً للمواطنين، علماً أن كل الدول ذاهبة في هذا الاتجاه ومن بينها تركيا التي تبيعنا الطاقة”. أما قطاع النقل، فيرى مارديني انه يمكن أن يبقى تحت اشراف الدولة أو يمكن أن يؤول الى شركة خاصة على أن يبقى تحت الرقابة، في حين يمكن وضع الجزء المتعلق بصيانة الشبكة تحت إدارة وزارة الاشغال والجزء المتعلق بالرقابة على الشبكة يمكن وضعه تحت ادارة وزارة الاقتصاد. أما الجزء المتعلق بالانبعاثات فيمكن أن يكون بيد وزارة البيئة. وبرأيه “في حال نجحت هذه الخطة لإدارة قطاع الكهرباء، فإنه لا ضرورة للإبقاء على وزارة الطاقة، على أن تستبدل بهيئة ناظمة تابعة لوزارة الاقتصاد هدفها تحفيز الشركات الدخول الى قطاع الكهرباء، وتنظيم عمل الشركات التي تختار استخدام الشبكة على أن تجبرها على وصل معاملها على نفقتها أو على نفقة الشركة التي ستدير الشبكة، مع وضع بعض الشروط منها أن تدفع للدولة بدل ايجار استخدام الشبكة”.