هل يمكن تعميم تجربة الخليج في المياه على لبنان؟

هل يمكن تعميم تجربة الخليج في المياه على لبنان؟

على الرغم من ندرة المياه في الدول الخليجية، إلا أنها استطاعت توفير المياه لمواطنيها عبر تحليتها، في حين أن لبنان الذي تتوافر فيه ثروة مائية ضخمة تبلغ 4.5 مليار مكعب متر لا يفيد منها يهدر معظمها في البحر. استطاعت دول مثل الإمارات والسعودية وقطر والكويت توفير كميات ضخمة من المياه عبر تشجيع منتجين مياه مستقلين (Independent Water Producers-IWP) دخول القطاع،اذ كان على هذه الشركات ضخ المياه داخل الشبكات والتنافس على إعطاء الكلفة الأقل. ونظرا الى صعوبة توفرها في تلك الدول لجأت هذه الشركات الى تحلية مياه البحار وتنقيتها، وبهه الطريقة جذبت الدول الخليجية استثمارات بمليارات الدولارات الى القطاع دون أن تتحمل اي أعباء. فهل يمكن تعميم هذه التجربة على لبنان؟

منذ انتهاء الحرب الأهلية، تحاول الجهات المعنية في لبنان حل المشكلة بوضع خطط جديدة وصرف أموال هي بغنى عن صرفها، بدءا بـ”خطة الأفق 2000″، مرورا بالاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه والصرف الصحي وصولا الى المخطط الاستثماري لمؤتمر سيدر اليوم. ولكن هذه الخطط لم تر النور، في حين ان الحجج جاهزة لتبرير الفشل. وتراوح هذه التبريرات بين نقص في التمويل والوضع السياسي الطاغي، الى تداخل المسؤوليات وغياب الأطر التنظيمية، والعرقلة السياسية للخطط الموضوعة. في ظل هذا الواقع، برزت دراسة اعدها المعهد اللبناني لدراسات السوق تشرح فيه الحل لتوفير المياه للمواطن مماثلة لتجربة الخليج.

وفق الدراسة، يمكن للدولة السماح للقطاع الخاص المشاركة في توفير خدمة المياه المقننة منذ الحرب الأهلية. والخطوة الأولى برأي المحلل الاقتصادي في المعهد اللبناني لدراسات السوق مجدي عارف تكمن في السماح للشركات بالإنتاج، حيث تقوم شركات المنتجة (IWP) بتوفير المياه سواء عبر الاستثمار بالسدود أو الآبار أو التحلية وضخها بالشبكة. ويمكن أن تستثمر هذه الشركات (لبنانية أو أجنبية) بأموالها الخاصة وبالطريقة التي تجدها أكثر فعالية لزيادة أرباحها. وأكد ان التنافس بين الشركات التي ستضخ المياه في آن واحد سيحسن من جودة الخدمة ويخفض من كلفتها، وتاليا سيؤدي الى الغاء ساعات التقنين التي يعاني منها المواطن اليوم. ثمة تخوف من أن يؤدي دخول شركات خاصة على القطاع أن الكلفة على المواطن سترتفع، إلا أن عارف يعتبر ان المنافسة بين الشركات ستخفض من الكلفة، بدليل أن ما يدفعه اليوم لقاء الصهاريج يقدر بنحو 6$ للمتر المكعب في حين يدفع للمياه المنقولة عبر الشبكات 0.7$ تقريبا. لذا فالكلفة الاجمالية لتأمين المياه اليوم مرتفعة على المواطن اللبناني وتاليا فإن من شأن دخول استثمارات جديدة أن توفر عليه جزءا كبيرا مما يدفعه اليوم. استطاعت الدولة من خلال مؤتمر سيدر تأمين 7.527 مليار دولار لقطاعي الصرف الصحي والمياه. ووعدت الدولة، كالعادة، بإنهاء المشاريع بأسرع وقت ممكن لوقف النزف الحالي للمياه. إلا أن هذه الأموال برأي عارف ستزيد من الدين العام للبنانيين ولن تحل مشكلة الهدر في الانفاق الذي يحتل فيه لبنان المرتبة 135 من أصل 138 عالميا، ولن يوفر الخبرات لمؤسسات المياه التي تنقصها، إضافة الى أن نجاح هذه المشاريع غير مضمون مستندا في ذلك الى التجارب السابقة التي لا تحصى ولا تعد… فهل ستنجح كل هذه المشاريع وبوقت سريع بعكس الاتجاه الحالي؟

إضغط هنا لقراءة المقال على الموقع النهار