تواجه مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي للحصول على مساعدات مالية، خلافات حادة بين الأطراف اللبنانية الممثلة في عملية التفاوض، بينما تسعى البلاد للخروج من أزمة مالية واقتصادية أفضت إلى عجزها عن دفع ديون خارجية مستحقة.
ويشارك من الجانب اللبناني في التفاوض مع بعثة صندوق النقد ممثلون عن ثلاث جهات رسمية، هي وزارة المالية ومصرف لبنان وجمعية المصارف اللبنانية، في ظل تناقضات حادة وخلافات عميقة بين الجهات الثلاث تعرقل تقدم المفاوضات، وتؤشر لنتائج دون المستوى المأمول.
وترغب الحكومة اللبنانية في الحصول على صفقة مساعدات بـ10 مليارات دولار، وفق برنامج تمويل من صندوق النقد الدولي، يفتح لها قنوات تمويل إضافية من بلدان ومنظمات دولية، يرافقه برنامج إصلاح اقتصادي تنفذه الحكومة بمساعدة فنية من مسؤولي الصندوق.
وانطلقت الجولة الثانية من مفاوضات صندوق النقد الدولي، الاثنين، بمشاركة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، سبقها اجتماع تنسيقي بين وزارة المالية ومصرف لبنان من أجل الخروج بملف موحد، وقالت صحيفة “لبنان24” إن الجولة استمرت أكثر من ساعة وتركزت بصورة عامة على حسابات مصرف لبنان وموجوداته، وكيفية معالجته للوضع النقدي.
وأكدت الصحيفة أنه تم الاتفاق على عقد اجتماعين آخرين الأربعاء والخميس، على أن تكون الاجتماعات دورية أسبوعيا بمعدل اجتماعين أو ثلاثة.
ونقلت صحيفة “الجمهورية” اللبنانية عن مصادر مطلعة قولها إن الحكومة اللبنانية المعنية بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي دخلت إلى هذه المفاوضات وهي مثقلة باشتباكات متزامنة مع مصرف لبنان وجمعية المصارف، وتشكيك متبادل بالأرقام والإحصائيات، إلى جانب اشتباك مع المودعين والمس بودائعهم، فضلا عن الاشتباك السياسي المتواصل مع المعارضة، ما يعني في الخلاصة أن ورقة لبنان ضعيفة سلفا في هذه المفاوضات.
وحول مصير مفاوضات الصندوق مع الجانب اللبناني في ظل هذا الانقسام وتلك التناقضات، قال المحلل الاقتصادي في المعهد اللبناني لدراسات السوق، مجدي عارف، في حديث خاص مع “عربي21″، إن صندوق النقد يعد الملجأ الأخير للدول المتعثرة، ولذلك ليس من السهل تغيير شروط الصندوق، التي تطلب أن يسبق المفاوضات إصلاحات حقيقية تشجع الصندوق على منح مساعدات مالية للدولة المتعثرة.
وأكد أن الأطراف اللبنانية التي تجلس على مائدة التفاوض مع صندوق النقد ليس أمامها خيار سوى الموافقة على شروط الصندوق، خاصة أن الخلافات بينها تضعف موقفها وتنال من مصداقيتها لدى بعثة الصندوق، وتفقدها الثقة في القدرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة.
ودعا عارف إلى ضرورة تقريب وجهات النظر بين الجهات الثلاث الممثلة في الحكومة ومصرف لبنان وجمعية المصارف، والاتفاق على موقف موحد، لضمان نجاح المفاوضات مع صندوق النقد، كما دعا إلى أهمية تتغير منهجية الدولة في تمويل المشاريع الحكومية مثل الاتصالات والماء والكهرباء، وأن تسمح بمشاركة القطاع الخاص في عمليات التمويل حتى لا تتفاقم الأزمة.
وتوقع عارف أن تتفق الأطراف اللبنانية على موقف موحد من مفاوضات صندوق النقد، وأن تتغير خطة الحكومة لتلبية شروط الصندوق، قائلا: “لا مفر من ذلك”.
وتابع: “لو فشلت المفاوضات ستنهار الليرة اللبنانية إلى مستويات لا سقف لها، وليس من مصلحة أحد أن يحدث ذلك، خاصة بعدما ذاق المواطن اللبناني ويلات تدهور سعر صرف الليرة إلى مستوي 4000 ليرة للدولار على حياته المعيشية والاقتصادية”.
ومن جانبهم، شكك لبنانيون في موافقة صندوق النقد الدولي على منح لبنان مساعدات مالية تنهي الأزمة المالية والاقتصادية الطاحنة التي تمر بها بلادهم، مؤكدين أن صندوق النقد سيعطي لبنان فقط ما يمنعها من الوصول إلى حافة المجاعة.