5 مسارات للمحاسبة وإنهاء حالة الإفلات من العقاب

5 مسارات للمحاسبة وإنهاء حالة الإفلات من العقاب

عقدت أمس 5 جهات لقاء تحت عنوان «المحاسبة عن الأزمة المالية… 5 شروط للإصلاح». والجهات هي: كلنا إرادة، المفكرة القانونية، جامعة القديس يوسف، مرصد حقوق المودعين، والجمعية الوطنية لحقوق المكلفين. وقال المجتمعون في بيان مشرك إنه «بعد ثلاث سنوات على أكبر أزمة إقتصادية واجتماعية يشهدها المجتمع اللبناني في تاريخه الحديث، والتي لم يحاسب عليها أحد حتى الآن، نجتمع اليوم للإعلان عن خمسة إصلاحات نعتبرها من المداخل الأساسية لمساءلة المسؤولين عن هذا الإنهيار ومحاسبتهم، ونتعهّد العمل على مواكبة العمل التشريعي لإقرار هذه الإصلاحات، والضغط باتجاه تطبيقها، ومراقبة حسن التنفيذ». وفي ما يلي نص البيان-المبادرة: يأتي اجتماعنا اليوم بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على بدء الإنهيار الاقتصادي والمالي المستمرّ من دون كابح، والذي ترك وراءه المزيد من الفقراء والمهاجرين والعاطلين عن العمل، وعمّق الكساد الإقتصادي وصعّب الخروج منه، نتيجة خيارات سياسية واقتصادية ومالية خاطئة ومجحفة أفضت إلى توزيع خسائر القطاع المصرفي بما يخدم مصالح قلّة قليلة من المجتمع اللبناني، في ظلّ إفلات متواصل من أي محاسبة.

المدخل إلى أي إصلاح جدّي وفعّال في القطاع المالي أي إعادة هيكلة المصارف يكون بالمحاسبة، ولو طالت، وذلك لإلزام الطبقة السياسية بالإعتراف بمسؤوليتها عن سوء إدارة الأموال العامّة والخاصّة، وتحمّل المسؤولية المترتبة عن ارتكاباتها بالتكافل والتضامن مع شركائها الماليين والمصرفيين.

بالتالي، يجب أن تشمل المحاسبة صنّاع القرار في الحكومات المُتعاقبة، والمسؤولين في القطاع العام والمصرف المركزي، ومجالس إدارة المصارف ومديريها التنفيذيين والمدققين، فضلاً عن السلك القضائي والأجهزة الرقابية لجهة الإستقصاء عن أي تقاعس أو تواطؤ محتمل، بالإضافة إلى المجالس النيابية المتعاقبة وأعضائها غير المستثنين من المسؤولية السياسية.

أي إعادة هيكلة للقطاع المصرفي قد تساهم في ديمومة الوضع الحالي هي مرفوضة، لا سيما في ظل جهوزية الطبقة السياسية واستعدادها لتجديد نفسها والاستمرار كما لو أن شيئاً لم يكن، بعد أن تكون قد صفّت المجتمع وحمّلته الخسائر وأبرأت ذمّة المرتكبين وطوت صفحة المحاسبة إلى غير رجعة.

مسؤوليتنا اليوم وطنية وهي إيقاف هذا المسار وفتح صفحة جديدة قوامها النزاهة والشفافية والمحاسبة وسيادة القانون. نحن خمس منظّمات نجتمع أمامكم اليوم لدعوتكم إلى مشاركتنا في هذه المبادرة التي تضمّ ممثلين عن نقابات المهن الحرّة، والمودعين، والقطاع الخاص، والقطاع الأكاديمي، والجمعيات الحقوقية والمبادرات السياسية. الهدف هو العمل على مراقبة ورصد حسن تطبيق القوانين الإصلاحية الأساسية التي تجعل المحاسبة أمراً واقعاً، ومواكبة العمل التشريعي والضغط على عملية صناعة القرار بما يخدم مصلحة الوطن وينقذه من أتون الفساد والفشل.

نقدّم النقاط أدناه كمداخل رئيسية لمحاسبة المسؤولين عن الأزمة المالية:

1 – التدقيق في الحسابات المصرفية المدخل الوحيد لتحديد الودائع المؤهلة

• التمييز بين الودائع ذات المصادر النظيفة والشرعية/القانونية والودائع غير الشرعية/غير القانونية التي تغطّي مالاً قذراً أو مُكتسبة بصورة غير مشروعة أو مخالفة للقوانين المرعية ولا سيما الضريبية والمالية والتجارية، هو شرط أساسي لتحديد الودائع المؤهلة للاسترداد. وحدها الودائع النظيفة/الشرعية يجب أن تكون مؤهلة لأي عملية استرداد و/أو حماية خلال تطبيق خطّة إعادة هيكلة القطاع المصرفي.

• قانون رفع السرية المصرفية أساسي في خطّة إعادة هيكلة القطاع المصرفي، للتمكّن من التدقيق في كافة الحسابات المصرفية، خاصة تلك التي تتخطّى سقفاً معيّناً، وتحديد الودائع الجديرة بالحماية و/أو المؤهلة لأي عملية استرداد ودائع، وكذلك التدقيق الجنائي ضروري في حسابات مصرف لبنان والمصارف التجارية وفي التحويلات الخارجية.

2 – التدقيق الجنائي لتحديد المسؤوليّات وكشف الجرائم المالية وغير المالية

• تحديد مصادر الأموال وتطابقها مع التشريعات المحلّية، والمعاهدات التي وقّعت عليها الدولة اللبنانية، والمعايير العالمية (معايير التقرير المشتركة CRS وسياسات مكافحة تبييض الأموال ومكافحة الفساد).

• التحقيق في العمليات المصرفية المشبوهة الناتجة عن أو المرتبطة بعمليات إفلاس احتيالي أو إساءة أمانة أو اختلاس أو غش واحتيال أو استغلال للمعلومات المميزة و/أو إفشائها أو تبييض أموال أو عمليات تهرّب ضريبي.

• التحقيق بالتحويلات المصرفية التي تمّت بعد 17 تشرين الأول 2019، بالإضافة إلى تسديد ديون القطاع الخاص والاستفادة من تعدّد أسعار الصرف.

• التدقيق بحسابات الموظّفين العموميين الذين يخالفون موجب تقديم كشوفات الذمّة المالية المنصوص عنها بقانون الإثراء غير المشروع والتصريح عن الذمّة المالية رقم 189/2020.

• تحديد الحسابات التي استفادت من الفوائد والأرباح والمكافآت المُضخّمة منذ وقوع الحساب التجاري بعجز وذلك قبل أي عملية استرداد للودائع.

3 – هيئة مصرفية مستقلّة لقيادة خطّة إعادة هيكلة المصارف وحوكمة جديدة للقطاع المالي

• يجب تعيين قيادة جديدة على مستوى حاكمية مصرف لبنان وهيئة التحقيق الخاصة وفقاً للمادة 19 من قانون النقد والتسليف (إقالة الحاكم من وظيفته لإخلاله بواجبات وظيفته أو لخطأ فادح في تسيير الأعمال).

• إخضاع لجنة الرقابة على المصارف للمحاسبة عن التقصير في دورها الرقابي والتنظيمي والعقابي تجاه استغلال بعض المصارف عملاءها وزبائنها وعدم تجاوبها مع الشكاوى المقدمة.

• إخضاع الهيئة المصرفية العليا، التي أنشئت وفقاً لأحكام القانون 28/67، للتغيير على مستوى الحوكمة على أنّ تضمّ ممثلين عن المجتمع المدني والهيئات الأكثر تمثيلاً فيه واختصاصيين مشهود لهم بخبرتهم، فضلاً عن منحها الاستقلالية اللازمة وتسليحها بالصلاحيّات المناسبة والضرورية لإدارة خطّة إعادة هيكلة القطاع المصرفي، وإلّا تشكيل هيئة خاصة لقيادة خطّة إعادة هيكلة المصارف مؤلّفة من أعضاء كفوئين وموثوقين.

• تعديل قانون النقد والتسليف لحلّ تضارب المصالح بين واضعي السياسات المالية وواضعي القواعد الإحترازية لتدارك المخاطر المالية. حالياً هناك قيادة واحدة – يسيطر حاكم المصرف المركزي عليها – لأربعة كيانات مالية: مصرف لبنان، ولجنة الرقابة على المصارف، وهيئة الأسواق المالية، وهيئة التحقيق الخاصّة.

4 – تجميد إدارات المصارف الحالية والحجز على أصولها بانتظار إقرار خطّة إعادة الهيكلة

• المصارف هي في حالة تخلّف عن السداد وفقاً لأحكام القانون 2/1967.

• الاستعاضة عن الإدارة المصرفية بما تضمّه من مجالس إدارة ومديرين تنفيذيين ومفوّضي مراقبة، بلجان إدارية تضمّ ممثّلين عن الدائنين والمودعين والمساهمين، تكون مسؤوليتها حماية أصحاب الحقوق.

• الحجز على الأصول والأموال الخاصة لأعضاء مجالس إدارة المصارف ومديريها التنفيذيين ومدقّقيها في لبنان والخارج إلى حين إنجاز التدقيق الجنائي.

5 – محاسبة صنّاع القرار في القطاع المالي

• الإسراع بإقرار اقتراحي قانون استقلالية القضاء العدلي والقضاء الإداري على نحو يضمن استقلالية فعلية للهيئات القضائية وفق المعايير الدولية، حيث لا محاسبة ولا مكافحة للفساد من دون قضاء مستقل.

• تطبيق خطّة مكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة التي أقرّتها الحكومة اللبنانية عام 2020 (تطبيقاً لقانون مكافحة الفساد في القطاع العام وإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد رقم 175/2020، وقانون التصريح عن الذمّة المالية والمصالح ومعاقبة الإثراء غير المشروع رقم 189/2020 بالإضافة إلى قانون استعادة الأموال المتأتية من جرائم الفساد رقم 214/2021) لتحديد المسؤوليّات الناتجة أولاً عن الفساد وهدر المال العام، وثانياً عن سوء الإدارة والإهمال في إدارة الموارد العامّة والودائع المصرفية واسترداد ما يمكن استرداده من أموال مهدورة ومكتسبة بصورة غير مشروعة على حساب المصلحة العامة.

• تحريك التدقيق الضريبي والتدقيق الجنائي على كافة عقود الصفقات العامة التي تمّت بين الإدارات والأشخاص الطبيعيين والمعنويين (المناقصات، استدراج العروض، الاتفاقات بالتراضي) لكشف أي هدر أو احتيال. بالإضافة إلى تطبيق قرار مجلس الوزراء رقم 17 تاريخ 12/5/2020 وخطة العمل التي اعتمدها من دون تأخير.

• تفعيل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد المنشأة بفعل القانون رقم 175/2020 وحثها على البدء بمهامها. وأول الغيث دراسة وتدقيق تصاريح الموظفين العموميين عن ذمّتهم المالية ومصالحهم.

• تفعيل الرقابة الداخلية عبر تمكين الأجهزة الرقابية مثل ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي من القيام بمهامها والإعلان عن النتائج بصورة شفّافة وطبقاً لقانون الحق في الوصول إلى المعلومات رقم 28/2017.