لم يتبقَّ سوى سلع قليلة جداً لا زالت تحظى بدعم مصرف لبنان، ومؤخراً رُفع الدعم عن حليب الاطفال، أذ أعاد وزير الصحة فراس الأبيض القرار لعدم توافر خطة قادرة على ضبط التهريب والبيع في السوق.
من ناحية أخرى، عدد من أدوية الامراض المستعصية مقطوع، ومرضى السرطان مثلا في مرمى انقطاع الدواء او توافره في السوق السوداء بأسعار خيالية، لا بل الامر أبعد من ذلك، فلا أحد يعلم مصدره ومدى جودته، هذا عوضا عمّا يشاع عن تهريب هذه الادوية الى الخارج. فهل يكون الحل برفع الدعم عن أدوية الامراض المستعصية أيضاً؟
في اتصال مع “نيوز فوليو”، يعتبر مدير المعهد اللبناني لدراسات السوق الدكتور باتريك مارديني ان “رفع الدعم عن الأدوية المستعصية يعيدها الى السوق”. ويرى “ان رفع الدعم عن الحليب هو الخطوة الاولى، لكن الخطوة الثانية التي يجب ان تكون، رفع الدعم عن أدوية السرطان والأدوية المستعصية، رحمة بالناس غير القادرة على الوصول الى العلاج وتأمين الدواء”.
إن السلع المدعومة ليست متوافرة في الاسواق في ظل وجود الدعم، كما حصل سابقاً مع عدد من السلع، بحسب مارديني. ويعتبر ان “رفع الدعم عن السلع خيار أفضل حتى للطبقات الفقيرة”.
ويشدّد مارديني على ان المهم هو ان يتواجد الدواء في الصيدليات، مشيراً الى انه “اذا لم يكن المريض قادراً على شرائه، يمكن لوزارة الصحة والمؤسسات الضامنة والجمعيات والافراد ان يساعدوا حينها، حتى لو كان سعره مرتفعا، لكن اذا لم يتوافر الدواء فلا أحد يتمكّن من تقديم المساعدة”.
ويشير مارديني الى ان “الاموال تدفع لمستوردي الادوية، لكن لا تصل الى المواطن الذي يحتاج الى العلاج، لأنها إمّا تُهرّب الى خارج لبنان او تختفي، ولا نعلم مصدر التهريب، واذا كان مصدره المستورد او الموّزع او الصيدلية او الاشخاص الذين يشترون الأدوية من الصيدلية لبيعها”.
وفي سياق متصل، يشير مارديني الى ان “مرضى السرطان لا يجدون أدويتهم، لانه مقطوع، بالتالي لا يأخذون علاجهم، ويحصلون على أدوية مهرّبة ذات نوعيات رديئة غير موثوق بها، ومن دول مختلفة، لعدم توافرها في الصيدليات”.
ويتابع: “لا خيار امام الناس الا السوق السوداء لشراء الأدوية بكلفة مرتفعة”.
من الناحية الاقتصادية والنقدية، يرى مارديني أن دعم مصرف لبنان للسلع “لم يصل الى الناس، لا بل الى التجار والمهرّبين والمدعومين الذين كانوا يحقّقون أرباحاً طائلة والشعب اللبناني لم يستفد منه”، مشيراً الى ان الاموال التي كانوا يحققون منها أرباحاً طائلة، كانت أموال المودعين، وما تبقى من أموال المودعين، وما نسمّيه احتياطي مصرف لبنان بالعملات الاجنبية”.
ويضيف: “إن فجوة مصرف لبنان، فجوة المصارف التي يتحدّث عنها الجميع، وتوزيع الخسائر يتزايد، ورغم ذلك الحليب مثلا لا يصل الى الناس لا بل الى التجار والمهرّبين والمدعومين”.
ويضيف: “السياسة التي كانت متّبعة كانت خاطئة، وهدرا للأموال، وهذه الأموال لها أصحابها، ولا تصل الى الناس التي يجب ان تصل لهم”.
ربما سبق السيف العذل، اذ شارفت أموال أحتياطي مصرف لبنان على ملامسة الخط الاحمر، وبقى الطفل ينتظر تأمين مبلغ “مرقوم” ليتناول الحليب والمريض يصبر على غضب الواقع علّه يحل الفرج ويحصل على جرعة دواء.