هل اجراءات مصرف لبنان لم تعد كافية للجم ارتفاع الدولار ؟

هل اجراءات مصرف لبنان لم تعد كافية للجم ارتفاع الدولار ؟

منذ اول العام الحالي يشهد سعر صرف الدولار قفزات كبيرة لم يشهدها من قبل والسبب معروف مجهول وان كان الخبراء الاقتصاديون يتوقعون دائماً الارتفاع المستمر للدولار ولكن في الفترات الماضية كان مصرف لبنان يتدخل عند ارتفاع سعر الصرف ويعمل على اصدار تعاميم تلجم هذا الارتفاع وان كان لفترة محدودة لكن في الايام القليلة لم نشهد اي تدخل للمركزي والدولار يستمر في الارتفاع الجنوني حتى وصل الى ارقام قياسية تخطت الـ ٦٤ الف ليرة والخوف كل الخوف ان نترحم على هذا الرقم ويصبح لدينا ارقام قياسية اخرى.

فما سر هذه التقلبات الحادة في سعر الصرف وهل لم تعد لاجراءات المصرف المركزي المفاعيل في لجم ارتفاع الدولار ام لم يعد لديه الامكانية في ذلك وتُرك الدولار ومن ورائه من اسعار والشعب اللبناني الى مصيرهم المجهول.

في هذا الاطار رأى الخبير الاقتصادي الدكتور باتريك مارديني في حديث للديار ان ارتفاع سعر صرف الدولار مرتبط بضخ الليرة اللبنانية في السوق مشيراً ان المشكلة ليس في ارتفاع الدولار بل هي في انهيار الليرة نتيجة لتزايد كمية الليرة في التداول التي كلما تزيد كميتها تخسر من قيمتها.

وعن تدخل المصرف المركزي والدور الممكن ان يلعبه في لجم ارتفاع سعر صرف الدولار رأى مارديني ان طريقة تدخل المركزي في الاسواق خاطئة اذ انه يستخدم طريقة انية مؤقتة تهدف الى لجم مؤقت لسعر الصرف وليس وسائل تدخل مستدامة مشيراً ان المركزي باستطاعته وقف لجم انهيار الليرة اللبنانية بشكل مستدام.

واوضح مارديني ان التدخل الآني للمركزي يتم عن طريق ضخه الدولارات في السوق عبر منصة صيرفة التي تحد من ارتفاع سعر صرف الدولار لفترة معينة لكن عند توقف ضخ الدولارت عبر منصة صيرفة يعاود الدولار الى الارتفاع وهذا ما شهدناه في الايام الاخيرة وبما ان لدى المركزي كمية محدودة من الدولارات لا يستطيع ان يضخ الدولارت بشكل دائم عبر المنصة فهذه الطريقة للتدخل طريقة خاطئة وغير مستدامة و تؤدي الى استقرار مؤقت في سعر الصرف تليه قفزات وثمنه يكون خسارة ما تبقى من احتياطي في المركزي او ما تبقى من دولارات المودعين اي تكبير الفجوة في مصرف لبنان.

ووفق مارديني يملك المصرف المركزي طرق مستدامة للتدخل لكنه للأسف لا يعتمدها واهم هذه الطرق وقف طباعة الليرة اللبنانية مشدداً على ان المطلوب من المركزي عدم ضخ الليرات لانه في اللحظة الذي يتوقف عن طباعة الليرة لا يعود بامكان المواطنين طلب الدولار وبالتالي كلما قام المركزي بطباعة المزيد من الليرة كلما زاد الطلب تلقائياً على الدولار وكلما زاد انهيار الليرة مؤكداً على انه اذا توقف المركزي عن طباعة الليرة فان سعر الصرف سيستقر ويتوقف انهيار الليرة.

وقال مارديني طالبنا المصرف المركزي ان يعتمد هذه السياسة منذ بدء الأزمة لكنه رفض اعتمادها بسبب مصالح سياسية وطباعة الليرة من اجل اعطائها للحكومة كي تتمكن من زيادة رواتب الموظفين التي تسببت بالمزيد من التضخم والسبب الثاني هو تسديد اموال المصارف التي اخذها المركزي منها بالدولار ويقوم بتسديدها بالليرة.

ووفق مارديني المصرف المركزي ليس عليه ان يمول اي شيئ فالمصارف المركزية لا تمول الدولة او الحكومة مشيراً انه فقط في فنزويلا وزمبابوي ولبنان المصرف المركزي يقوم بطباعة العملة من اجل تمويل الدولة في حين انه في كل الدول الطبيعية تقوم الدولة من خلال الرسوم والضرائب ومداخيلها بتمويل نفقاتها واذا لم يكن لديها ضرائب ورسوم كافية لتمويل نفقاتها فتقوم بتخفيض نفقاتها او تبحث عن طريقة لزيادة نفقاتها او تلجأ الى الاستدانة  ليس من المصرف المركزي بل من الاسواق او تصدر سندات خزينة حيث يحصل اكتتاب فيها من قبل المصارف او الجمهور او من قبل المستثمرين الدوليين”.