يعاني لبنان من أزمة خانقة في قطاع ال كهرباء، حيث تواجه مؤسسة كهرباء لبنان صعوبات جمة في تأمين الخدمة بشكل مستمر ولائق للمواطنين. ففي محاولة لحث المؤسسات العامة والبلديات على تسديد فواتيرها المتراكمة، أطلقت المؤسسة تهديدات بقطع التيار الكهربائي عنها في حال عدم الالتزام بالدفع خلال فترة زمنية محددة.
غير أن جدوى هذا الإجراء وإمكانية تنفيذه تبقى محل تساؤل، خاصة وأن قانون الموازنة منذ العام 2012 ينص على ضرورة وضع آلية لبرمجة المستحقات المترتبة على المؤسسة نتيجة سلفات الخزينة المتراكمة. وهذه الآلية يفترض أن توضع بالتعاون بين وزارتي الطاقة والمالية، الأمر الذي لم يحصل حتى الآن.
إضافة إلى ذلك، أقرت الحكومة غير قانونياً منح تراخيص لإنتاج الطاقة لفترات محدودة، وتم تمديد هذه التراخيص لشركات أخرى دون أن تُرى أي نتائج ملموسة على أرض الواقع. كما ربط قانون إنتاج الطاقة المتجددة الموزعة بشروط معقدة، كتعيين هيئة ناظمة وإنشاء مديرية للطاقة المتجددة، الأمر الذي يعرقل تنفيذه.
من جهة أخرى، يشكو المواطنون من ارتفاع كلفة الكهرباء وعدم قدرتهم على تحمل فواتير باهظة الثمن، خصوصاً في ظل زيادة الرسوم والضرائب الأخرى دون مراعاة لدخلهم المحدود. كما تثير قضية قبول الدولار لدفع فواتير الكهرباء مخاوف جدية بسبب تقلبات سعر الصرف وصعوبة ضبط العملات المقبوضة في صناديق المؤسسات.
في المحصلة، تشير هذه الإشكالات إلى غياب سياسات وإجراءات واضحة ومدروسة لمعالجة أزمة الكهرباء بشكل جذري، والافتقار إلى رؤية استراتيجية تضمن حقوق المواطنين وتوفر لهم خدمة لائقة في هذا القطاع الحيوي. مما يؤكد ضرورة إصلاحات جذرية وتدابير صارمة لضبط هذا القطاع وفق أسس علمية وقانونية راسخة.