الدولار الى ارتفاع؟

يثار التساؤل حول استقرار سعر صرف الدولار وما إذا كان هذا الاستقرار حقيقياً أم مفتعلاً. يمكن القول إن السعر الحالي هو السعر الحقيقي الذي هو سعر السوق الحرة، أو السوق السوداء قبل أن تصبح منصة صيرفة. لا يُعتبر هذا السعر مبنياً على أساس سليم، وبالتالي لا يمكن الاعتماد عليه على المدى الطويل. فالسياسة النقدية غير مبنية على أساس متين، بل على قرارات يتخذها حاكم المصرف المركزي. تتجه هذه القرارات في الاتجاه الصحيح، لكنها غير مدعومة بقوانين، مما يجعلها عرضة للتراجع في أي لحظة، إما بقرار من الحاكم نفسه أو بضغط من الحكومة.

ان الحكومة تسير في اتجاه قد يضطرها للجوء إلى البنك المركزي مجدداً إذا استمرت في عدم كفاية إدارتها. وإذا أصر البنك المركزي على عدم إقراضها، قد يصل الأمر إلى تخلف كامل للدولة عن سداد ديونها. يُلاحظ أن الحكومة، بعد إقرار الموازنة التي ادعت فيها عجزاً صفرياً، قامت بإقرار زيادات في الإنفاق. هذا الأمر يثير الشكوك حول صحة الأرقام المعلنة ويشير إلى عدم وجود أساس سليم للسياسات المالية. يمكن توقع ارتفاع سعر الدولار في المستقبل، خاصة مع اتجاه الحكومة نحو التمسك بالسياسات التي أدت إلى ارتفاعه سابقاً. فزيادة الكتلة النقدية هي السبب الرئيسي لارتفاع سعر الدولار، والبنك المركزي هو الجهة الوحيدة القادرة على طباعة الليرة. تجدر الإشارة إلى أن الحكومة بدأت بصرف تعويضات وزيادة النفقات، مما قد يؤدي إلى مزيد من الضغط على الاقتصاد. وفي ظل عدم القدرة على جمع الأموال المطلوبة والالتزام بالمصاريف، قد تلجأ الحكومة إلى الاحتياطي أو طباعة المزيد من النقود.

.وعلى صعيد الامن، يوجد احتمالين: إما استمرار الحرب على وتيرتها الحالية، أو توسعها لتشمل لبنان بأكمله

في حال توسعت الحرب، فإن النتيجة ستكون كارثية. يعاني لبنان من محدودية البنية التحتية، حيث توجد شبكة إنترنت واحدة، وعدد محدود من معامل الكهرباء، وشبكة مياه غير كافية، ومطار واحد. هذه المركزية الكبيرة في البنى التحتية تجعل البلاد عرضة للانهيار في حال تعرضت للهجوم. أما بالنسبة لسعر الدولار، فمن المتوقع أن يرتفع في ظل هذه الظروف. سيبدأ الناس بالإنفاق بشكل أكبر لتخزين السلع في منازلهم، وستضطر الحكومة لزيادة الإنفاق على الإصلاحات الضرورية وتمويل القوات العسكرية. هذا سيؤدي إلى ضغط إضافي على الاحتياطي النقدي.

في حال لم تتوسع الحرب، سيكون التأثير النفسي أقل حدة، لكنه سيستمر على المدى البعيد. الضرر الأكبر سيكون على الاقتصاد، حيث سيتأثر القطاع السياحي بشكل كبير، مما سيؤثر بدوره على قطاعات أخرى مثل الزراعة والتجارة.

يُضاف إلى ذلك مشكلة عدم وجود بنوك مراسلة كافية في الخارج، مما يصعب عملية جلب الأموال من الخارج. هذا يضع لبنان على حافة الإدراج في قوائم الدول المحظورة مالياً. بعض الناس يقترحون التوجه نحو العملات الرقمية كحل، لكن هذا قد لا يكون كافياً في ظل الحاجة الملحة للنقد. الأزمة الاقتصادية ستزداد حدة، وسينعكس ذلك بشكل كبير على سعر الصرف.

في النهاية، قد يضطر البنك المركزي لطباعة المزيد من العملة لتمويل الحكومة، مما سيؤدي إلى انخفاض قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار والعملات الأخرى، وكذلك مقابل السلع. يُشار إلى أن هذه الأزمة كان من الممكن تفاديها لو تم اتباع سياسات اقتصادية سليمة منذ بداية الأزمة، مثل تطبيق نظام مجلس النقد أو الدولرة الكاملة. هذه الإجراءات كان من شأنها أن تحمي الاقتصاد حتى في حالات الطوارئ.

اضغط هنا لمشاهدة المقابلة على اذاعة Beirut24