يشهد لبنان أزمة متصاعدة الخطورة في ظل موجة نزوح داخلي واسعة، حيث يفقد المواطنون ممتلكاتهم وأموالهم ويكافحون لتأمين احتياجاتهم الأساسية. وفي خضم هذه الأزمة، تتعرض المحاصيل الزراعية للتلف، بينما تتصاعد تكاليف التجارة الدولية جراء الحرب في الجنوب، مما يؤدي إلى شلل في حركة الشحن البحري والجوي، ويفاقم من صعوبات النقل البري عبر المعابر المتعثرة أصلاً. وقد أدى ارتفاع أقساط التأمين بشكل حاد، مع إحجام الشركات العالمية عن التعامل مع لبنان، إلى تعطيل شبه كامل للقطاعين الصناعي والسياحي. ويتفاقم هذا المشهد القاتم في غياب أي حلول جذرية للأزمات المتراكمة التي تضرب شتى القطاعات منذ سنوات.
وتشير التقديرات إلى أن الخسائر الاقتصادية المباشرة ل الحرب الإسرائيلية قد بلغت ما بين 10 و15 مليار دولار، مع توقعات بارتفاعها مع استمرار النزاع. كما يواجه الناتج المحلي تراجعاً حاداً قد يصل إلى 20%، مما يعمق حالة الركود الاقتصادي. وفي وقت كان يُنتظر فيه أن يجلب موسم السياحة الشتوية بعض الانتعاش للقطاعات المختلفة، يأتي التوقف شبه الكامل للأنشطة ليضيف عبئاً جديداً على اقتصاد منهك.
ومع تزايد المخاوف من إطالة أمد الحرب، يتجه الشعب اللبناني نحو مستويات غير مسبوقة من المعاناة، حيث يرتفع عدد الذين يواجهون شبح الجوع في ظل غياب التدخلات الحكومية الضرورية. وفي ظل رفض الحكومة تعليق الضرائب الاستهلاكية لتخفيف الأعباء، يواصل المواطنون خسارة مدخراتهم التي تآكلت منذ أزمة 2019، مما يضاعف من وطأة التدهور الإنساني والاقتصادي.
وهكذا تجد البلاد نفسها أسيرة حلقة مفرغة من الأزمات المتشابكة، دون أي بوادر لحل قريب يوقف هذا الانحدار المتسارع. ويبقى وقف الحرب الشرط الأساسي لتجنب كارثة شاملة، مع ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذ الاقتصاد وتخفيف المعاناة عن شعب يقف على حافة الهاوية.