تكلفة إعادة إعمار سوريا 1 تريليون دولار

يمكن لسقوط الأسد  في سوريا أن يؤدي إلى تحسن الأوضاع الاقتصادية في لبنان أم أن التحديات مستمرة؟ في الواقع، هناك سيناريوهان: سيناريو أن ينجم عن هذا السقوط استقرار وعودة الإعمار، خصوصاً أن كلفة إعادة الإعمار في سوريا قد تصل إلى تريليون دولار، وهي 800 مليار دولار بحسب أحسن التوقعات، وهذا سيكون له انعكاسات إيجابية جداً على الاقتصاد اللبناني مع بعض السلبيات. أما في حال الفوضى ، فإنها ستكون تداعيات سلبية أكثر مما هي عليه اليوم. في حال استقرار الأوضاع، هناك عدة نقاط يمكن إبرازها بالأرقام، تحديداً سيكون لبنان محط انطلاق لعمليات إعادة الإعمار في سوريا، وتحديداً المناطق الشمالية، ومن غير المستبعد أن يعاد فتح مطار القليعات ويستفاد من مرفأ طرابلس، الذي بدأ التحضير نوعاً ما لعملية إعادة الإعمار في سوريا من قبل بعض الشركات. من شأن الاستقرار في سوريا أن يؤدي إلى رفع العقوبات عن النظام، وتحديداً عقوبات قيصر التي يفترض أن تكون انتهت هذا العام، إلا أنه لم يتم الحديث عن رفعها كلياً. من شأن هذا الموضوع أن يسهل على لبنان استيراد الكهرباء من الأردن بمقدار ثلاثمائة ميغاوات والغاز من مصر إلى معمل دير عمار، ما يساعد لبنان على إنتاج ثمانمائة ميغاوات من الكهرباء، تشكل حوالي خمسة وعشرين في المائة من الطاقة المنتجة أو التي يحتاج إليها لبنان. من شأن الاستقرار في سوريا أن يعيد فتح طريق العبور البري للصادرات الزراعية اللبنانية، وكان النظام قد فرض منذ العام 2020 كلفة باهظة على هذه الصادرات، وقد بلغت كلفة الشاحنة من لبنان إلى الحدود العراقية حوالي 50 دولار بعدما كانت قبل الأزمة لا تتجاوز الخمسين دولار، الأمر الذي لم يرفع فقط كلفة المنتجات اللبنانية في الأسواق العربية ويحد من قدرتها التنافسية، إنما أيضاً قلص الصادرات عبر البرية. من شأن الاستقرار في سوريا أن يعيد لبنان إلى خارطة الصادرات إلى الدول العربية، وتحديداً الدول الخليجية التي سبق ومنعت البضائع اللبنانية من دخول أراضيها، بسبب تهريب الكبتاغون الذي كان يأتي من سوريا ويمول النظام والمليشيات التابعة له، وقد خسر لبنان السوق السعودية التي تستقبل حوالي 300 مليون دولار من الصادرات اللبنانية. هناك تقديرات حكومية أشارت إلى أن الاقتصاد خسر 50 مليار دولار بسبب الأزمة السورية، لكن في المقابل استفاد لبنان من وجود اللاجئين السوريين من خلال اليد العاملة الرخيصة، وتحديداً في مجالي البناء والزراعة. في حال عاد النازحون السوريون إلى سوريا، من المتوقع أن يشهد لبنان أزمة في هذا الإطار لجهة ارتفاع كلفة اليد العاملة في مختلف الحقول الإنتاجية، ما قد يؤثر سلباً على أسعار البضائع اللبنانية وقدرتها التنافسية. هناك دعم يصل إلى لبنان سنوياً من قبل المجتمع الدولي يتراوح بين 800 مليون إلى مليار دولار لمساعدة النازحين والمجتمعات المضيفة. هذه الأموال ستنقص من لبنان بالإضافة إلى الاستثمارات السورية الهاربة من سوريا، والتي هربت إلى لبنان، إنما المشكلة بأن هذه الاستثمارات لا تعمل بالضرورة في قطاعات نظامية، إنما أكثر في قطاعات غير نظامية. الأكيد أن لبنان سيستفيد من الاستقرار السياسي في سوريا، وسينعكس عليه بطبيعة الحال استقراراً وازدهاراً. في حال لم يتم استتباب الوضع السياسي والأمني في سوريا، فسيشهد لبنان المزيد من النزوح السوريين إلى لبنان، وقد يشكل ذلك ضغطاً على البنى التحتية وسعر الصرف. عدم الاستقرار في سوريا سيجلب الكثير من المتاعب إلى لبنان، وسيقطع طريق البر الأساسي بالنسبة له، وسيحرم لبنان من الكهرباء من الأردن ومن مصر، وسيزيد الضغط على كل العوامل. الاستقرار في سوريا سيدفع السوريين تلقائياً للعودة إلى بلدهم نتيجة الازدهار وفورة الإعمار التي ستحصل. في حال لم تستقر الأوضاع في سوريا، لن تكون الحكومة اللبنانية قادرة على فعل أي شيء بالملف السوري، لأنها مستفيدة من المساعدات المالية التي تحصل عليها من الدول المانحة. إعادة فتح العلاقات الاقتصادية مع سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد يتطلب إعادة النظر في الاتفاقيات بين لبنان وسوريا، وفتح الخطوط البرية وتخفيض كلفة النقل عبر سوريا، ومكافحة التهريب الجمركي، وتنظيم العمالة السورية في لبنان.

اضغط هنا لمشاهدة المقابلة على قناة sky news عربية