يختلف المراقبون في توصيف قرار المدعي العام المالي القاضي ماهر شعيتو، القاضي بإعادة الأموال التي حُوِّلت إلى الخارج بعد 17 تشرين الأول 2019، أي منذ بدء الانهيار المالي. فبينما يعتبره البعض خطوة أولى على طريق المعالجة الصحيحة للأزمة والتسليم بضرورة توزيع المسؤوليات بين الأطراف المعنية، ينظر إليه آخرون بحذر، باعتباره تمهيداً لتسوية قانونية ما، تعيد الأموال وتقلّص الفجوة المالية، في مقاربة وُصفت بأنها تقوم على مبدأ “لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم”.
ضاهر: القرار أشبه بإنذار لإجراءات أوسع إن لم يحصل تجاوب
يوضح الأستاذ المحاضر في قانون الضرائب والمالية العامة، المحامي كريم ضاهر، في حديث لـ”الحرة”، أنّ قرار القاضي شعيتو جاء استناداً إلى قانون أصول المحاكمات الجزائية الصادر في 2 آب 2001 (المواد 18 حتى 23)، إضافةً إلى قوانين خاصة أخرى مثل قانون مكافحة الفساد، قانون حماية كاشفي الفساد، وقانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. ويشير إلى أنّ تفعيل صلاحيات المدعي العام المالي يقتضي وجود إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادة 19 من قانون أصول المحاكمات الجزائية أو القوانين الخاصة الأخرى.
[…]
مارديني: خطوة تأسيسية في معالجة الأزمة المصرفية
من جهته، يرى الخبير الاقتصادي الدكتور باتريك مارديني أنّ قرار القاضي شعيتو يُعدّ “أهم إجراء إصلاحي في ما يتعلق بالأزمة المالية المصرفية منذ عام 2019″. ويقول في حديث لـ”الحرة”: “منذ اندلاع الأزمة كان التعاطي معها شمولياً؛ فهناك من حمّل المصارف المسؤولية كاملة، وهناك من حمّل الدولة. لكن الحقيقة أنّ المصارف تتحمّل مسؤولية مباشرة عن الأموال التي جرى تحويلها إلى الخارج بعد 2019، في وقت كان المودعون ممنوعين من تحويل أموالهم. وهذه الأموال يجب استعادتها، وهو ما يجعل القرار خطوة في الاتجاه الصحيح”.
ويوضح أن الشق الآخر من الأزمة يتمثل في أن المصرف المركزي، وهو مؤسسة عامة، أقرض الدولة اللبنانية لتغطية إنفاقها العام، مثل قطاع الكهرباء، فخسر دولاراته نتيجة سياسة تثبيت سعر الصرف ودعم النفقات. هذا الجانب قلّما يتم التطرق إليه، مع أنه يعكس مسؤولية الدولة والسياسيين عن الجزء الأكبر من الأزمة.
ويؤكد مارديني أنّ قرار شعيتو يحدد مسؤولية المصارف عن تحويلات ما بعد 2019 ويسعى لاستعادة هذه الأموال، وهو ما يشكّل “مدماكاً أساسياً” في مسار المعالجة الجدية للأزمة المصرفية.