باتريك مارديني لموقع “المرده”: تصحيح الاجور غير وارد في هذه الازمة

باتريك مارديني لموقع “المرده”: تصحيح الاجور غير وارد في هذه الازمة

يوماً بعد يوم، تزداد طوابير الذل وتتنوع في بلدٍ يكاد يصبح جزيرة مهجورة بعد ان ضاقت فيه سبل الحياة وهاجر العديد من اهله بحثاً عن العيش بكرامة.
وفي وقت يترقب فيه المواطنون ما ستؤول اليه الاوضاع لاسيما بعد رفع الدعم على وقع استمرار سعر صرف الليرة بالانهيار، يتساءلون هل سيتم تصحيح الاجور وما هي الخطوات اللازمة للبدء بالتعافي الاقتصادي؟
في السياق يشير الخبير الاقتصادي باتريك مارديني في حديث الى موقع “المرده” الى انه “اذا تم رفع الدعم كلياً عن المحروقات وتم تسعيرها على اساس سعرها الحقيقي بحيث يصبح ثمن صفيحة البنزين ٣٠٠،٠٠٠ ليرة لبنانية، عندها تحل ازمة المحروقات وبالتالي ينعدم وجود الطوابير امام المحطات بعد توافر المحروقات لديها، وتنتهي تجارة الغالونات والزحمة الخانقة، وعندها تعود حركة النقل طبيعية في مختلف القطاعات الانتاجية، فتوافر البنزين والمازوت في السوق ينعكس ايجاباً على قطاع الكهرباء سواء كهرباء الدولة او المولدات ما يسمح للمصانع بإستئناف الانتاج”، لافتاً الى انه اليوم هناك جزء كبير من الشركات لا يعمل كما يجب بسبب انقطاع الكهرباء وعدم تمكن الموظفين من الوصول الى مراكز عملهم بسبب النقص الحاد في البنزين.
ورأى انه لا يخرجنا من الازمة سوى العودة الى العمل، ويضيف “الحكومة تقول انها ستبدأ بتسعير المحروقات حسب سعرها الحقيقي اعتباراً من نهاية شهر ايلول المقبل على امل ان يكونوا انجزوا البطاقة التمويلية قبل هذا التاريخ، والخوف من ان تكون البطاقة التمويلية حجة لتمديد الدعم اكثر، فكثر يستفيدون من سياسة الدعم ولا يناسبهم ايقافها”.
مارديني، وفي حديثه الى موقع “المرده” يؤكد انه “لا يمكن تصحيح الاجور من دون زيادة الانتاجية “فعلى سبيل المثال، في القطاع الخاص معظم الشركات أقفلت وتلك التي لا زالت تعمل تحاول جاهدة الخروج من هذه الازمة بأقل الخسائر الممكنة، وعليه فإن تصحيح الاجور غير وارد في هذه الازمة لان من اجره متدنّ سيخسر عمله في هذه الحالة، اذ لا قدرة للمؤسسات على رفع المعاشات”.
ويرى ان “تصحيح الاجور الان يزيد من البطالة وتسريح العمال ويؤدي الى اقفال الشركات والقطاع الخاص لا يمكنه تحمله”.
ويكمل: “الامر نفسه ينطبق على القطاع العام الذي يعاني عجزاً، وبالتالي هو لا يملك الاموال الكافية من اجل تصحيح الاجور.
وبرأي الخبير الاقتصادي، على “القطاع العام ان يفسح المجال ويسمح لمن يرغب بالتوقف عن العمل ان يتوقف. لا سيما واننا نعاني من تخمة موظفين في القطاع العام واذا ارادوا ترك العمل طوعياً يجب ان يتسهل لهم الامر وان يحصلوا على تعويضات مناسبة”.
ويتابع: “في الماضي كانت الدول تقرض القطاع العام لتغطية نفقاته، أما اليوم وبعد التخلف عن دفع الديون (سندات اليوروبوند) فلم يعد احد يقبل ان يقرض الدولة المال”. ويعتبر ان “المصدر الوحيد لتأمين العملة يبقى من خلال طباعة الليرة، الامر الذي سينعكس سلباً على المشكلة من خلال رفع الاسعار وزيادة التضخم”.
ويشدد على ان “زيادة الاجور لا يمكن ان تنفذ الا بالتزامن مع زيادة الانتاجية وذلك للحفاظ على الموظفين. والا ستكون المساوئ اكبر بكثير من المنافع”.
وعن الحلول التي يمكن اعتمادها من اجل البدء بالتعافي من الانهيار الاقتصادي يجيب “صحيح ان لبنان يعاني انهياراً اقتصادياً كبيراُ، جزء منه له علاقة بالازمة المصرفية وازمة الدين العام، فالقطاع العام بشقيه (الحكومة اللبنانية والمصرف المركزي) استدان اموالا من المصارف وهو غير قادر على ردها وبالتالي باتت المصارف عاجزة عن رد الاموال الى المودعين، ولان المصارف قلب الاقتصاد النابض فهي التي تضخ السيولة في البلد وتسهل عمل الشركات، وعليه عندما تُضرب المصارف يضرب الاقتصاد… هذا الجزء الاول من الازمة.
اما الجزء الثاني فهو متعلق بالمعالجات الخاطئة التي تعتمدها الحكومة لا سيما سياسة الدعم، والتي تعد المسؤولة عن الجزء الاكبر من الانهيار”.
ويسترسل: “بالنسبة للحلول يجب الرجوع عن السياسات الخاطئة ومنها سياسة الدعم والمرجح ان يتم وقفها الشهر المقبل، والتي اذا ما حصلت ستكون الخطوة الاولى في الاتجاه الصحيح، اما الخطوة الثانية نحو وقف الانهيار فتتمثل بإنشاء مجلس نقد يعمل على تقوية الليرة اللبنانية الامر الذي ينعكس ايجاباً على القدرة الشرائية للمواطن. كما ان وجود مجلس النقد مؤشر لبداية استقرار نقدي يمكنه ان يترافق مع استقرار مالي لانه ينظم طباعة الليرة ويحد من قدرة المصرف المركزي على اقراض الحكومة ما يؤسس لاعادة ترشيد الاقتصاد على اسس سليمة”. ويختم الخبير الاقتصادي كلامه بالقول “واليوم مع انهيار سعر الصرف انخفضت كلفة الاصول الامر الذي يفتج باب الاستثمار في لبنان من اجل اعادة احياء الانتاج في لبنان. الا ان المستثمرين لن يأتوا طالما العملة الوطنية غير مستقرة. ولا تستقر العملة بشكل جدي ومضمون الا عبر مجلس النقد والذي سيكون المدخل لاي حل”.
يبقى ان الحلول لخروج لبنان من كبوته موجودة وغير مستعصية. فهل سيتخذ المعنيون القرارات اللازمة لانقاذ البلاد والعباد ام انهم سيستمرون في سياسة الاذن الصماء؟

إضغط هنا لقراءة المقال على موقع المرده