تحمّل لبنان حتى الآن مليارات الدولارات كتكلفة لاستضافة اللاجئين السوريين. شكّل النزوح السوري إلى لبنان عبئًا اقتصاديًا ثقيلًا، ولكنه خفّف أيضًا من حدة الأزمة التي يمر بها لبنان.
أشارت تقديرات البنك الدولي في دراسة أجريت بالتعاون مع لبنان ومنظمات أخرى إلى أن التكلفة على الاقتصاد اللبناني تراوحت بين 2 إلى 3.5% سنويًا من الناتج المحلي الإجمالي. بلغت التكلفة السنوية ما بين مليار ومليار ونصف دولار أمريكي تقريبًا إذا كان الناتج المحلي الإجمالي يبلغ حوالي 50 مليار دولار.
يقدر الناتج المحلي الإجمالي اليوم بحوالي 20 مليار دولار تقريبًا، مما يعني تكلفة سنوية تقدر بحوالي 500 مليون دولار.
عند تجميع هذه التكاليف منذ بداية الأزمة حتى اليوم، تظهر أرقام ضخمة تشير إلى تكلفة النزوح السوري، بعضها مبالغ فيه والبعض الآخر مقلل من شأنه. يصعب تحديد التكلفة الناجمة عن اللاجئين أنفسهم بدقة، لأن الحرب في سوريا كان لها تأثير كبير على لبنان، ليس فقط بسبب اللاجئين.
تأثرت أيضًا جوانب أخرى من الاقتصاد اللبناني، فعلى سبيل المثال، كان لبنان يتاجر ويمتلك خطوط نقل تمر عبر سوريا للوصول إلى دول الخليج والدول المجاورة، وتوقفت وتعرقلت هذه الخطوط بسبب الحرب، مما تسبب في تكاليف أعلى للشحن البحري والتأمين. أثرت تداعيات الأزمة السورية جزئيًا على لبنان بشكل لا علاقة له باللاجئين.
كان لقطع خطوط التجارة تأثير كبير على البلد بالفعل. لذلك، لا ينبغي إلقاء اللوم كله على اللاجئين، فهناك بعض المبالغة في ذلك من وجهة نظر معينة، لكنها معقولة.
لا تمتلك الحكومة أو الجهات الرسمية حتى الآن أرقامًا دقيقة حول التكلفة الفعلية للنزوح، بغض النظر عن تداعيات الحرب.
يتم إطلاق أرقام ربما بهدف التفاوض مع الأوروبيين لدفع المزيد أو جمع المزيد من التمويل، ولكن لم تتم دراسة معمقة وحقيقية لأثر اللاجئين. يشار إلى أن الحرب السورية لها تأثير، وللتجارة تأثير أولي، وأثرت الحرب كثيرًا على السياحة في البلد، حيث كان الناس خائفين مما أضر بالاستثمار. هناك تكلفة لها علاقة بقطاع الكهرباء، حيث يبيع لبنان الكهرباء بخسارة حاليًا، وبالتالي سيزيد إضافة مليون من اللاجئين يشترون الكهرباء منه بخسارة من خسارته.
ينطبق الأمر نفسه على معالجة النفايات الصلبة، حيث يعالجها لبنان بخسارة أيضًا، فالدولة اللبنانية تدفع عليها أكثر مما تحصل عليه كعائد. تكمن مشكلة البلد في سوء إدارة هذه الأمور بنسبة 100%. يمكن اليوم بالتأكيد تحويل النزوح السوري إلى لبنان من نقمة إلى نعمة، ليس فقط من خلال التمويل الذي يحصل عليه، ولكن أيضًا من خلال إدارة هذا الموضوع بشكل أكثر موضوعية ومهنية.
لسوء الحظ، منذ بداية الأزمة وحتى اليوم، وهذا الوضع يتجدد باستمرار، كان الهدف الرئيسي هو إقناع الأوروبيين بدفع المزيد أو جمع المزيد من التمويل. لكن لا يُعرف كيف سيتم إنفاق هذه الأموال بدقة، وبالتالي حتى لو منحت مليارات الدولارات، فستضيع هدرًا.
إذا كان لدينا 80 مليار دولار من أموال المودعين ستضيع، فلن يكون مصير مليار أو مليارين أو عشرة مليارات دولارات إضافية من أموال اللاجئين بعيدًا عن مصير أموال الودائع. ذهبت أموال اللاجئين التي وصلت في بداية الأزمة، فجزء منها وصل إلى الجهات المعنية بينما ذهب الباقي إلى الحكومة.
في المقابل، وصلت بعض المساعدات العينية إلى اللاجئين أنفسهم، حيث تعلّم أطفالهم في المدارس ودفعت رواتب للمعلمين ولإدارات المدارس، ودفعت إيجارات للمالكين.