ليس توليد الكهرباء هو واجب الحكومة، بل إنّ واجبها يكمن في توفير بيئة صحية و تنافسية لرجال الأعمال والمستثمرين لتوليد الكهرباء بطريقة تمكّنهم من الربح. وبهذه الطريقة، ومع إعطاء المستهلك حرّيّة الاختيار، تقوم الشركات الأكثر إنتاجية بتقديم النوعية الأفضل للمواطن وبالسعر الأنسب. و في الواقع، تمتلك غالبية الدول المتقدمة كالولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية نظاماً حيث تتنافس العديد من الشركات الخاصة لتوليد وتوزيع الكهرباء للمستهلكين. فعلى سبيل المثال، تنتشر في المملكة المتحدة ما يصل إلى 15 شركة حيث يكون لدى الرجال والنساء الإنجليز الخيار بين شركات ك”بريتيش غاس” أو “إس إس إي”. وحرّيّة الاختيار هذه هي التي تُبقي الأسعار متدنية والجودة عالية.
وقبل نشوب الحرب الأهلية اللبنانية، كان القطاع الخاص هو المسؤول عن توليد الكهرباء في جميع أنحاء لبنان، وتحديداً “شركة كهرباء بيروت” و”لا سوسييتي دي تراموي إي دو ليكليراج دو بيروت”. ولم تقم الحكومة اللبنانية بإنشاء “شركة كهرباء لبنان” إلا في العام 1964، وقد فرضت الشركة المذكورة احتكار الدولة لقطاع الكهرباء في البلاد.
2- كيف يمكن للأسواق الحرة التعامل مع مشكلة التلوث؟
بات اليوم إنتاج وبيع الطاقة الأنظف والأكثر كفاءةً وصداقةً للبيئة أمراً غير قانوني تماماً كما هو الحال مع بقية المولدات الخاصة. إن السماح للناس بإنتاج الطاقة سيخلق في النهاية الإطار الصحيح لتطوير الطاقة الصديقة للبيئة على النحو الصحيح. وستتاح للمنتجين فرصة القيام باستثمارات طويلة الأجل وأكبر وأفضل، كما سيكون المستهلك حرّاً في اختياره وسيطالب الكثيرون بطاقة أنظف. وسيكافئ الناس منتجيهم لدى استخدامهم الطاقة الصديقة للبيئة، كما أنهم، ومن خلال الامتناع عن استهلاك مصادر أخرى للطاقة، سيعاقبون الملوثين. وستسمح هذه المساءلة المباشرة بازدهار الطاقة الصديقة للبيئة، كما أنّها ستعطي حافزا للملوثين للانتقال إلى إنتاج أكثر صحّةً وأماناً.
3- كيف يمكنك ضمان أن خصخصة قطاع الطاقة لن ينتهي بالاحتكار الأحادي أو الثنائي كما حصل في قطاع الاتصالات؟
نحن لا نطالب بخصخصة قطاع الطاقة، ما يعني بيع مؤسسة كهرباء لبنان. نحن نقوم بتضييق بحثنا للعثور على البديل الأمثل لحلّ مشكلة انقطاع الكهرباء لمدة 12 ساعة (في المتوسط). وقد تم تعديل المادة 7 من القانون اللبناني رقم 462 للسماح للمؤسسات الخاصة والمواطنين بتوفير الكهرباء، إلّا أنّهم سيحتاجون إلى ترخيص للقيام بذلك. ونحن ندفع الحكومة لمنح التراخيص لأي شخص يرغب في تقديم هذه الخدمة الحيوية والسماح لخيارات المستهلكين والأسواق بتنظيم الأمر.
كما أننا نشدّد على قضية أن يصبح هذا السوق بيئةً تنافسيةً، لا احتكاراً ثنائياً تخلقه الحكومة كما حدث في قطاع الاتصالات. ففي قطاع الاتصالات، وتماماً كما هو الحال في قطاع الطاقة، لا تقوم الحكومة بمنح التراخيص لرجال الأعمال والمستثمرين، فإذا أرادت شركات جديدة دخول السوق وتقديم خدمات الاتصالات بأسعار أفضل فإنّ الحكومة لن تسمح لها بذلك. ونحن نقول عكس ذلك، فنحن نريد أن تقوم الحكومة بمنح التراخيص للجميع دون أيّ قيد أو شرط.
4- كيف ستوقف “مافيات أصحاب المولدات” في لبنان، والتي ستستخدم العنف والسلطة السياسية لمنع المنافسة؟
إنّ زحلة مثال مضاد على ذلك. فعلى الرغم من ردود الفعل العنيفة من بعض أصحاب المولدات الخاصة، كان المواطنون يدركون جيداً، وكانوا يريدون أسعاراً أرخص، لذا فقد كانت المعركة معركة حياة أو موت ل”المافيات” التي خسرت في نهاية المطاف. وعندما لا يكون لدى الناس بديل، يمكن لأصحاب بعض المولدات الخاصة فرض إرادتهم فرضاً، أما عندما يكون لديهم شركات بديلة وكبيرة تدخل السوق فإنّ هؤلاء لا يمكنهم مقاومة الإرادة الشعبية.
ولا تصبح المافيات قوية إلا عندما تتوقف الدولة عن إصدار التراخيص، وهذا يعني أن أي منافسة بينها تُعتبَر غير قانونية بل وقد تُهَدَّد بسهولة. أما إن لم يكن هناك أي تمييز في إعطاء التراخيص، وإذا كان بإمكان أيّ مؤسسة الشروع في توليد الطاقة، فإنّ المافيات لن يكون بمقدورها إيقاف عمل هذه المؤسسات، خاصةً عندما تكون لديها استثمارات رأسمالية ضخمة.
وقد تكون المولدات الخاصة في بعض الأماكن قوية بما فيه الكفاية لتمنع دخول منافسين إلى السوق، ولكننا نعتقد أن بإمكان الأسواق إيجاد حلٍّ لهذه المشكلة. وسترى المناطق اللبنانية التي يُسمَح فيها بدخول غير مشروط للمنافسين إلى السوق، المنفعة العامة التي تحققها من استهلاك وشراء الطاقة الكهربائية الأرخص والأنظف والأفضل، على أمل أن تنتشر أخبار الحياة الأفضل هذه إلى الشوارع والبلدات والمدن المجاورة، مُساعِدَةً في قلب توازن الطاقة على المعتدين.