معهد دراسات السوق ينظم ورشة «النواب أمام استحقاق موازنة 2019» 

معهد دراسات السوق ينظم ورشة «النواب أمام استحقاق موازنة 2019» 

نظم المعهد اللبناني لدراسات السوق ورشة عمل بعنوان «النواب أمام استحقاق موازنة 2019»، برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري وقد مثلته وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية في حكومة تصريف الأعمال عناية عز الدين.

ميشيل

افتتح الورشة رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق باتريك مارديني، فرحب بالحضور، وتوقف عند «الوضع الاقتصادي الضاغط»، معرفاً بالخبير في الشؤون الاقتصادية والضريبية وضبط الإنفاق الدكتور دانيال ميشيل الذي أشار إلى أنّ «هناك مشاكل في لبنان تحد من النمو الاقتصادي». واعتبر أنّ «ما من نقطة سحرية أن يتخطى لبنان الأزمة، ولبنان يعتمد على الواردات والاستيراد»، لافتاً إلى أنّ «القطاع الخاص هو الذي يولد الوظائف عندما ترفعون الضرائب ستحولون الاقتصاد إلى اقتصاد الظل».

وتحدث عن «سقوف الاتفاق وأنّ الهدف يجب أن يكون بشكل أبطأ عن القطاع الخاص»، ورأى أنه «عندما تضبط الاتفاق الحكومي يعني تضبط الدين، وعلينا أن نعالج هذه المسائل، والقطاع الخاص ينمو أكثر من الحكومي». ودعا إلى «إقامة قواعد مواظنة متوازنة، وعندما يكون الاقتصاد ضعيفاً يجب تخفيف الإنفاق».

ورأى أنّ «سقف الإنفاق هو فكرة جيدة».

وأعطى أمثلة على ذلك في بعض بلدان أوروبا، معتبراً أن «الحكومات الصغيرة أمر مهم»، وأعلن أنه «يحبذ الحكومات الصغيرة، والقاعدة المالية التي تعمل في العالم هي السقف الإنفاقي، وهذا حيوي بأن يحصل في لبنان ولبنان في الأزمة».

مارديني

بدوره، لفت مارديني إلى أنّ «الوضع الاقتصادي سيئ ولكن الأخطر هو الديون»، وشرح بالأرقام «خطر الإفلاس في لبنان وأكبر خطر الإفلاس هو في القريب العاجل، ونحن نعيش أخطر مرحلة في تاريخ لبنان»، وتحدث عن «الفائدة على سندات الخزينة والأسواق ليست لديها ثقة بأننا قادرون على رد القروض».

وتناول مؤتمر «سيدر» والقروض والإصلاحلات»، ودعا إلى «وجوب تخفيف النفقات»، لافتاً إلى أنّ «ما يحصل يعني أننا سنذهب إلى إنفاق أكثر».

وسأل: «كيف سنحسن البنى التحتية من دون زيادة نفقات الدولة؟ وهل نستطيع إصلاح الخدمات من دون أن تدفع الدولة؟ لتقم الشركات الخاصة بإنشاء الأوتوسترادات وإقامة السدود ولتتنافس الشركات، فهذه حلول تستطيع أن تؤمن التحسين الجدي للبنى التحتية».

ممثلة بري

ثم كانت كلمة لممثلة الرئيس بري الوزيرة عز الدين استهلتها بالقول: «كلّ الشكر لدولة رئيس مجلس النواب على تشريفي بتكليفي تمثيله في هذه الورشة التي تتناول إحدى أهم القضايا في لبنان اليوم وهي الموازنة.

الموازنة التي يفترض أن تكون إجراء طبيعياً وعادياً ودورياً تقوم به الحكومة، تحولت في لبنان إلى حدث منتظر واستحقاق استثنائي بسبب عدم إعدادها لمدة 11 عاماً على التوالي. ويسجل للحكومة الحالية أنها وضعت حداً لهذا المسار من خلال إعداد الموازنة في العام الماضي. ويسجل لوزارة المال أنها أنجزت الحسابات المالية للدولة التي كانت الحكومات المتعاقبة قد امتنعت عن إنجازها طوال ربع قرن.

ويسجل لهذه الحكومة ووزارة المال تحديداً أنها ذهبت إلى إجراءات ضريبية لم يجرؤ أحد على خوضها ربما منذ الاستقلال من خلال فرض ضرائب على الشركات المالية والمصارف. إنّ هذا التوجه يؤدي، إذا ما استتبع بخطوات أخرى، إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية لأنه يعيد توزيع الثروة من خلال فرض الضريبة على ذوي الدخل المرتفع الذين يستفيدون أكثر من مقدرات الدولة والمجتمع».

وأضافت: «اليوم يتحضر مجلس النواب لمناقشة الموازنة المقبلة ولأجل ذلك نجتمع بمبادرة من المعهد اللبناني لدراسات السوق في حضور خبراء دوليين ولبنانيين، إضافة إلى السيدات والسادة النواب.

كما تعلمون، فإنّ الوظيفة الأساسية والتي لأجلها أنشئت مجالس النواب هي الرقابة على الإنفاق المالي وهي مهمة تعتبر جوهر العملية الديموقراطية، كما أنها إحدى أهم العمليات التشريعية والرقابية لمجالس النواب والتي تعكس الرؤية الاقتصادية للحكومة وسياساتها الاقتصادية والمالية والاجتماعية والتربوية والثقافية والصحية».

وتابعت: «اعتقد أنّ لب المشكلة في لبنان يكمن في هذه النقطة تحديداً. لأننا، ومنذ أعوام طويلة، نضع مشاريع الموازنة في ظل غياب الرؤية الاقتصادية الشاملة التي تتحدد على اساسها سياسات الدولة في مختلف القطاعات. وهذه النقطة لطالما أشار إليها دولة الرئيس نبيه بري في الكثير من المحطات والمناسبات. كما أنني تحدثت عنها خلال الأسبوع الماضي في ورشة عمل عن قانون النفايات، فضلاً عن طرحي لهذا الموضوع طويلاً خلال إحدى الجلسات الأولى لـ»حكومة استعادة الثقة». إلا أننا وحتى اليوم ما زلنا نفتقر إلى القرار السياسي الذي ينتج رؤية اقتصادية واضحة لهذا البلد».

وقالت: «يبدو أنّ هناك تردُّداً أو خوفاً من المعنيين باتخاذ القرار الذي يحول الاقتصاد اللبناني من الاقتصاد الريعي «الكسول» وغير القابل للاستمرار والذي يركز الثروة في يد القلة، إلى الاقتصاد الانتاجي. وكأنّ التجارب الماضية والتي أثبتت عقم الخيارات الاقتصادية التي حكمت منذ الاستقلال حتى الآن، لا بل كارثيتها، لم تشكل عبرة للمعنين. ولعل حجم الدين العام الذي يتفاقم سنة بعد اخرى هو أحد أوضح المؤشرات الخطيرة وهو اقترب من الـ80 مليار دولار في أحسن التقديرات – كما تعلمون إنّ الرقم، كما قال دولة الرئيس سليم الحص، لا يزال وجهة نظر في لبنان، وهناك الكثير من الأرقام التي تطرح والتي تفوق بكثير رقم الـ80 مليار دولار – خصوصاً إذا نظرنا إلى نسبة الدين من الناتج المحلي وهي نسبة من بين الأعلى في العالم».

وأشارت إلى «أنّ النظام الاقتصادي المعتمد كان أحد أسباب نشوب الحرب الأهلية السيئة الذكر أو على الأقل شكل أرضاً خصبة لها. كما أن استمراره أدى إلى دخولنا في حلقة مفرغة من الأزمات الاقتصادية والمالية المتتالية وصولاً إلى اليوم حيث الأصوات ترتفع محذرة من الأسوأ».

أضافت: «إنّ إعادة النظر في البنية الاقتصادية القائمة لم تعد ترفا بل هي ضرورة تمليها الوقائع الحاكمة. إنّ اعادة النظر هذه يجب أن ترتكز على أربع مرتكزات:

– الأول الانتقال إلى الاقتصاد المنتج مع الابتكار في مجالات الإنتاج – واللبنانيون مبدعون ومبتكرون .

ـ الثاني إطلاق عملية حقيقية وحديثة للإصلاح الإداري، وقد وضعنا في وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي باعتبارها خطوة متقدمة على طريق الإصلاح الإداري.

ـ الثالث: قرار حازم بمكافحة الفساد، وقد وضعنا أيضاً في الوزارة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.

ـ الرابع: إقرار نظام ضريبي أكثر عدالة.

ـ الخامس: تنظيم العلاقة بين القطاعين العام والخاص بما يساهم في تطوير الاستثمارات في البنى التحتية والخدمات العامة ووضع التشريعات الضرورية التي تساهم بعلاقة تؤمن مصلحة المواطن اللبناني وتحفظ الحقوق الأساسية للمواطن وتحفز القطاع الخاص».

وأشارت إلى أنّ «هذه المسارات ستقود في حال اعتمادها إلى موازنات أكثر توازناً وشفافية وأقل عجزاً. موازنات تفتح آفاق التنمية والنمو بالتوازي وتنتج مشاريع وبرامج تضع حداً لنسب الفقر المتفاقمة وتخفف من نسب البطالة المستشرية وتفتح مسارات حلول للازمات المتراكمة. وهذا هو عنوان الألفية للتنمية المستدامة وهو الشمولية في التنمية».

ولفتت إلى «أنّ المواطنين اللبنانيين يعانون على مختلف المستويات، واعتقد أننا كلنا متفقون أن الأوضاع وصلت الى حدود خطيرة وأن المجلس النيابي الحالي يجب أن يكون على مستوى التحديات. وهو اليوم المؤسسة الأكثر نشاطاً في ظل غياب حكومة فاعلة ونحن نشهد ورشة تشريعية مهمة يمكن أن يكون لها أثر إيجابي على الوضع الاقتصادي وعلى تشجيع الاستثمار وتحسين بيئة الأعمال. وقد أقرت أخيراً قوانين مهمة ومتطورة مثل قانون المعاملات الإلكترونية وهو خطوة لتحفيز الاقتصاد الرقمي في لبنان، وهناك تحضيرات لإقرار القانون الذي يصر دولة الرئيس بري عليه وهو قانون تشريع زراعة القنب في لبنان واستخداماته الطبية والصناعية ـ بالطبع الموضوع يحتاج إلى درس ووضع كل الضوابط اللازمة لتحويله إلى مورد اقتصادي يساهم في عملية التنمية والإنتاج. كما أننا معنيون بمواكبة قرارات مؤتمر «سيدر» التي يفترض أن تكون أولوية لدى الحكومة العتيدة المنتظرة خلال عشرة أيام كما وعد دولة الرئيس المكلف».

كما شدّدت على «أنّ الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية يجب أن تكون الحافز الكبير والفاعل لتأليف الحكومة اليوم قبل غد، خصوصاً أنّ الناس ينتظرون التعاطي بمسؤولية من قبل المسؤولين. وإلا فإننا نذهب إلى ما لا تحمد عقباه. ومناقشة الموازنة العامة هي فرصة لوضع الأمور في نصابها الصحيح وكل الأمل أن نكون على قدر توقعات الناخبين الذين أولونا ثقتهم».

وتمنت أن «تكون هذه الورشة خطوة على هذا المسار».

بالمر

وتحدث الخبير الاقتصادي المستشار طوم بالمر عن الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان.


ثم جرى حوار وأسئلة بين النواب والدكتورين ميشيل ومارديني عن الموازنة والعجز والإنفاق.

إضغط هنا لقراءة المقال على الموقع البناء