عندما نتحدث عن إنشاء الصندوق السيادي في لبنان، يتبادر إلى أذهان الكثيرين تجربة اليونان والتي صنّفت فاشلة في أكثر من معيار.
فهل الفكرة فاشلةٌ حقًّا في أساسها؟ ما هي تداعيات الصندوق السلبية منها والايجابية على الاقتصاد اللبناني؟ هل من شأنها حقًّا استرداد أموال المودعين؟
يقول الخبير الاقتصادي الدكتور أنطوان فرح في حديثه لموقع LebanonOn إنّ “الصندوق السيادي ليس موضوعًا طارئًا نبتكره في لبنان، إذ إنّ لأكثر من دولة صندوق سيادي وفي غالبيتها حققت نجاحات وأثبتت فوائدها لدعم الاقتصاديات الوطنية في الدول كافّةً”.
هذا ورأى فرح أنه “من التبسيط غير المقبول وغير المبرر أن نعتبر أن فشل تجربة له في إحدى الدول يمكن أن يكون نموذجا للإدعاء بعدم جواز إنشاء صندوق سيادي في لبنان”.
وشدد على أنه “في لبنان وبصرف النظر عن الأزمة المالية التي نغرق فيها، من الضروري إنشاء صندوق سيادي كونه يعني شراكة بين القطاعين الخاص والعام في إدارة الثروات الوطنية وحتى في إدارة جزء من المؤسسات الوطنية”.
وأضاف: “لقد أثبت القطاع العام منذ خمسين عامًا أنه قطاع فاشل وأن كل المؤسسات التي كان يفترض بها أن تكون ناجحة ورابحة تحوّلت في القطاع العام إلى مؤسسات فاشلة وخاسرة. وتاليًا وبصرف النظر عن الأزمة الحالية وفي ما إذا كنا سنربط موضوع الصندوق بالتعويض على المودعين، ينبغي إشراك القطاع الخاص في إدارة الثروات الوطنية لنأخذ نتائج مختلفة”.
كما ونبّه إلى أنّ “الأمر لا يرتبط بحجم الاموال التي سيمنحنا اياها صندوق النقد بل بالشراكة والاصلاحات التي يمكن الاستفادة منها وبتوقيع صندوق النقد الذي يمنح لبنان ثقة عالميًا، كذلك ينطبق الأمر عينه على الصندوق السيادي والامر لا يتعلق بالمؤسسات العامة بل بديناميكية القطاع الخاص اذ ان الايرادات ستزيد بشكل مطرد وثانيًا سترتفع قيمة هذه الأملاك، وستكون الدولة هي الرابحة واللبنانيين”.
وتابع: “سيكون أمامنا المجال لاعادة الأموال الى المودعين لعدم ضرب سمعة لبنان والرساميل الخاصة التي قد تعود لتستثمر في البلد”.
وفي موضوع الـ haircut، قال: “أنا مع وضعه على اصحاب الودائع التي تفوق قيمتها ال ١٠٠ ألف دولار ليتبين ما إذا كان مصدرها نظيفًا وفي حال ذلك تردّ إلى أصحابها”.
على مقلبٍ آخر، يشير الباحث الاقتصادي والقانوني في المعهد اللبناني لدراسات السوق كارابيد فكراجيان إلى أنّ “هذا الصندوق إن تمّ تأسيسه فسيتضمن مؤسسات خاسرة أساسًا، وتاليًا المودع سيكون خاسرًا”.
من جهته، رأى أنّ “أصول الدولة محتكرة وهذا الاحتكار يخنق الاقتصاد أكثر فأكثر”.
وقال: “عجبًا كيف يتمّ العمل على إنشاء صندوق سيادي في الوقت الذي ينبغي فيه التنبه إلى السياسة النقدية، فبذلك نكون قد وضعنا الحصان أمام العربة”.
وأردف: “توهّم من ظنّ أنّ الصندوق سيتيح توزيعًا عادلًا للخسائر. فما هو إلا تعبيرٌ عن عدم رغبة الدولة بتحمل مسؤوليتها تجاه المودعين”.
هذا واعتبر أن “لا ناحية إيجابية لهذا الصندوق وهو فكرة شعبوية هدفها إيهام المودعين بعودة أموالهم.
فما ينبغي العمل عليه هو وقف الانهيار” .
وشدد فكراجيان على أنّ “المؤسسات باتت لا تساوي شيئًا على غرار شركة الكهرباء هي التي تقدم أسوأ خدمة للمواطنين بأعلى كلفة ممكنة”.
وقال:”هدف الصندوق السيادي هو التأجيل، وهو ليس إلا خصخصة لقطاعات الدولة”.
ولاحظ أن “هنالك من يطمع بأخذ قطاع لحسابه”.
وأكد أنّ “الحل الأنسب هو تحرير السوق والقطاعات الاقتصادية فضلًا عن الدولرة الشاملة، وذلك للتوحد على عملة يتم التعامل بها تعيد الضخ النقدي الى السوق اللبناني تعزز تقليص خسائر القطاع المصرفي وتوحيد الدين العام”.
هذا وشدد على أنّ “ما يحصل الآن هو استمرار لسياسة تطبيع الليرة وقد نصل إلى المساس بالإحيتاطي الإلزامي”.
وقال: “أمّا الوصول إلى احتياطي الذهب فهو الخطر بعينه. فالذهب الذي لدينا يساوي ١٨ مليار دولار والمسؤولون أنفقوا في الأساس ما يتجاوز هذا المبلغ ولا شيء يمنعهم من الإجهاز عليه”.