أكثر من مرة أعلن وزير الطاقة وليد فياض، إنجاز الوزارة رفع تسعيرة كيلوات الكهرباء، واعداً بزيادة في التغذية الكهربائية، في إطار الخطة المتكاملة التي وضعتها الوزارة. ولكن بانتظار انتهاء البيروقراطية الإدارية، وتوقيع وزارة المالية على زيادة التعرفة، يبقى السؤال الأبرز هل سيلقى مصير قطاع الكهرباء، ما وصل إليه قطاع الاتصالات من انهيار وتردي في الخدمة على الرغم من رفع التعرفة؟
سؤال حملناه إلى الخبير الاقتصادي في المعهد اللبناني لدراسات السوق أنطوني زينا، الذي لفت إلى أن لدى لبنان قدرة إنتاجية بما يقارب الـ1800 ميغاوات أي ما يعطي حوالي 16 إلى 18 ساعة من الإنتاج الكهربائي تحت تصرف مؤسسة كهرباء لبنان، مشيراً إلى أن زيادة التعرفة هي جزء من خطة وزارة الطاقة التي تعمل على زيادة القدرة الإنتاجية للمعامل، عبر بناء معامل جديدة على المدى البعيد، والسعي إلى تأمين الكهرباء من الخارج والغاز الطبيعي من الخارج، إلا أن الأرقام التي تذكر اليوم هي زيادة التعرفة بمتوسط 10 سنت في وقت أن تعرفة الكهرباء منذ تسعينيات القرن الماضي هي بالليرة اللبنانية ومع تدهور الليرة أصبحت قيمة تعرفة مؤسسة كهرباء لبنان اليوم بما يقارب الـ0.5 سنت لكل كيلووات.
وقال: “مشكلة الكهرباء الأساسية في لبنان لا تكمن في أن مؤسسة كهرباء لبنان ليس لديها القدرة الكافية، بل هي لديها القدرة على تأمين الكهرباء بين 16 و 18 ساعة، إنما الخسارات المالية التي تتكبدها المؤسسة عالية جداً وهذه الخسارات منعت من شراء الفيول الكافي لتوليد الطاقة ولاستعمال المعامل لكامل قدرتها الإنتاجية، ومن هنا فإن الكلفة التي تتكبدها كهرباء لبنان في توزيع الطاقة تصل إلى أكثر من 30 سنت على كل كيلوات ساعة، وبالتالي حتى لو تمت زيادة التعرفة إلى 10 سنت فإن الخسارة ستبقى واقعة بحدود الـ20 سنت وبالتالي فإن المشكلة لا تزال موجودة، ووجود هذه الخسارات ستمنع مؤسسة كهرباء لبنان من شراء كميات فيول كافية لتوليد الطاقة في المعامل الموجودة لديها، وستبقى التغذية على ما هي عليه اليوم أي بحدود الساعتين أو الثلاثة في اليوم.”
واعتبر زينا في حديث عبر “هنا لبنان” أن بناء معامل الجديدة قد يكون حلاً لزيادة القدرة الإنتاجية للمؤسسة، لأن المشكلة الأساسية ستبقى موجودة نظراً لعدم توفر الفيول أو الغاز الطبيعي لتشغيل المعامل، هذا فضلاً عن عدم قدرة المؤسسة على دفع صيانة المعامل، وتأمين مستلزمات مقدمي الخدمات، وبالتالي فإن خسارتها المالية كبيرة نظراً للمصاريف العالية والمداخيل المتدنية، وكل الخسارات التي تقع بها تعمل الدولة على تغطيتها من أموال الناس أو من خلال الاستدانة”.
ورداً على سؤال حول الحل لإعادة النهوض بهذا القطاع، أكد زينا أن الحل الوحيد اليوم لقطاع الكهرباء للخروج من الأزمة التي يمر بها، هو من خلال إبعاد قطاع الكهرباء عن أزمة الدولة اللبنانية وعجزها وتحرير القطاع، من خلال السماح لأي شركة بفتح معامل للكهرباء في أي منطقة تريد وبالتالي يمكن لأي شخص الاستثمار في هذا القطاع، ويسمح أيضاً بهذه الطريقة بفتح السوق والسماح للمواطن اللبناني باختيار الشركة الأنسب له لإنتاج الكهرباء، والموزع المناسب له، بعيداً عن مؤسسة كهرباء لبنان والاحتكار الذي تمارسه.