تنهال القرارات الاقتصادية على اللبنانيين من كلّ حدب وصوب، ففي غضون يومين، وبعد إقرار الموازنة، برزت عدّة بنود وقرارات ستؤثّر على الوضع عموماً وحياة اللبنانيين خصوصاً.
أُقِرّت الموازنة ومعها أُقر رفع الدولار الجمركي إلى 15 ألفاً في خطوة كان لا بد منها لرفع ايرادات الدولة وان كان لها تداعياتها ايضا وفقاً لكيفية تنفيذها ومراقبتها من قبل الدولة والأجهزة المعنية. ليَلي ذلك ما صدر عن وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل بأنّ البنك المركزي سيستخدم سعر صرف 15 ألف ليرة مقابل الدولار بدلا من 1507، بدءًا من نهاية تشرين الأوّل. فما تأثير رفع الدولار الجمركي؟ وكيف ستتأثّر الأسعار خصوصاً مع الدولار الرسمي؟
يؤكّد رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق باتريك مارديني، في حديثٍ لـ”الأنباء” الإلكترونيّة أنّ “رفع الدولار الجمركي إلى 15 ألفاً سيكون له تأثير سلبي على الاقتصاد اللبناني لأنّه سيزيد من التهريب فمن كان يعمد إلى إدخال البضائع بطريقة شرعية عبر دفع الجمرك، اليوم ارتفعت الكلفة عليه 10 أضعاف. وبالتالي ما سيحصل هو أن عدداً من الأشخاص سيتمكّن من إدخال البضائع بشكل غير شرعي عبر الحدود البرية والبحرية من دون جمرك ما يمحي المنافسة مع من يدفعونها. وهذا ما سيؤدّي حكماً إلى أن يقوى الاقتصاد غير الشرعي على الاقتصاد الشرعي الذي لن يتمكّن من الاستمرار. وسيكون أمامه حلّان إمّا أن يتّجه إلى الإقفال ما يزيد الانهيار والركود الاقتصادي وإمّا أن يستمرّ ولكن عن طريق التهرّب الجمركي. والنتيجة ستكون المزيد من التهريب والتهرّب الجمركي وتقوية القطاعات غير الشرعيّة”.
التهريب والتهرّب الجمركي سيزدادان إذاً، ولذلك “إيرادات الدولة المتوقّعة من الزيادات الجمركية لن تتحقّق” وفق مارديني، وبالتالي الإرادات ستكون أدنى من الإرادات المتوقّعة وعليه نعتبر أنّ إرادات المتوقعة مبالغ فيها وأنّ العجز سيكون أكبر.
كيف ستتأثّر الأسعار؟
يُجيب مارديني: “أسعار كلّ السلع ستأثّر بهذا القرار خصوصاً المستوردة منها، ولكن ليس حصراً، إذ أنّ سعرها سيزداد وفق نسبة الجمرك عليها، فتلك التي تبلغ نسبة الدولار الجمركي عليها 5 في المئة سيرتفع سعر 5 في المئة أمّا تلك التي تبلغ نسبة الدولار الجمركي عليها 30 في المئة مثلاً فسيرتفع سعرها 30 في المئة. ولكن الأمر لا يقتصر على ذلك فالارتفاع يشمل أيضاً السلع المحليّة ما يزيد الغلاء على المواطن”.
وفي هذا السياق، يُشير مارديني إلى أنّ “قرار رفع الدولار الجمركي خطوة بالاتجاه الصحيح واعتراف بالحقيقة، ولكن يبقى السؤال الأساسي هل سيتمكّن المودع أيضاً من سحب ودائعه على سعر الـ15 ألفاً عوضاً عن الـ8 آلاف ليرة؟”.
ويعتبر في ما يخص موضوع السعر الصرف الرسمي، أنّه لا يتعلّق فقط بالجمارك إنّما أيضاً بالمصارف والسحوبات. فعندما نعرف ما سيحصل في البنوك عندها نعرف كم سترتفع الأسعار”، خاتماً: “بالإجمال وبما أنّ العجز في الموازنة كبير فإنّنا نتوقّع المزيد من الانهيار في سعر صرف الليرة مقابل الدولار ما سيرفع الأسعار حكماً”.
الأسعار والتضخّم إلى مزيد من الارتفاع، ويبدو أنّ الليرة ستستمرّ في مسارها نزولاً، فهل تكون كلّ القرارات من دون أي فائدة؟