البطاقة التمويلية من المستفيد منها وما هي آلية توزيعها وتمويلها؟ ابي علي: ستوزع على مجمل المواطنين والموظفين باستثناء ذوي الدخل المرتفع

البطاقة التمويلية من المستفيد منها وما هي آلية توزيعها وتمويلها؟ ابي علي: ستوزع على مجمل المواطنين والموظفين باستثناء ذوي الدخل المرتفع

هل قدر اللبنانيين الجوع والفقر؟، هل مشاهد طوابير الذل اصبحت من يومياتهم العصيبة؟. سعر البنزين فاق ال70000 ليرة، ربطة الخبز وصلت الى حدود 4000 ليرة ومرشحة للارتفاع، اما الادوية فحدث ولا حرج اذ اصبحت كلمة “غير موجود” كابوسا يرافق اللبناني في رحلته للبحث عن دواء، ناهيك عن ازمة المستشفيات والمستلزمات الطبية والمختبرات. اما المواد الاستهلاكية فبورصة اسعارها تفوق بورصة سعر الدولار الذي اقترب من 18000 ليرة مع تخوف من ارتفاعه اكثر، هذا كله ولم يتم بعد رفع الدعم كليا عن كل هذه المواد وهو اصبح قريبا جدا مع نفاد الاحتياط في مصرف لبنان.

تقرير اليونيسيف لفت الى ان أكثر من 30 في المئة من الأطفال في لبنان ينامون في ببطون خاوية لعدم حصولهم على عدد كاف من وجبات الطعام، 77 في المئة من الأسر لا تملك ما يكفي من غذاء أو من مال لشراء الغذاء. 60 في المئة من الأسر تضطر الى شراء الطعام عبر مراكمة الفواتير غير المدفوعة أو من خلال الإقتراض والإستدانة. 30 في المئة من الأطفال في لبنان لا يتلقون الرعاية الصحية الأولية التي يحتاجون إليها. وقد أعربت 76 في المئة من الأسر عن تأثرها الكبير بالزيادة الهائلة في أسعار الأدوية. واحد من كل عشرة أطفال في لبنان جرى إرساله الى العمل. 40 في المئة من الأطفال ينتمون الى أسر لا يعمل فيها أحد، و77 في المئة من تلك الأسر لا تتلقى مساعدة إجتماعية من أي جهة. 15 في المئة من الأسر في لبنان توقفت عن تعليم أطفالها.
80 في المئة من مقدمي الرعاية يتحدثون عن مواجهة الأطفال صعوبات في التركيز على دراستهم في المنزل، إما بسبب الجوع أو نتيجة الإضطراب النفسي.

في ظل هذا الواقع المأسوي والصورة السوداوية لحياة اللبنانيين اقر مجلس النواب الاربعاء الماضي البطاقة التمويلية للتخفيف قدر الامكان من الازمة الاقتصادية والمالية التي انهكت كاهل الشعب اللبناني لا سيما الطبقتين الوسطى والفقيرة اللتين تخطت نسبتهما 70%. وبات 55 في المئة من الشعب تحت خط الفقر، على وقع أزمة اقتصادية صنفها البنك الدولي بين الثلاث الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر.

مستشار وزير الشؤون
من هم الذين ستطالهم هذه البطاقة وكيف ستكون آلية توزيعها، ومن اين سيتم تمويلها؟ المشرف العام على خطة الاستجابة للازمة في لبنان مستشار وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور عاصم ابي علي أوضح لـ”الوطنية” انه “تم ايكال مهام وضع آلية توزيع البطاقة التمويلية الى لجنة وزارية مؤلفة من وزراء الشؤون و المالية والاقتصاد في مهلة 15 يوما، على ان تحدد المعايير والالية والمنصة التي عبرها سيتم تقديم الطلبات”، لافتا الى ان “مجلس النواب لم يعمل على الشق التقني بل اختصر عمله على الشق القانوني وعلى فتح اعتماد. اما الشقان التطبيقي والتنظيمي فهما منوطان باللجنة الوزارية”.


وأعلن عن “منصة جديدة ستكون متاحة لجميع المواطنين لتقديم الطلبات”، مؤكدا ان “البطاقة التمويلية ستوزع على مجمل المواطنين باستثناء العائلات ذوي الدخل المرتفع والذين ليسوا بحاجة الى هذه البطاقة”. وقال: “ان عدد الحد الاقصى للمستفيدين هو 500 الف مستفيد، كما اقر مجلس النواب رغم اننا كوزارة شؤون كنا نريد ان نفيد 750 الف مواطن، على ان تعطى هذه البطاقة لكل الاسر بمن فيهم الذين استفادوا من برنامج استهداف الاسر الاكثر فقرا او مشروع قرض البنك الدولي”.

اضاف: “مجلس النواب فصل بين البرامج، واعلن ان المستفيد من برنامج الاسر الاكثر فقرا لا يحق له الاستفادة من البطاقة التمويلية، وهذا ليس كما كنا نتمنى كوزارة شؤون. لانه بالنسبة لنا المواطن الذي يحتاج الى المساعدة في ظل وجود الدعم سيحتاج الى مساعدة اضافية عندما يتم رفع الدعم. طرحنا هذا الموضوع لكن مجلس النواب رفض بسبب عدم توفر مصادر التمويل”.

واكد ابي علي “ان الموظفين هم حتما من ضمن المستفيدين من البطاقة التمويلية”، مشيرا الى “ان هذا الامر يساعد في آلية الاستهداف، فكل الوزارات والادارات العامة ستقدم البيانات التي على اساسها ستعطى البطاقة التي هي من حق كل مواطن لبناني لا يسمح دخله بتحمل الاعباء المالية المترتبة عن رفع الدعم او ترشيده”. وقال: “كل من سيتقدم بطلب الى المنصة لنيل هذه البطاقة سترفع عنه السرية المصرفية لمعرفة ما اذا كان بحاجة الى البطاقة التي يجب ان تعطى حسب الاولويات، بمعيار واضح و ثابت يمنع الاستنسابية”.

وشدد على “ضرورة توحيد المعايير، وان تكون هناك قاعدة بيانات ممكننة والكترونية، نقلص من خلالها الى الحد الادنى التدخل البشري، وبالتالي اي خطر لوجود استنسابية او محسوبية، وهذا ما يهمنا”. وقال: “سيكون هناك تعدد في جهات الرقابة على هذا المشروع من اجل اضفاء المزيد من الشفافية والموضوعية على عملية الاستهداف”.

وأشار الى ان “اللجنة الوزارية ستجتمع اليوم الاثنين في اول اجتماع لها، ويعود لها تحديد الية توزيع البطاقة على المواطنين، بمن فيهم الموظفون، حيث سيتم تحديد الية استفادتهم إما عبر اداراتهم او عبر المنصة. وتقدر كلفة البطاقة التمويلية بـ556 مليون دولار على مدى عام واحد، ومعدل البطاقة 93,3 دولارا”.

مارديني
من جهته، رأى رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق الخبير الاقتصادي باتريك مارديني ان “لبنان يمر في ازمة اقتصادية صعبة جدا، عبارة عن تزامن ازمات عدة، الاولى اقتصادية حيث نشهد نموا اقتصاديا سلبيا، ففي العام 2020 كان النمو (- 20 % ) وفي العام 2021 من المتوقع ان يكون النمو (- 6 %)، وبالتالي الاقتصاد اللبناني الى مزيد من الانحدار. لم نصل بعد الى القعر، ولا نتوقع ان نصل اليه هذا العام، فالانحدار مستمر”.

اضاف: “الازمة الثانية هي الدين العام، فالدولة اللبنانية تخلفت عن دفع ديونها وبالتالي فقدت ثقة الدائنين وهي لا تستطيع تغطية العجز عن طريق الاستدانة ولم تقم باصلاحات لتقلص نفقاتها الازمة”.

وتابع: “الثالثة هي الازمة المصرفية، فوضع المصارف سيء والمودعون لا يستطيعون سحب ودائعهم بالدولار، حيث ان المصارف تفرض قيودا على السحوبات. الازمة الرابعة التي اعتبرها مارديني الاهم هي الازمة المعيشية الناتجة عن ارتفاع سعر الدولار وتدهور سعر صرف الليرة التي ادت الى تضخم كبير جدا، وبسببه خسر المواطن اللبناني قدرته الشرائية التي انخفضت نحو 90%”.


وقال مارديني: “الدولة لجأت الى سياسة الدعم من اجل التخفيف من هذه الازمة، خصوصا على السلع الاساسية، لكن هذه السياسة اثبتت فشلها الذريع لان الدولارات التي تدعم بها الدولة هذه السلع هي للمودعين الذين لا يستطيعون سحب دولاراتهم، وهذا ادى الى لجوء الدولة الى طباعة الليرة ليسحب المودعون دولاراتهم بالليرة اللبنانية، وبالتالي مقابل هذا الدعم تتم طباعة الليرة اللبنانية التي تغذي الازمة المعيشية، لان الناس يحولون الليرة الى الدولار وبالتالي سعر صرف الدولار يرتفع، والتضخم يزيد والقدرة الشرائية تنخفض”.

واكد “ان سياسة الدعم ادت الى تغذية التضخم وارتفاع سعر صرف الدولار وزيادة الازمة المعيشية لانها تسببت بارتفاع اسعار جميع السلع غير المدعومة”، لافتا الى “ان السلع التي كانت مدعومة معظمها غير موجود في السوق، فالسلة الغذائية غير موجودة، هناك شح في مادتي البنزين والمازوت، الادوية المدعومة غير متوافرة في الصيدليات، هناك شح او انقطاع كامل للمواد المدعومة، اي ان سياسة الدعم لم تؤد فقط الى ارتفاع السلع غير المدعومة بل ادت الى فقدان هذه المواد المدعومة في السوق”.

واعتبر ان “الرجوع عن سياسة الدعم امر جيد وضروري حتى لو لم يتأمن البديل، وذلك رحمة بالمواطن، اذ ان وتيرة ارتفاع سعر الدولار ستنخفض والسلع ستتوفر في السوق”.


وعن البطاقة التمويلية، رأى مارديني “ان المشكلة الاساسية هي في تمويلها، فالحكومة تتجه الى الاحتياطي الالزامي الموجود في مصرف لبنان الذي يبلغ نحو 14 مليار دولار، لكن استخدام الاحتياطي الالزامي يساهم في زيادة الازمة، لانه يغذي ارتفاع الاسعار. نحن دخلنا في معادلة في البلد، ان انخفاض الاحتياطي الالزامي في مصرف لبنان يؤدي الى ارتفاع سعر صرف الدولار، وبالتالي ستزداد الازمات الاجتماعية والمعيشية”.

واكد “ان اي سياسة تتبعها الحكومة وتمس بالاحتياط الالزامي ستتسبب بارتفاع سعر الدولار وانهيار سعر الليرة اللبنانية وتدوير الازمة المعيشية وانخفاض القدرة الشرائية”، مشيرا الى “ان التمويل الخارجي من قبل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي للبطاقة التمويلية الذي يتم الحديث عنه هو افضل بكثير من التمويل الداخلي عبر المس بالاحتياط الالزامي الذي يزيد الازمة المعيشية”. وشدد على “ضرورة قيام الدولة باصلاحات تحمي ما تبقى من الاحتياطي الذي يحمي الليرة اللبنانية ويحافظ على قيمتها”.

وقال: “التضحية بالاحتياط الالزامي سيؤدي الى فقدان الثقة بالليرة اللبنانية، ومن الضروري ان يكون هدف اي حكومة او سلطة في البلد المحافظة على ما تبقى من اموال المودعين، اي الاحتياطي، في مصرف لبنان وعدم صرفها على المشاريع”.

ورأى “ان الاصلاح يمكن ان يقوم به مجلس النقد والكارنسي بورد الذي يسمح بزيادة حجم احتياطي العملات الاجنبية، وبالتالي يقوي الليرة اللبنانية ويثبتها وبالتالي يوقف التضخم ويخفض الاسعار ويساهم في ارساء الاستقرار في البلد. هذا الامر يجب ان يكون اولوية الاولويات لاي حكومة جدية، اذ ان حجر الزاوية للاصلاحات هو مجلس النقد والكارنسي بورد”.

اضغط هنا لقراءة المقال على موقع وزارة الشؤون الاجتماعية