بعد انشغال الرأي العام بقضية الغرامات المالية المترتبة على بواخر الفيول الراسية في البحر، انعقد مجلس الوزراء بتاريخ ١٨ -١٠-٢٠٢٣ وعاد الكلام عن خطة الكهرباء، بمسمى خطة الطوارئ المعدلة. وعقب الاجتماع، صرح وزير الطاقة والمياه وليد فياض أن الغرامات مهما بلغت من ملايين الدولارات مضافة الى تكلفة شراء الفيول اويل والغاز اويل وشحنهما “يبقى أقل مما سيتكلفه المواطنون مقارنة مع فاتورة المولدات الخاصة”، الذين شرَّع عملهم وزير الاقتصاد السابق رائد خوري. هذا هو منطق نهج اللامنطق، نهج القفز فوق القوانين والتمرد على مؤسسات الرقابة، والافلات من المحاسبة بفعل النفوذ السياسي وأثره في القضاء والإدارة، لأن المادة ١١٢ من قانون المحاسبة العمومية يحمل الوزير، لا المواطن، كلفة هذه الغرامات.
كما ان قرار مجلس الوزراء لم يعالج ازمة الغرامات التي ما زالت تتراكم على المواطن كما يلي:
- جاءت الإشارة خجولة الى موضوع الغرامات في خاتمة الفقرة الأولى من القرار، بالطلب من وزير الطاقة والمياه اجراء مفاوضات مع المورد بهدف الاعفاء من غرامات التأخير بما يتناسب والاحكام القانونية المرعية الاجراء سيما قانون الشراء العام والتوصية الصادرة عن لجنة الاشغال العامة والنقل النيابية، ورفع تقرير بالموضوع الى مجلس الوزراء للاطلاع. صحَ بهذا الطلب القول القائل دواني بالتي كانت هي الداء، وسارع الوزير فياض الى تقديم تقريره الى الاعلام قبل تبلغ القرار رسميا بالقول: سأحاول، من الناحية القانونية الامر صعب، بمعنى انه ما كتب قد كتب وليس من مكتوب الغرامات مهروب، يضيف الوزير مهما بلغت قيمة الغرامات تبقى التكلفة اقل من تكلفة المولدات في إقرار وقح منه بتحميل الغرامات للمواطن بدل تحملها من ماله الخاص كما تنص المادة ١١٢ من قانون المحاسبة العمومية.
- تمت الموافقة على استصدار مرسوم بإعطاء سلفة خزينة لفتح اعتماد مستندي بقيمة ٦٢ مليون دولار أميركي لتغطية ثمن ٦٦ ألف طن متري من الغاز اويل حمولة باخرتين ترسوان في عرض البحر، وتجنيان، الى حين تفريغ حمولتهما، ٣٦ ألف دولار أميركي يوميا، وذلك عند فتح الاعتماد الذي لن يحصل قبل استكمال التواقيع على المرسوم والتوافق على الية صدوره في زمن تفسير الدستور بما يناسب الطوائف والمذاهب.
- ُحِلَ موضوع الباخرتين اللتين تحملان الفيول اويل (أ) والفيول اويل (ب) الى اللجنة الوزارية الموسعة، التي هلل لها وزير الطاقة لعجزه منفردا عن أداء مهام وزارة الطاقة، ما يعني ان الغرامات على باخرتي الفيول (أ) و(ب) سارية بمعدل ٣٦ ألف دولا أميركي يوميا الى حين اجتماع اللجنة، وتسلمها تقارير كهرباء لبنان ثم اجتماع مجلس الوزراء واستصدار المرسوم ثم توقيعه ثم فتح الاعتماد.
- ارتضى المهندس كمال حايك ان يحول مؤسسة كهرباء لبنان من مؤسسة عامة تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلالين المالي والإداري الى وحدة إدارية تابعة لوزير الطاقة ولم يخجل من طلب اذنه لحضور جلسة مجلس الوزراء.
- اما تكاليف التشغيل والصيانة ومصاريف قطاعات الإنتاج والنقل والتوزيع البالغة ٥٤ مليون دولار، فلا يعرف الرأي العام كيف تدفع ولمن تدفع، علما ان مقولة ان المعامل مهترئة بسبب نوعية الفيول التي كانت تتسلمها المديرية العامة للنفط، على مدى أكثر من عشر سنوات، خلافا للمواصفات العالية الموضوعة للفيول في دفاتر الشروط الخاصة بصفقات الفيول، لا يزال صداها يتردد الى اليوم من قرار قاضي التحقيق الأول الى قرار الهيئة الاتهامية، في ما عرف بقضية الفيول المغشوش اهم إنجازات وزراء الطاقة المتتالين.
- يتردد عبر وسائل التواصل الاجتماعي انه تم تقريب موعد تسليم البواخر، بدل تأخيره لعدم توفر الاعتماد، من قبل وزير الطاقة. وان الامر مرتبط بالتلاعب على تغير الأسعار العالمية لجني الأرباح غير المشروعة مضافة الى الغرامات.
- جاهر رئيس مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء بالقول: لا نتعهد بشيء غير قادرين على تحقيقه، وهو يقصد تسديد سلف الخزينة التي ستعطى لمؤسسة كهرباء لبنان بموجب مراسيم تستند الى قرارات مجلس الوزراء، كما جاهر أيضا بالقول لم تطلب مؤسسة كهرباء لبنان أي سلفة، واضعا وزارة المالية امام امر واقع مخالفة احكام قانون المحاسبة العمومية بإعطاء سلف خزينة مع العلم مسبقا بانها لن ترد أي تشكل إنفاقا حقيقيا ومن دون كتاب خطي بطلبها من مؤسسة كهرباء لبنان.
في المحصلة الغرامات المالية مازالت سارية المفعول على الدولة اللبنانية بمعدل ٧٢ الف دولار أميركي يوميا، والاعتمادات المستندية المطلوبة لم تفتح لغاية تاريخه، والوزير لا يبالي باعتبار ان الغرامات مهما بلغت مضافة الى التكلفة لن تصل حد سعر بيع الطاقة من المولدات، ما يطرح ضرورة اجراء التدقيق الجنائي في صفقات وزارة الطاقة الامر الذي نادت به منذ سنوات إدارة المناقصات ليكون انطلاقة للتدقيق الجنائي في كل الصفقات العمومية تمهيدا لاستعادة الأموال المهدورة المنهوبة والخسائر التي اقر وزير الطاقة بانها تبلغ في قطاع الكهرباء مليون ونصف دولار أميركي يوميا.
وكان مجلس الوزراء قد انعقد بتاريخ ١٨ -١٠-٢٠٢٣، بعد حوالي أسبوع من اجتماع اللجنة النيابية للأشغال والطاقة في ١١-٠١-٢٠٢٣ عقب المؤتمر الصحفي لرئيس هيئة الشراء العام بتاريخ ٠٤-٠١-٢٠٢٣، الذي فجر فيه قنبلة الغرامات المالية في وجه وزير الطاقة الحالي والوزراء السابقين. وقرر مجلس التالي:
- الموافقة على إعطاء سلفة الخزينة التي تتيح فتح اعتماد مستندي لصالح شركة Vitol Baherin E.C بقيمة حوالي ٦٢ مليون دولار أميركي لتغطية ثمن شراء كمية ٦٦ ألف طن متري من مادة الغاز اويل لزوم مؤسسة كهرباء لبنان، وذلك تفاديا للخسائر المحتملة المترتبة عن التأخر في افراغ بواخر الشحن وبغية تأمين ما يلزم من محروقات لزوم معامل الإنتاج في مؤسسة كهرباء لبنان على سبيل التسوية، وعلى مشروع المرسوم المتعلق بهذه السلفة وعلى إصداره وكالة عن رئيس الجمهورية.
وعلى ان يُطلب من وزير الطاقة والمياه اجراء مفاوضات مع المورد بهدف الاعفاء من غرامات التأخير بما يتناسب والاحكام القانونية المرعية الاجراء لا سيما قانون الشراء العام والتوصية الصادرة عن لجنة الاشغال العامة والنقل النيابية، ورفع تقرير بالموضوع الى مجلس الوزراء للاطلاع. علما ان لجنة الاشغال العامة والنقل النيابية قد اوصت في جلستها المنعقدة بتاريخ ١١-٠١-٢٠٢٣ وزير الطاقة والمياه القيام بكل ما يلزم لتفادي تحميل الخزينة اللبنانية الغرامات المالية بفعل المخالفات المرتكبة من قبله شخصيا ومن فريق عمل الوزارة والمفندة في تقرير مفصل تلاه امام اللجنة رئيس هيئة الشراء العام.
- تشكيل لجنة وزارية برئاسة السيد رئيس مجلس الوزراء وعضوية السادة: نائب رئيس مجلس الوزراء، ووزراء الطاقة والمياه، الاشغال العامة والنقل، الدفاع الوطني، الداخلية والبلديات، العدل، الثقافة، السياحة، الصناعة والتربية والتعليم العالي تكون مهمتها تقييم مراحل تنفيذ خطة الطوارئ الوطنية لقطاع الكهرباء وتامين مستلزمات تطبيقها، على ان ترفع تقريرا بنتيجة عملها الى مجلس الوزراء.
- الطلب الى مؤسسة كهرباء لبنان ان ترفع تقريرا دوريا الى اللجنة الوزارية المشار اليها أعلاه، يتضمن عرضا لسير الاعمال وتطورها تنفيذا لخطة الطوارئ الوطنية لقطاع الكهرباء، سيما لناحية الجباية والشق المتعلق بوجهة إنفاق السلفة وصرفها.
- الموافقة على اعطاء مؤسسه كهرباء لبنان سلفة خزينة بقيمة ٤٢ مليون دولار أميركي لتأمين المبلغ اللازم لفتح اعتمادين مستندين مؤجلي الدفع لستة أشهر لتغطية ثمن شراء كمية ٢٨ ألف طن متري من مادة الفيول اويل من النوعية (أ) وكمية ٤٦ ألف طن متري من مادة الفيول اويل من النوعية (ب) من شركة Vitol Baherin E.C وتغطية للزيادة اللازمة في قيمة الاعتماد المستندي لمادة الغاز اويل، وعلى مشروع المرسوم المتعلق بهذه السلفة وعلى إصداره وكالة عن رئيس الجمهورية (هذا البند معلق على شرط التقييم الإيجابي للجنة الوزارية للمراحل التي تكون وصلتها خطة الطوارئ الكهربائية سيما لناحية الجباية وهو امر صعب توقعه).
- الموافقة على اعطاء مؤسسه كهرباء لبنان سلفة خزينة بقيمة ٥٤ مليون دولار أميركي لتأمين المبلغ اللازم لتسديد مستحقات عقود التشغيل والصيانة ومصاريف قطاعات الإنتاج والنقل والتوزيع وعلى مشروع المرسوم المتعلق بهذه السلفة وعلى إصداره وكالة عن رئيس الجمهورية.
- الموافقة على اعطاء مؤسسه كهرباء لبنان سلفة خزينة بقيمة ١٤٢ مليون دولار أميركي لتأمين المبلغ اللازم لفتح اعتمادين مستندين او أكثر مؤجلي الدفع لستة أشهر لتغطية ثمن شراء كمية ٦٦ ألف طن متري من مادة الفيول اويل من النوعية (ب) وكمية ١٠٢ ألف طن متري من الغاز اويل لزوم تشغيل معامل الإنتاج بغية استكمال تطبيق خطة الطوارئ المعدلة، وفقا لقرار مصرف لبنان بتخفيض قيمة التمويل وعلى مشروع المرسوم المتعلق بهذه السلفة وعلى إصداره وكالة عن رئيس الجمهورية (هذا البند معلق على شرط التقييم الإيجابي للجنة الوزارية للمراحل التي تكون وصلتها خطة الطوارئ الكهربائية سيما لناحية الجباية وهو امر صعب توقعه).