خاص www.limslb.com :هدر المال العام في مزايدة السوق الحرة وفي تلزيمات وزارة الطاقة

خاص www.limslb.com :هدر المال العام في مزايدة السوق الحرة وفي تلزيمات وزارة الطاقة

المزايدة العمومية. ما زالت الدولة اللبنانية تلزم إيراداتها الناتجة عن استثمار املاكها وفقا للقرار رقم ٢٧٥ الصادر بتاريخ ٢٥-٠٥-١٩٢٦ بطريقة مسماة مزايدة عمومية، أقرب منها في الواقع الى المزاد العلني الحاصل في سوق السمك، بحيث تضع لجان التخمين سعر افتتاح للمزايدة عادة ما يكون مبلغا مقطوعا يتم تحديده عن طريق الالهام ومن دون دراسة البيانات المالية للمستثمر، او دراسة جدوى مالية، علما ان المشاريع لا تحظى في الواقع بدراسة جدوى اقتصادية او تقييم اثر بيئي او دراسة اثر بيئي ولا تكلف الجهات الحكومية نفسها عناء اعداد جدول مقارنة بين عائدات المشروع في حال استثمرته الدولة مباشرة او لزمته للغير. تعلن الجهة الحكومية سعر الافتتاح في دفتر الشروط الخاص بالصفقة وتدعو المزايدين الى التحليق فوقه، فاذا كنا امام مزايد واحد فانه يحلق على علو منخفض جدا من السعر.

تلزيم السوق الحرة. هذا ما حصل في مزايدة تلزيم السوق الحرة في مطار رفيق الحريري الدولي يوم الجمعة تاريخ 13-01-2023 حيث يتبين من النتيجة المنشورة على الموقع الالكتروني لهيئة الشراء العام (ppa.gov.lb) تقدم مزايد واحد هو المستثمر الدائم منذ نشأة الاستثمار في بداية تسعينيات القرن الماضي بسعر 38 مليون ومائتي ألف دولار أميركي، علما ان سعر الافتتاح حدد في دفتر الشروط الخاص بالصفقة ب 36 مليون دولار أميركي. اللافت هنا حكاية ال 200 ألف دولار أميركي الى جانب ال 38 مليون دولار في غياب أي بياني مالي يوضح كيفية الوصول الى هذا الرقم. وإذا كان عدد المزايدين قليل وكانوا يعرفون بعضهم فانهم يحلقون معا على علو منخفض من سعر افتتاح المزايدة بتقارب لافت كما حصل في مزايدة السوق الحرة الحاصلة بتاريخ ٢٩-٠٧-٢٠٢٢، والملغاة بناء على توصية من هيئة الشراء العام، حيث سعر الافتتاح ثمانمائة وخمسون مليار ل.ل، سعر المزايد الأول ألف مليار ل.ل، سعر المزايد الثاني ألف ومائة وعشرون مليار ل.ل ( ppa.gov.lb.)

المزايدات بالليرة. اما تحديد سعر الاستثمار في المزايدات بالليرة اللبنانية من دون معادلة مراجعة أسعار، علما ان الملتزمين لا يتقدمون الى المناقصات إذا كانت أسعارها بالليرة اللبنانية في ظل انخفاض قيمتها، فهو امر على درجة لا توصف من اللامبالاة حيال المال العام، فكما يتم الدفع بالدولار او وما يوازيه من الليرة اللبنانية لحقوق المتعهدين، او توضع معادلة مراجعة أسعار حماية لهذه الحقوق. من منظار التوازن المالي للعقود وعدم اثراء طرف على حساب اخر، لا بد من ان تكون المزايدات أيضا بالدولار او بالقيمة الموازية له بتاريخ القبض او توضع معادلة أسعار تحمي حقوق الدولة وتضمن التوازن المالي للعقد. لا يجوز للدولة اللبنانية ان تمنح استثمارات ثابتة بالعملة اللبنانية الا لمن يلتزم بان يقبض من المستفيدين من استثماره مبلغا ثابتا بالليرة اللبنانية طوال مدة الاستثمار وهو امر لا يرضى به أي مستثمر.

تعدد أسعار الصرف. تعاني البيانات المالية للدولة اللبنانية مع اختلاف تسعيرات الدولار بحسب نوع الانفاق او الايراد من دون الاستناد الي معايير علمية واحدة بالتزامن مع قفزات نوعية غير مسبوقة.  عليه، تصبح البيانات التي يفترض ان تعبر عن حقيقة الوضع المالي للدولة اللبنانية مصاغة بقواعد غير متجانسة ما يجعلها غير واضحة وغير مقروءة من المواطنين والدائنين وبالعموم من مستخدمي هذه البيانات المالية، ما يعد خرقا لمعايير وقواعد المحاسبة العامة في القطاع الحكومي سيما لناحية الوضوح والمصداقية والتماثل في اعداد هذه البيانات. اهم هذه البيانات الموازنة وحساب الخزينة وبيان سلفاتها وقطع حساب الموازنة، المرحل بمشيئة المجلس الدستوري، المخالفة صراحة لنص المادة ٨٧ من الدستور، الي اليوم الذي يصبح اعداده ممكنا. هنا يطرح السؤال هل تلجأ الدولة اللبنانية الى المحاسبة الإبداعية لتجميل بياناتها المالية وهل نحن امام هندسة مالية جديدة من نوع آخر، وهل هذه المحاسبة او الهندسة المالية هي البديل من العجز عن تحصيل مداخيل مخفية او تحسين مداخيل ظاهرة؟ هل نحتاج الى توصية من صندوق النقد الدولي لنوحد سعر الصرف ام اننا لا نفعل شيئا الا بدفع من الخارج ومن اجل الخارج فقط؟

البيع بالتراضي في وزارة الطاقة والمياه. يملك لبنان أملاك عمومية غير المستثمرة من قبل الدولة ولحسابها وانما من مستثمري الامر الواقع ولحسابهم. وتبرز طريقة تلزيم بعض الإيرادات العمومية او حتى منحها بدون أي تلزيم كما في موضوع تنظيف مجرى نهر الكلب الغني بالرمال الذي لزمته وزارة الطاقة بطريقة خفية دون اعلان ونشر على المنصة الإلكترونية لهيئة الشراء العام او الجريدة الرسمية او أي وسيلة اخرى. وكانت هيئة الشراء العام أصدرت بتاريخ ٢٩-٠٨-٢٠٢٢ المذكرة رقم ٧/ه.ش.ع/ ٢٠٢٢ ، نصت هذه المذكورة المنشورة على الموقع الكتروني للهيئة على اتباع القواعد الإجرائية الواردة في قانون الشراء العام على عمليات البيع بالتراضي وباستدراج العروض وبالمزايدة العمومية، بعد ان الغى قانون الشراء العام الاحكام الخاصة بصفقات اللوازم والاشغال الواردة في قانون المحاسبة العمومية، وهي المواد من ١٢١ الى ١٥١ ضمنا من هذا القانون، والتي كانت تخضع لها عمليات بيع أموال الدولة بالتراضي وباستدراج العروض وبالمزايدة العمومية عملا بأحكام المادة ٤٧ من قانون المحاسبة العمومية. الغرض من هذه التوصية عدم حدوث فراغ في التشريع سهى عنه واضعو قانون الشراء العام، واجراء المزايدات العمومية خارج أي ضوابط، ولكن السؤال يبقى هل تجرى كل الاستثمارات للموارد العمومية بطريقة المزايدة العمومية، وهل ان كل المزايدات المجراة تتم عبر الإعلان عنها على الموقع الإلكتروني لهيئة الشراء العام؟

الحلول. لوقف هدر للمال العام، نقترح العودة الى قانون الشراء العام، المطبق في الشق الاجرائي منه على المزايدات العمومية، عبر:

  1. وضع قيمة تقديرية لكل عملية تلزيم وتحديد هذه القيمة في الخطة السنوية وتحديثها قبل الإعلان عن المزايدة او المناقصة، وذلك وفقا لأسس علمية وموضوعية وبالاستناد الى معطيات موثوقة والغاية. ويسمح هذا الاجراء بالربط مع الموازنة العامة، كما تكون الدولة عندما تتعاقد على بينة من مجمل العملية التعاقدية فلا تتعاقد وهي تقفل عيونها، وكأنها تلعب غميضة ما يترك الباب مفتوحا امام العارضين للتواطؤ وتقاسم الأرباح.

 

وبما ان استمرارية المالية العمومية تقوم على توازن الإيرادات والنفقات، نقترح بتخفيض النفقات وترشيدها وزيادات الإيرادات غير السيادية أي من غير الضرائب والرسوم عبر:

  1. الوصول الى تشريع خاص مستقل عن قانون الشراء العام ينظم بيع واستثمار أملاك الدولة الخاصة من خلال تقدير علمي دقيق، واضح وموثوق لقيمة الأموال الملزمة وعملية تلزيم تقوم على مبادئ الشفافية والمنافسة والمساواة والعلنية.

 

كما نقترح الالتزام بتوصيات هيئة الشراء العام المسندة الى احكام قانون الشراء العام، اذ ورد في التوصية رقم ٢ /ه.ش.ع/٢٠٢٢ الصادرة عن الهيئة بتاريخ ١٣-١٠-٢٠٢٢ والمنشورة على موقع الهيئة الإلكتروني ppa.gov.lb :

  1. إعادة تخمين كل عقود الاستثمار بالعملة الأجنبية نظرا للانخفاض الحاصل في سعر صرف العملة اللبنانية،
  2. ضرورة تحديد سعر الافتتاح في المزايدات وعقود البيع والاستثمار بالعملة الأجنبية وفقا لأحكام المادة الخامسة من قانون الشراء العام التي اجازت ان تكون عملة العقد اجنبية دفعا للغبن عن واردات الدولة المالية، سيما وان المستثمرين يحصلون ايراداتهم من المستفيدين بالعملة الأجنبية او يحركون اسعارهم صعودا مع صعود قيمة العملة الأجنبية.

 

ومع حالة الا سعر لا يستقيم تلزيم للإيرادات العمومية على أساس سعر ثابت على مدى سنوات مع منطق الاستثمار في ظروف الاستقرار النقدي فكيف في ظرف التدهور المريع للعملة الوطنية لماذا نقترح:

  1. تحديد حصة الدولة كنسبة من إيرادات المستثمر السنوية غير الصافية أي قبل حسم أي أعباء منها، بهذه الطريقة يسعى المستثمر الى زيادة ايراداته وكلما زادت هذه الإيرادات زادت إيرادات الدولة.

 

لو كانت الموارد المستثمرة ملكا خاصا هل كانت تلزم بهذه الطريقة؟ لماذا الاستخفاف بالمال العام، وهو من مال المواطن وتعبه وعرق جبينه؟ من غير المنطقي التفكير بزيادة الضرائب في اقتصاد غير قادر على استيعابها. لنقلع عن التفكير بأساليب المحاسبة الإبداعية فهي من سمات الدول الفاشلة، ولنفكر بجباية حكيمة للواردات وهي لا تحتاج الا الى تطبيق القوانين ومساءلة المخالفين ومهربي مال الدولة الى حيتان لا تشبع.