رفع الدولار الجمركي.. يزيد المداخيل ام يشجع على التهريب؟!…

رفع الدولار الجمركي.. يزيد المداخيل ام يشجع على التهريب؟!…

يوماً بعد يوم يزداد التدهور الاقتصادي، فيما تتسع الهوة بين المواطنين والدولة. وما الخلاف المستعر غير القابل للحل في موضوع اضراب أساتذة التعليم الرسمي الا دليل على عمق الازمة.
وفيما يستمر سعر صرف الدولار بالارتفاع الجنوني ملامساً عتبة التسعين الف ليرة لبنانية لكل دولار أميركي، اعلن وزير المالية في حكومة تصريف الاعمال يوسف الخليل رفع الدولار الجمركي الى ٤٥ الف ليرة لبنانية، ويترافق هذا الامر مع بدء المحلات والسويرماركت بدولرة أسعار السلع والمواد الغذائية على رفوفها.
فإلى اين يتجه سعر صرف الدولار وعند أي حد سيقف؟
في السياق، يشير الخبير الاقتصادي الدكتور باتريك مارديني الى ان “الكلام عن رفع رواتب المعلمين اسوة بالزيادة التي أعطيت لموظفي القطاع العام في موازنة العام ٢٠٢٢، يعني زيادة النفقات العامة لأجل تمويل مخصصات وامتيازات موظفي القطاع العام، في الوقت الذي تعجز فيه الدولة عن تغطية هذه النفقات لعدم امتلاكها الإيرادات اللازمة لذلك”.
ويضيف: “من هذا المنطلق، وتماشياً مع ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية، برزت فكرة رفع الدولار الجمركي الى ٤٥ الف ليرة لبنانية من اجل تغطية زيادة المعاشات. غير ان هذا المسار خاطئ، فزيادة الدولار الجمركي لن تؤدي الى تأمين المداخيل اللازمة لاعطاء هذه الزيادات بل على العكس سوف تحفّز التهريب عبر الحدود كما التهرّب الجمركي”.

ويتابع الدكتور مارديني قائلاً “امام كل هذه المعطيات سنكون امام سيناريو واحد يتمثل في طلب الحكومة من مصرف لبنان اعطاءها سلفة خزينة لتغطية زيادة رواتب الموظفين. والذي سيلجأ بدوره الى طباعة النقد تلبية لهذه الحاجات. الامر الذي سيؤدي الى مزيد من التضخم وارتفاع في سعر صرف الدولار لان موظفو القطاع العام سيستخدمون رواتبهم في شراء السلع والخدمات التي هي أصلاً بالدولار الأميركي وإما سيحولون هذه الرواتب الى الدولار كونهم فقدوا الثقة بعملتهم الوطنية التي قد تتدهور قيمتها اكثر فأكثر”.
طالما هناك عجز في الموازنة وطالما ان النفقات العامة الى ازدياد فالدولار سيستمر بالارتفاع.
من جهة ثانية، يلفت الخبير الاقتصادي الى ان “الازمة المصرفية تلعب دوراً مهماً في ارتفاع سعر الصرف. فالمصارف اللبنانية اودعت مليارات الدولارات في المصرف المركزي وهو اليوم غير قادر على ردها الى أصحابها. فيلجأ الى طبع الليرة وتسليمها الى المصارف ليسددوا منها ودائع الناس. ما يغذي التضخم ومن المتوقع ان تنهار الليرة اكثر”.
وبحسب مارديني فإنه “من الممكن ان يتدخل المصرف المركزي من وقت الى آخر عبر ضخ بعض الدولارات في السوق من اجل لجم ارتفاع الدولارغير انه غير مستدام لانه ليس بحوزته المال الكافي فالاحتياطي لديه شارف على نهايته”.اما عن كيفية وقف انهيار العملة الوطنية فيجزم انه “مرتبط بشكل كبير بالمصرف المركزي الذي ينبغي عليه التوقف عن طباعة الليرة، وبهذه الطريقة لن تكون لديه القدرة على تديين الحكومة المزيد من الأموال فيضطر عندها موظفو القطاع العام التصرف بمنطقية، كما ستضطر المصارف مرغمة على إعادة هيكلة نفسها”.
اذاً، هو مسار طويل للإصلاح يبدأ من الحفاظ على قيمة العملة الوطنية واعادتها الى سابق عهدها، لتكرّ بعدها سلسلة الإصلاحات المطلوبة لتصل بالبلاد الى شاطئ الأمان الاقتصادي. فهل من يتدارك المركب قبل غرقه؟..

اضغط هنا لقراءة المقال على موقع سفير الشمال