يشهد لبنان حركة نشطة لسياسيين ورجال أعمال على خط تلزيمات في ما تبقى من مرافق عامة. وليس العيب بجذب مستثمرين عرب وأجانب لإحياء مرافق وقطاعات دمرها فساد السلطة، إنما ببناء تلك الاستثمارات على حساب انهيار الدولة، ولحساب سياسييها، لاسيما منهم الذين يستقدمون المستثمرين الأجانب وشركاتهم.
كيف لا، ورئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لمجموعة CMA CGM اللبناني الفرنسي رودولف سعاده، يرتبط بعلاقة وثيقة مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أثمرت عقوداً وشراكات في قطاع البريد ومرفأ طرابلس، ويجري العمل على تطويرها وترجمتها في قطاعات أخرى، خصوصاً أن لسعادة مكانة خاصة لدى الفرنسيين، يترجمها قربه من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ولا ننسى ان سعادة كان قد رافق ماكرون في زيارته الى لبنان عقب انفجار مرفأ بيروت.
وكانت قد استحوذت مجموعة CMA-CGM عام 2021 على أسهم شركة Gulftainer لبنان، وهي الشركة التي تدير محطة حاويات طرابلس، المرفأ التجاري الثاني في لبنان. بمعنى آخر وضعت المجموعة يدها على النقل البحري في لبنان وعلى القطاع المرفئي فيه، وتعمل اليوم على تعزيز استثماراتها المرفئية، من خلال دخولها مجال الخدمات اللوجستيّة عبر شركة الخدمات اللوجستيّة التابعة لها.
وأكثر ما يلفت الإنتباه في تلزيم liban post هو الترويج إلى أن التحالف الذي يضم شركتي Colis Privé وMerit invest تعود إحداها لمجموعة CMA-CGM، أما الثانية فشركة فرنسية مستقلة، إنما حقيقة الأمر أن الشركتين ولدتا من رحم المجموعة نفسها CMA-CGM المملوكة من رودولف سعادة.
وبإطلالة على الاختصاصات الجامعية التي تستحوذ الاهتمام الأكبر من المجموعة، والتي تحظى بمنحها الجامعية، يمكن فهم الاستراتيجية التي تعمل وفقها وتؤسس كوادرها المستقبلية لتلبية طموحاتها التوسعية في القطاعات في لبنان، فالطلاب المستفيدون من المنح هم اولئك المتخصصون في الإدارة والعلوم والاقتصاد والهندسة فقط دون سواهم. ويتم اختيارهم وفق معايير دقيقة بالتعاون مع الجامعتين المذكورتين. بمعنى آخر تؤسس مجموعة CMA-CGM كوادرها البشرية وتستثمر طاقاتهم لدعم توسعها في البلد.
ولا تقتصر اهتمامات مجموعة CMA-CGM على الشحن البحري والمرافئ، فقد أنشأت مركزاً لوجستياً من خلال إحدى شركاتها CEVA Logistics في منطقة تعنايل البقاعية. يتخصص المركز في تطوير الإنتاج الزراعي، لاسيما الفاكهة والخضار، وتحسين نوعيته بما يتناسب مع متطلبات ومواصفات الأسواق الأوروبية وتوضيبه وتخزينه، وصولاً إلى تصديره إلى الأسواق الخارجية لا سيما إلى أوروبا وانكلترا.
أبرمت مجموعة CMA-CGM صفقة الرفاعي بسعر مغر جداً بلغ حينها 50 مليون دولار وهو يقل كثيراً عن قيمتها المقدرة بـ70 مليون دولار، إلا أن الأزمة التي تعرضت لها الشركة ووقوعها تحت وطأة الديون بعد انتشار فيروس كورونا، وتفجر الأزمة الاقتصادية في لبنان، اضطر مالكوها لبيعها، فكانت CMA-CGM حاضرة لاقتناص الفرصة.
وحسب المجموعة، تمّ خلق نحو 800 وظيفة في غضون عامين، وأصبحت المجموعة تضمّ نحو 1000 موظّف في لبنان، كما سيتمّ خلق 400 فرصة عمل أخرى في السنة المقبلة.
عديدة هي الشركات التي تعمل تحت مظلة مجموعة CMA-CGM والتابعة لها، فهي تمتلك شركات APL وANL وCNC وContainerships وMercosul وCEVA LOGISTICS وComanav وCMA Ships وCMA Terminals و Terminal Link، كما استحوذت المجموعة مؤخراً على شركة الخدمات اللوجستية الأميركية Ingram Micro CLS واشترت محطة كاملة في ميناء لوس أنجلوس، وحصة ضخمة في”Air France-KLM”، لتصبح رابع أكبر مساهم في الشركة.