موازنة 2022: تعميق الركود وانهيار أكبر لسعر الصرف

موازنة 2022: تعميق الركود وانهيار أكبر لسعر الصرف

فشل مشروع موازنة العام 2022 في تحقيق توازن مالي، وأفضى إلى عجز يبلغ حوالي 7 تريليون ليرة قبل احتساب سلفة الكهرباء، وذلك رغم الزيادات الهائلة للرسوم والتعريفات والضرائب ورغم الاستمرار في التخلّف عن سداد سندات اليوروبوند. ويعود هذا العجز إلى زيادة في نفقات الدولة على الموظفين واعتماد سياسة دعم المحروقات. ونظراً لعدم قدرة الحكومة على الاستدانة من الأسواق المالية، فسيتمّ تمويل هذا العجز من خلال خسارة الليرة لقيمتها. لذا نقترح إلغاء دعم المحروقات المضر للاقتصاد وتخفيض المساعدة الاجتماعية إلى 3 تريليون ليرة، ما يلغي العجز التضخمي ويسمح للحكومة ببناء خطة تعاٍفٍ على أسس صلبة  . 

وتضخم موازنة 2022 إيراداتها وتتوقع أن رفع معدل الضرائب والرسوم سيؤدي إلى زيادة الإيرادات بـ 188%. وقد أظهر هذا التوجه فشله في الأعوام السابقة حين رفعت الحكومة الضرائب والرسوم وكانت النتيجة تحصيل إيرادات أقل بسبب تفضيل الشركات الإقفال والتهرب الضريبي والجمركي ومغادرة لبنان. وتفرض الموازنة زيادة مقنعة لضريبة الدخل من خلال تعديل الشطور الضريبية بحيث أصبح نفس مقدار الدخل بالدولار يخضع لشطر أعلى .فكان صاحب المهنة الذي يحصل مثلاً على دخل سنوي قدره 5,900 دولار يدفع 4% وخسر اليوم حوالي ثلث دخله وبات يحصل على 4,000 دولار، ينبغي عليه سداد ضرائب تصل على الشطر الأعلى إلى 12%. 

وتفرض الموازنة ضريبة على العقارات الشاغرة. وتفاقم هذه الضريبة مشكلة السكن، بحيث سيمتنع المطورون العقاريون من تشييد مساكن جديدة خوفا من شغورها وتكبديهم ضرائب عليها. فشغور المبنى خسارة بحد ذاته على المطور العقاري الذي استثمر ماله فيه ،فتأتي الضريبة على العقارات الشاغرة لتفرض ضريبة على الخسارة. وتفرض الموازنة تمديد العمل بالزيادة الضريبية على فوائد الودائع في المصارف وتخلق فئات جديدة من المودعين، ما يضيف عامل عدم ثقة يصعبّ جذب ودائع جديدة بالدولار النقدي.   

وترفع الموازنة سعر صرف الدولار  الجمركي؛ وتضع  3% من الرسوم الجمركية على معظم السلع المستوردة و10% على السلع والبضائع التي يصنع مثيلها في لبنان. وتجدر الإشارة إلى أن رسوم الجمارك هي في الحقيقة ضريبة يدفعها المستهلك اللبناني، تؤدي إلى فرض الدول الأجنبية المتضررة رسوماً جمركية ثأرية على القطاعات اللبنانية المصدرة وإلى زيادة التهرب الجمركي. لذا ننصح بتخفيض الرسوم الجمركية بالتوازي مع إقرار الدولار الجمركي. فإذا ارتفع سعر صرف الدولار الجمركي مثلاً 13 ضعفاً، ينبغي على الحكومة تخفيض الرسوم الجمركية إلى العشر فتكون الزيادة حوالي 30% فقط. وتقترح هذه الورقة إصلاح النظام الضريبي في لبنان من خلال اعتماد ضريبة ثابتة أو مسطحة) Flat Tax( بمعدل ضريبة 5% وإلغاء الضريبة على العقارات الشاغرة والضريبة على الودائع وشطور ضريبة الدخل .ويسمح هذا الإصلاح الضريبي بزيادة مداخيل الحكومة سريعا من خلال توسيع القاعدة الضريبية. 

وقد ضاعفت الموازنة الأجور لمدة سنة على شكل مساعدات اجتماعية فشكلت النفقات على الموظفين حوالي 44% من إجمالي الموازنة .

وقد حلت النفقات الطارئة والاستثنائية في المرتبة الثانية بحوالي 19% تليها خدمة الدين بنسبة 16%. واللافت في النفقات المتبقية بروز بند الدعم بمبلغ 1,800 مليار ليرة. وتجد الحكومة نفسها اليوم واقعة بين مطرقة خفض النفقات الاستثمارية وسندان التخلي عن مشاريع تهم المواطن وتحسن البنى التحتية. وهنا ننصح بإجراء هذه المشاريع على نفقة القطاع الخاص واعتماد نظام البناء والتشغيل والتملك (Build – Operate – Own – BOO) لقطاعات الكهرباء والمياه والطرقات والاتصالات والمباني وغيرها من البرامج.