أجرت شركتا الهاتف الخلوي Alfa (Mic 1) و Touch (Mic2) مناقصتين متعلقتين باستقبال الرسائل النصية على هواتف العملاء. وحصلت شركة Alfa خلال ثلاث سنوات على حوالي عشرة ملايين يورو أكثر من شركة Touch ، علماً أن عدد مستخدمي شبكة Touch يفوق عدد مستخدمي شبكة Alfa بكثير. والفارق بين الشركتين أن Alfa التزمت بقواعد قانون الشراء العام بينما عملت Touch خارجها، فجاء الفارق واضح في العائدات التي تصبّ في خزينة الدولة اللبنانية. ففي حين يُعتبر القانون الشراء العام من أهم القوانين الإصلاحية التي التزم بها لبنان وأقرّها وفق المعايير الدولية المعمول بها، فقد كان من الواجب عدم التغاضي عن الالتفاف على بنوده وتقويض أهميته. فهو يُحقّق الغاية الفضلى في الإنفاق العام والمداخيل ويعزّز الشفافية وثقة المجتمعين المحلي والدولي.والمقصود هنا خدمة الرسائل التي يتقاضى عليها المشغّل بدلاً أو رسماً هي فقط الرسائل الواردة من التطبيقات (فايسبوك وإنستاغرام وتيك توك ومثيلاتها)، والتي تختلف عن مفهوم الرسائل العادية من مشترك إلى آخر. ولذلك أُنشئَت شركات مثل Vox Solutions Global Limited و INMOBILES SAL تلعب دور الوسيط بين هذه التطبيقات ومشغلي شبكات الهواتف الخلوية وتتنافس فيما بينها على دفع السعر الأعلى للجهة المشغلة للفوز بالمناقصة. وبطبيعة الحال، فمن مصلحة وزارة الاتصالات اللبنانية الحصول على أعلى مبلغ ممكن.وسنحاول في هذه الورقة الإضاءة على العقدين الموقعين من الشركتين المشغلتين للهاتف الخليوي Alfa (Mic 1) و Touch (Mic2) ومقارنة نتائجهما والانعكاس المادي لكل منهما وتأثيره على المالية العامة، بالإضافة إلى القيمة التكنولوجية المعتمدة في كل منهما.
مزايدة عمومية أم اتفاق بالتراضي؟!
حوالي ١٠ ملايين يورو تشكل الفرق على مدى ثلاث سنوات بين عائدات مزايدة خضعت لقانون الشراء العام وأخرى من خارجه. تجري شركتا الهاتف الخليوي Alfa (Mic 1) و Touch (Mic 2) الخاضعتان لأحكام قانون الشراء العام عملاً بأحكام الفقرة الثالثة من المادة الثانية منه عقودا تُمكِّن من خلالها المتعاقَد معه من الوصول إلى مستخدمي الشبكة الخلوية الأولى Alfa (Mic 1) والثانية Touch (Mic 2). ويتم ذلك بهدف إيصال رسائل نصية أو صوتية لقاء مبلغ مالي تحصل كل شركة عليه من هذا المتعاقد. ويُحتسَب هذا المبلغ على أساس عدد الرسائل النصية المرسلة، مضروباً بالتعرفة الفردية، مع اعتماد حد أدنى سنوي للمداخيل بافتراض حد أدنى للرسائل النصية المرسلة من أجل عملية احتساب البدل السنوي الأدنى.
وينبغي أن يخضع اختيار المتعاقد مع الشركة إلى عملية تنافسية من خلال مزايدة عمومية يُعلَن عنها على موقع هيئة الشراء العام وتخضع لأحكام قانون الشراء العام.
وفي الأصل، ينبغي إجراء مزايدة واحدة بخصوص مشتركي الشبكة الخلوية الأولى والشبكة الخلوية الثانية يكون مردودها أعلى مقارنة بالمزايدة التي تجريها كل شركة على حدة. وقد حصل ذلك بالفعل في مناقصة التأمين الموحدة التي أجريت لصالح الشركتين.
وفي حين أجرت شركة Alfa (MIC1) مزايدة عمومية وفقاً لقواعد قانون الشراء العام، فقد أجرت شركة Touch (Mic 2) مزايدة من خارج أحكامه كانت قد باشرتها بتاريخ ٢٢-١٢-٢٠٢١، أي قبل نفاذ قانون الشراء العام في ٢٩-٠٧-٢٠٢٢.
عرض موجز لمسار المزايدتين ونتائجهما:
أولا: مزايدة شركة Alfa (MIC1)
بتاريخ 1 تشرين الثاني 2022، أعلنت شركة Alfa (MIC1) على الموقع الإلكتروني لهيئة الشراء العام عن مزايدة عمومية لتلزيم نظام الرسائل النصية والصوتية. وقد حددت تاريخ 16 كانون الثاني موعداً نهائيا لتقديم العروض والبدء في فضها وتقييمها، واشتركت في المزايدة 6 شركات.
وبتاريخ 07/06/2023، نشرت الجهة الشارية الإعلان عن الفائز المؤقت: شركة Vox Solutions Global Limited. وقد جرى هذا الإعلان على الموقع الإلكتروني لهيئة الشراء العام، وبدأت فترة التجميد بهذا التاريخ وانتهت عملياً بتاريخ 20/06/2023.
وقد تم توقيع العقد بتاريخ 07/06/2023 بين شركة Alfa (MIC1) وشركة Vox Solutions Global Limited وحُدِّدَت مدته بثلاث سنوات تبدأ بعد جهوزية الخدمة المفترضة (ثلاثة أشهر بعد توقيع العقد). وقد أُبرِم العقد على أن يودع المتعاقَد معه بعد توقيع العقد مبلغ ٧٥٠،٠٠٠ يورو في أحد المصارف بصفة “ضمانة سنة أولى” تجدد تلقائياً عند الطلب.
ثانيا: مزايدة شركة Touch (Mic2)
أطلقت شركة Touch (Mic2) بتاريخ 22/12/2021 مزايدة عمومية حول النظام الخاص بالرسائل النصية A2P لتسويق مساحة إعلانية من الرسائل القصيرة على شبكة Mic2. وقد فازت في المناقصة شركة INMOBILES SAL ووقّعت عقداً معها بتاريخ 22/05/2023.
وفي الحقيقة، فإنّ الفترة الزمنية ما بين إطلاق المزايدة وتوقيع العقد بلغت أكثر من سنة ونصف، تخللها في 29/07/2022 بدء نفاذ قانون الشراء العام. وخلال هذه الفترة، طرأت أحداث من شأنها تغيير قواعد المنافسة التي كانت قائمة بتاريخ 22/12/2021، وهنا لا بد من الإشارة إلى ما يلي:
١. حصلت شركة Touch (Mic2) على حد أدنى من الرسائل تراوح من 31 مليون رسالة إلى 34 مليون رسالة سنوياً خلال فترة العقد (ثلاث سنوات). وبعد ذلك بحوالي ثلاثة أسابيع، وتحديداً بتاريخ 7/6/2023، وقعت شركة Alfa (Mic 1) عقداً مماثلاً مع مشغل آخر وحصلت على حد أدنى من الرسائل تراوح بين 46.6 مليون و56.8 مليون رسالة سنوية خلال فترة العقد (ثلاث سنوات).
٢. استغرقت الفترة ما بين إطلاق المزايدة وتوقيع العقد ١٧ شهراً في Touch (Mic2)، و٧ أشهر في Alfa (Mic 1).
٣. يشهد عالم التكنولوجيا في مجال الاتصالات والإعلان تطورات سريعة في فترات زمنية قصيرة نسبياً(متقاربة)، ما يؤثر على الحلول التقنية والقيمة المضافة التي تقدمها التكنولوجيا الجديدة، ويؤثر بالتالي على تقاسم الإيرادات بين الشركة ومشغل مساحة الرسائل النصية.
مقارنة
ثالثا: مقارنة العقدين الموقعين مع كل من Alfa (Mic1) و Touch (Mic2)
بمقارنة العقدين الموقعين مع كل من Alfa (Mic1) و Touch (Mic2) يبدو أن الحلول التكنولوجية المعتمدة في الأول أكثر تطورا من تلك المعتمدة في الثاني. وبالنسبة لعقد Touch (Mic2)، ترتكز الحلول أو الخدمة حصراً على الرسائل النصية القصيرة (SMS). أما بالنسبة لعقد Alfa (Mic1)، فترتكز الحلول أو الخدمة على الرسائل النصية القصيرة (SMS) كما على Flash Call التي ظهرت بنمو متزايد في الآونة الأخيرة.
وقد حصلت شركة Alfa (Mic1) على ظروف تعاقدية أفضل، ومنها سعر إفرادي للرسالة القصيرة أو الـ “Flash Call» أعلى بنسبة 40% في السنة الأولى و51% في السنة الثانية و64% في السنة الثالثة من السعر الإفرادي الذي حصلت عليه Touch (Mic2).
يستخرج من العقد الموقع بين Touch (Mic2) وشركة INMOBILES SAL ، ومن العقد الموقع بين شركة Alfa (Mic1) وشركة Vox Solutions Global Limited الجدول التالي:
|
شركة Touch (Mic2) |
شركة Alfa (Mic1) |
عدد الرسائل النصية القصيرة SMS أو الـ “Flash Call” السنة الأولى |
٣١ مليون |
٤٦،٦٦٦ مليون |
عدد الرسائل النصية القصيرة SMS أو الـ “Flash Call” السنة الثانية |
٣٢،٥ مليون |
٥١،٣٠٤ مليون |
عدد الرسائل النصية القصيرة SMS أو الـ “Flash Call” السنة الثالثة |
٣٢،٥ مليون |
٥٦،٨٠٠ مليون |
السعر الإفرادي خارج ضريبة القيمة المضافة السنة الأولى |
٠.٠٧٥ يورو |
٠.١٠٥ يورو |
السعر الإفرادي خارج ضريبة القيمة المضافة السنة الثانية |
٠.٠٧٦ يورو |
٠.١١٥ يورو |
السعر الإفرادي خارج ضريبة القيمة المضافة السنة الثالثة |
٠.٠٧٦ يورو |
٠.١٢٥ يورو |
العائد الأدنى السنوي المضمون السنة الأولى |
٢،٣٢٥ مليون يورو |
٤،٩ مليون يورو |
العائد الأدنى السنوي المضمون السنة الثانية |
٢،٤٧٠مليون يورو |
٥،٩ مليون يورو |
العائد الأدنى السنوي المضمون السنة الثالثة |
٢،٥٨٤مليون يورو |
٧،١ مليون يورو |
مجموع الإيرادات (٣) سنوات |
٧،٣٧٩ مليون يورو. |
١٧،٩ مليون يورو |
وفي المحصلة، فقد حققت شركة Alfa (Mic1) فائضاً في الإيرادات عن شركة Touch (Mic2) (قارب ال عشرة مليون دولار على فترة ثلاث سنوات. هكذا، فقد حرمت شركة Touch (Mic2) من مداخيل وتكنولوجيا كانت بلا شك ستكون أفضل بكثير لو أجرت مزايدة جديدة في العام 2023 وفقاً لأحكام قانون الشراء العام مقارنة مع النتائج التي حصلت عليها شركة Alfa (Mic1) والتي نشرت وأعلنت قبل توقيع العقد ما بين شركة Touch (Mic2) وشركة INMOBILES.
يخالف توقيع العقد من قبل شركة Touch (Mic2) بعد نفاذ قانون الشراء العام، بمعطيات وظروف مختلفة عن تلك التي أجريت بموجبها المزايدة العمومية، أحكام القانون ومبادئه الأساسية. ولكن: هل سيحاسب أحد أم سيطوى الملف كما طوي ملف غرامات بواخر الطاقة التي جاوزت ٣ مليون دولار أميركي؟
# Touch
فريق المعهد اللبناني لدراسات السوق