على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء المقبلة، طلب من وزارة الطاقة والمياه يتعلق بمرسوم «تحويل إنشاءات امتياز كهرباء زحلة سابقاً إلى مؤسسة كهرباء لبنان» لجهة تعديل مادته الثالثة، بحيث تقوم المديرية العامة للإستثمار في الوزارة بجردة الموجودات المتعلقة بشركة كهرباء زحلة بدلاً من مؤسسة كهرباء لبنان.
المرسوم الذي يحمل الرقم 12916 وصدر بتاريخ 18 كانون الثاني من العام الجاري، ينص على تدبير بمفعول رجعي يسمح بإسترداد مؤسسة كهرباء لبنان جميع الإنشاءات والتجهيزات والمعدات والمباني وغيرها من الموجودات الثابتة العائدة إلى امتياز كهرباء زحلة، ابتداءً من منتصف ليل 31 كانون الأول 2018. ما يعني أنّ الجردة ستشمل فترة تشغيل الإمتياز بموجب العقد الذي نتج عن القانون 2019/ 107 ومدد بالقانون 2022/ 198، إلى فترات تمديد المهل التي لا تزال سارية نتيجة لتأجيل المناقصة التي أطلقتها مؤسسة كهرباء لبنان لتلزيم «الخدمات الكهربائية ضمن نطاق إمتياز زحلة سابقاً» في العام الماضي. مع الإشارة إلى أنّ عدم إنجاز الجردة المطلوبة للموجودات طيلة فترة الإمتياز، شكّل أحد أسباب تأجيل المناقصة لموعد غير محدد، بناء على ملاحظات جوهرية وضعتها هيئة الشراء العام، ومعظمها مرتبط بإسترداد مؤسسة كهرباء لبنان لموجودات الإمتياز حتى يتسنى لها أن تضعها بتصرف الملتزم الجديد.
بصرف النظر عن الخلفيات التي جعلت المادة الثالثة، المطلوب تعديلها في المرسوم، تكلّف في نسختها الحالية مؤسسة كهرباء لبنان القيام بالجردة، وسواء أكان ذلك عن نقص في المعرفة، أو خطأ غير متعمد، أو أنه يخفي محاولة لتدارك تمنّع لجنة الإستلام التي شكلت في الوزارة منذ شباط 2021 عن القيام بمهامها، أو أنها تشكل محاولة تسلل بإجراء غير قانوني يضفي شرعية على إطلاق المناقصة المقبلة، فإنّ تصحيح هذه المادة لجهة قيام المديرية العامة للصيانة والإستثمار بالجردة، يبدو وفقاً لمصادر خبيرة أساسياً، خصوصاً أنّ مديرية مراقبة الإمتيازات في المديرية العامة للاستثمار هي الجهة التي تمثل الحكومة، والمكلفة بإعداد الجردة بالمعامل والمحطات والمعدات، وفقاً لاحكام المادة 30 من دفتر شروط إمتياز زحلة، كذلك هي الجهة المعنية بمراقبة الامتيازات وإعداد لوائح الجرد وانجاز المخالصة المطلوبة. وبالتالي فإنّ تعديل مرسوم التحويل أو عدمه لا يلغي بأي شكل من الأشكال إستكمال الإجراءات التي نص عليها القانون.
وكانت المديرية العامة للإستثمار قد أشرفت على تشكيل اللجنة التي كلفت بمهمة إسترداد منشآت الإمتياز في العام 2021، إلا أنّ الأخيرة لم ترفع أي تقرير يبيّن تنفيذ مهماتها، على رغم صدور أربع إحالات وجهت إليها ولمصلحة المراقبة الإدارية والمالية في مديرية مراقبة الإمتيازات، كان آخرها في شهر تشرين الأول من العام 2023. فما هي الضمانات لأن تؤدي اللجنة مهمتها بعد تمنعها عن ذلك في السنوات الماضية؟ وهل يصحح الإستلام المتأخر للمنشآت، والذي كان يفترض أن يتم منذ 31 كانون الأول من العام 2018 الأخطاء القانونية التي تسبب بها، والتداعيات التي خلفتها؟
وفقاً لمدير عام الصيانة والإستثمار السابق في وزارة الطاقة والمحلل في المعهد اللبناني لدراسات السوق غسان بيضون، لا تحمل عملية التسلّم المتأخرة عناصر تصحيح الخطأ، بقدر ما تهدف إلى إظهار الأمر، شكلياً، أنّ مؤسسة كهرباء لبنان أصبحت قادرة على إجراء المناقصة، وبالتالي تبرير مزيد من الخطأ. وعليه لا يرى في المرسوم أكثر من مشهد مسرحي، يحاول أن يوحي بأن الوزارة تقوم بواجبها لإستعادة المواقع وإعادة إطلاق مناقصة التلزيم. ويخشى أن يكون المقصود من التأخير بإستلام المنشآت حتى الآن التوجه لعدم فصل مولدات شركة كهرباء زحلة عن أصول وتجهيزات الامتياز، وإبقاء الإلتباس قائماً، والإيهام بأنّ للمؤسسة الحق بتلزيم تشغيل هذه المولدات التي لا تملكها.
وبرأي بيضون أنّ مرسوم تحويل انشاءات وتجهيزات الامتياز كان يجب أن يصدر خلال فترة انتهاء الإمتياز وليس اليوم، لأنه يستوجب التحقق من وضعية التجهيزات والمنشآت وصلاحيتها ويرتبط بحسابات مالية ومخالصة. أما المرسوم الذي صدر مؤخراً، فهو برأيه لن يفي بالحاجة، ولن يحقق الهدف ولن يعوض الخطأ، كون التأخير تسبب بإستحالة إجراء إستلام وفقاً للأصول التي تحدد الحقوق، والواجبات.
ومن هنا يعتبر أنّ هناك من يجب أن يحاسب على التقصير والمخالفة. إذ إنه نتج عن هذا التقصير أمور يمكن تعويضها برضى شركة كهرباء زحلة. ولكن هناك أمور لا يمكن تعويضها كمثل تحديد كمية الإستهلاك المسجلة في عدادات المخارج بتاريخ 31 كانون 2018. بالإضافة إلى معرفة الفواتير المتبقية على المشتركين.
ويرى بيضون في خلاصة الأمر «أننا في محاولة ترقيعية لواقع تسبب به الإهمال أو التواطؤ، ولكنه لا يمنع الفصل بين أمرين، يحددهما على الشكل التالي:
أولاً: إنّ تسلم المنشآت أمر ضروري مهما كانت نتائجه القانونية. ويجب أن تتسلمها مؤسسة كهرباء لبنان ولو تأخرت بمحضر مشترك مع المديرية العامة للصيانة والإستثمار، بما يظهر حالتها الحالية، مع إستدراك التقصير الحاصل، عبر توصيف الواقع لجهة أحوال المنشآت حالياً، وعددها وما نتج عن عدم الإستلام من آثار مالية، على أن تتعهد شركة كهرباء زحلة بأن تتحمل مسؤوليتها.
ثانياً: فصل مولدات كهرباء زحلة عن الإمتياز.