يعيش المالكون في لبنان نشوة الانتصار بعد صدور حكم متعلِّق بملف الإيجارات السكنية عن القاضي المدني المنفرد في بيروت رين أبي خليل التي اعتبرت أنّ مهلة التمديد انتهت وحكمت بإخلاء مأجور وتسليمه شاغراً إلى مالكه الأساسي.
في السابق كان المستأجرون يتذرَّعون بالمهلة القانونية للإخلاء “9 أعوام”، لكنَّ القرار الجديد والذي ستُبنى عليه القرارات القضائية اللاحقة قضى بانتهاء مهلة التمديد للمستأجرين بتاريخ 28-12-2023، حيث شكَّل هذا التاريخ أحد أبرز النزاعات بين المالكين والمُستأجرين، على إثر إبطال المجلس الدستوري مادتين وفقرة من قانون الإيجارات الصادر عام 2014، لِيُصار بعدها إلى تعديله في العام 2017.
يومها قام مجلس النواب بنشر القانون كاملاً من جديد بعد التزامه بقرارات المجلس الدستوري ما أدى إلى خلاف حول بدء سريان المهل في القانون باعتباره قانوناً برنامجاً، لذا فالحكم الجديد اعتبر أنّ المهل تبدأ منذ إقرار القانون، لأن المشرِّع لم يعدِّل هذه المهل في العام 2017، إنَّما قام بتعديلا ت أخرى وفق قرار المجلس الدستوري، وبالتالي فإن التعديل يطال حصراً المواد المُعدَّلة ولا يشمل المُهل، وهذا يعني أنَّه بات من الضروري أن يقوم المُستأجر بعقد اتفاق جديد مع المالك لتمديد إقامته في المأجور وفق القانون الجديد إذا ما رغب بالبقاء فيه بعد موافقة المالك على ذلك، خاصة وأنَّ المستأجر الذي شغل العقار كان يدفع منذ أكثر من ثلاثة عقود مبالغ مالية زهيدة جداً ما لبثت أن فقدت قيمتها كلياً بعد مسيرة انهيار سعر الصرف التي انطلقت في العام 2019.
يقول الباحث الاقتصادي في المعهد اللبناني لدراسات السوق كارابيد فكرجيان في حديث لـ LebanonOn إنَّ هذا القرار القضائي يُشكِّل خطوة على طريق تصحيح المسار واستعادة الناس لحقوقها، فالملكية الفردية مُصانة ومحمية بموجب الدستور اللبناني، ويُشدِّد على أنَّه آن الأوان لإغلاق هذا الملف بشكل كامل وإنهاء معاناة المالكين المستمرة منذ عقود طويلة من الزمن.
ويلفت فكرجيان إلى أنَّ العوائد الاقتصادية للأمر ستكون إيجابية لناحية تمكّن المالك بعد تحرير العقار من هدمه وبناء أبراج سكنية تحرّك سوق العقارات وتواجد وحدات سكنية إضافية تُنهي أزمة تأمين المساكن، وكذلك ترميم الأبنية القديمة التي تُمكّن المالك من الاستحصال على بناء مميز جاهز للإيجار بمبلغ مالي يمكنه من مواجهة الظروف المعيشية الصعبة.
وعن حل أزمة السكن يؤكد فكرجيان بأنَّ المسرولية لا يتحملها مالك العقار بل كان لزاماً على المُستأجر المُقيم منذ عقود طويلة بشكل شبه مجاني أن يُوجد الحل لذلك خاصة وأنَّه على دراية تامة بالقانون الجديد الذي أمهله مدة كان بمقدوره خلالها إيجاد مسكن جديد، ويُشير إلى ضرورة أن تقوم الجهات المعنية بتسهيل معاملات الاستحصال على رخص للبناء في القرى والتي ستُمكن المُستأجر من توفير مسكن له من جهة وتخفيف الضغط عن المدن من جهة أُخرى.
على الرغم من أهمية القانون لناحية استعادة المالك لحقوقه إلَّا أن على مجلس النواب متابعة مسيرة الإصلاح هذه عبر تحرير كامل للعقود بين المالكين والمُستأجرين وعدم حصره بمدة إلزامية “3 سنوات”، وهو ما يفتح المجال أمام المالك للتأجير دون هواجس اللانهاية الذي عانى سابقاً مرارتها، وهو ما يؤدي إلى إطلاق عجلة الاقتصاد الذي يُعتبر القطاع العقاري أحد أبرز أعمدته.