باستثناء الطاقة المولّدة من المعامل المائية، لم تنتج معامل كهرباء لبنان أي ميغاواط من خارج الفيول العراقي في السنوات الثلاث الماضية. الكمية المُنتجة لا تزيد على أربع ساعات يومياً كمعدّل عام سنوي، ما يعني أنه يترتب على المقيمين تلبية حاجاتهم المرتبطة بالكهرباء من المولّدات الخاصة. لذا، إن لم تعالج مشكلة تمويل شحنات الفيول العراقي سريعاً، فسيدخل لبنان في عتمة شاملة بعد 3 أيام، بحسب وزير الطاقة والمياه وليد فياض. المشكلة معروفة للجميع: علينا أن ندفع ثمن الفيول، وأي رهان على أن العراق سيعفي لبنان من هذا الثمن ليس في محلّه.من أصل 6 معامل حرارية، فإن معمل الزهراني وحده ينتج الكهرباء «بقدرة لا تتجاوز 200 ميغاواط من أصل قدرة إجمالية تبلغ 465 ميغاواط. والسبب هو الاقتصاد في كمية الفيول المتبقية حتى لا يحرق أكثر من 3 آلاف طن يومياً. وهذه الطاقة المنتجة يُوجّه قسم منها لتشغيل المرافق الأساسية مثل مطار بيروت والمرفأ، ومضخات المياه الرئيسية» يقول فياض. هذا الوضع قد يصبح أسوأ في الأيام المقبلة، والسبب أنه للشهر الخامس على التوالي لم يحوّل مصرف لبنان ثمن شحنات الفيول إلى حساب الحكومة العراقية لديه، وهو ما دفع شركة تسويق النفط العراقية «SOMO» إلى إيقاف تفريغ بواخر الفيول. وبذلك، يصبح لبنان مكشوفاً مالياً أمام العراق، إذ إن «الأموال المُستحقّة لم تحوّل للسنة الثانية على التوالي» وفقاً لفياض.
جوهر المشكلة أن الاتفاق مع العراق يحتاج إلى قوننة في مجلس النواب اللبناني لتخصيص اعتمادات في الموازنة، تتيح لمصرف لبنان أن يسدّد ثمن الشحنات في الحساب العراقي. بخلاف ذلك، فإن حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، يرفض اتخاذ أي خطوة تمويلية مخالفة للقانون. لكنّ السؤال لا يُوجّه إلى منصوري، بمقدار ضرورة توجيهه إلى رئيس مجلس النواب نبيه برّي: لماذا لم يُدرج الاتفاق على جدول أعمال مجلس النواب بعد؟
هكاذ، يضطر الوزير وليد فياض أن يعمل على الحلّ الرديف، ولا سيما أنه تلقّى رسالة من كل المعنيين في العراق، سواء من رئاسة الوزراء العراقية، أو من وزير النفط العراقي، أو من المدير العام لشركة «سومو»، تفيد بأنه تمّ الإفراج عن الشحنة يوم الجمعة الماضي. لكن تبيّن لاحقاً أن وزير النفط العراقي ينتظر توضيحاً من رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني، وأن الأخير قد يعرض الأمر على مجلس الوزراء العراقي لاستصدار موافقة على الإفراج عن الشحنة التي سيتأخر لبنان في تسديد ثمنها. فبحسب المراسلات الرسمية بين الإدارات اللبنانية (الطاقة، المال)، لم يحوّل مصرف لبنان سوى 118 مليون دولار إلى حساب المصرف العراقي تنفيذاً للقرار الحكومي الرقم 18، الصادر عام 2023. وبعدها توقّف المصرف المركزي عن تحويل الأموال المستحقّة لأربع شحنات فيول، قيمتها 132 مليون دولار عن عام 2023، واشترط لتنفيذ التحويلات صدور قانون عن مجلس النواب لتغطيتها، وإدراج الاعتمادات في موازنة عام 2024، علماً أنّ عدد الشحنات المُتسلَّمة والمستحقة للدفع لعام 2023 بلغ 8، وهناك 12 شحنة أخرى خاصة بعام 2024 وصل منها 2، إلا أنّ ثمنها لم يستحق بعد.
اضغط هنا لقراءة المقال على موقع الأخبار