بدأت الأسواق اللبنانية تشهد مؤخراً نشاطاً ملحوظاً ل الدولار المزوّر، خاصة من فئة الخمسين دولار. يتم رصد هذه العملات المزيفة بشكل يومي من قبل التجار والسائقين وعمال التوصيل وحتى المواطنين العاديين، غالباً بعد فوات الأوان. تعتبر شركات الأونلاين من أكثر الجهات تضرراً من هذه الظاهرة، إلا أنه لا توجد آلية فعالة لمحاسبة المتورطين.
تم الكشف عن صعوبة تمييز العملات المزورة عن الحقيقية، حيث أن الفروقات بينهما دقيقة جداً. يصعب على المواطن العادي اكتشاف التزوير في نفس اليوم، مما يزيد من خطورة المشكلة. تختلف العملات المزورة عن الأصلية في بعض التفاصيل الدقيقة مثل اللون ودرجة النعومة، لكن هذه الفروقات قد لا تكون واضحة للعين غير المدربة.
يعزى انتشار هذه الظاهرة إلى عدة عوامل، منها انتشار الصرافين غير الشرعيين، وانحسار التعامل مع المصارف، وتوسع اقتصاد الكاش. هذه العوامل جعلت من لبنان بيئة مناسبة لازدهار هذا النوع من النشاط غير القانوني.
للتصدي لهذه المشكلة، اقترح بعض الخبراء ضرورة إعادة العمليات المالية إلى القطاع المصرفي الرسمي. يتطلب ذلك تنظيم حقيقي لعمليات الـ”فريش دولار”، حيث يقع على عاتق مجلس النواب مسؤولية إقرار قانون يلزم المصارف برد الودائع بالدولار الطازج للمودعين، بدلاً من استخدام الشيكات المصرفية. كما يجب أن ينطبق الأمر نفسه على القروض المصرفية بالدولار.
يعتبر الحل التشريعي ضرورياً لمعالجة جذور المشكلة، في حين أن الحلول الأخرى قد تكون مجرد إجراءات ترقيعية. لذا، يبرز السؤال حول إمكانية اجتماع النواب لصياغة قانون يشكل حلاً جذرياً لهذه المعضلة الاقتصادية.
تشير هذه الأزمة إلى عمق المشاكل الاقتصادية والمالية التي يعاني منها لبنان. فانتشار العملات المزورة ليس سوى عرض من أعراض أزمة أكبر تتعلق بفقدان الثقة في النظام المصرفي وانهيار العملة الوطنية. يتطلب حل هذه المشكلة جهوداً متكاملة تشمل إصلاح القطاع المصرفي، وتعزيز الرقابة على عمليات الصرافة، وتطوير آليات للكشف عن العملات المزورة.
في ظل هذه الظروف، يصبح من الضروري توعية المواطنين بكيفية التعرف على العملات المزورة وتجنب الوقوع ضحية لهذه العمليات الاحتيالية. كما يجب على السلطات المختصة تكثيف جهودها لمكافحة شبكات تزوير العملات وتقديم المتورطين للعدالة.
إن استمرار هذه الظاهرة يهدد بتقويض الثقة في التعاملات المالية وإلحاق المزيد من الضرر بالاقتصاد اللبناني المتعثر أصلاً. لذا، فإن معالجة هذه المشكلة تتطلب تضافر جهود جميع الأطراف المعنية، من مؤسسات الدولة إلى القطاع المصرفي والمواطنين، للحد من انتشار العملات المزورة واستعادة الاستقرار في السوق المالية اللبنانية.