«السابع من تشرين الأول» صدمة كبيرة كان لها صداها المدوي سواء على لبنان، أو على المستوى العالمي ضخامة هذا الحدث كانت تتكلم بكل تفاصيلها وتطوراتها والتفاعل العالمي الذي شهده،ومع دخول لبنان في الصراع الحاصل «إسناداً لغزة» كجبهة مشاغلة وإلهاء للعدو الإسرائيلي ضمن «وحدة الساحات»تأثر لبنان على كافة المستويات نتيجة هذه المشاركة على الجبهة الجنوبية،وفي صورة خاصة إقتصادياً لأن الجدير بالذكر بأن لبنان لا يزال يرزح في أزمة إقتصادية تفتك بلبنان وشعبه،فكيف كانت تداعيات هذه الجبهة على الإقتصاد؟
في هذا السياق يجيب الخبير المالي والمصرفي نسيب غبريل بأن الإقتصاد في العام 2023 وعلى الأقل في القطاع الخاص،بدأ باستيعاب صدمة الأزمة الإقتصادية والمالية،ومن ثم أعاد تموضعه وعلى هذا الأساس بدأ أداء الإقتصاد آنذاك بالتحسن وكان متجهاً ليحقق نمو بنسبة 2% في العام 2023،والمرة الأخيرة التي قام لبنان بتحقيق تلك النسبة قبل الأزمة الإقتصادية كانت في العام 2014 تبعاً لعوامل عدة أبرزها الحركة السياحية في أول العام وتحسن القدرة الشرائية لجزء من المواطنين بسبب تعديل الرواتب والأجور ناهيك عن حركة القطاعات الصناعية والزراعية،وجزء من قطاع الخدمات الذي كان لديه أسواق في الخارج واستقرار سعر الصرف آنذاك.
ويردف غبريل قائلاً:»عندما حصلت صدمة السابع من تشرين الأول،تليها الثامن من تشرين الأول شكلت صدمة كبيرة للإقتصاد في لبنان وأدى إلى وقف هذه الإندفاعة الإقتصادية التي كانت قائمة،وكان أولى الضحايا القطاع السياحي خصوصاً في أواخر الشهور الأخيرة من العام 2023،أما باقي القطاعات الأخرى كانت في حال انتظار وترقب وهذا أدى إلى أن يتحقق نمو بنسبة 1% بدل من أن تكون النسبة 2% وهذه تعتبر فرصة ضائعة».
ويشير إلى أن تداعياتها لم تتوقف عند هذا الحد ،لا بل كانت تداعياتها على الثقة في الإقتصاد نفسه في نهاية المطاف نتيجة لحالة الإنتظار التي كانت سائدة لترقب الإتجاهات التي كانت ستذهب إليها التطورات بسبب اعتبارات البعض السائدة بأن الصراع الحاصل خصوصاً على الجبهة الجنوبية للبنان سيكون قصير المدى،وعلى هذا الأساس دخلنا في العام 2024،والرؤية لا زالت غير واضحة بسبب الضبابية الشاملة الناتجة سواء من ناحية عدم معرفة إذا كان الحرب الدائرة ستقتصر فقط على الجبهة الجنوبية أم أن الإعتداءات الإسرائيلية ستتوسع أكثر لتطال لبنان برمته،أم أن الأمور ستتجه نحو اطلاق النار.
ويؤكد أن الحركة الإقتصادية كانت خاضعة لهذه الضبابية بسبب تراجع الثقة بالإقتصاد نتيجة الضبابية التي كانت سائدة في ذلك الوقت،إلى حين دخولنا في موسم الصيف في بداية شهر حزيران تقريباً الذي كان هناك تعويل عليه نوعاً ما،ولكن هذا الموسم تعرض إلى نكسة كبيرة ابتداءً من أواخر تموز الماضي بسبب الغارة الإسرائيلية على ضواحي بيروت.
ويلفت إلى أن كانت التوقعات السائدة في ذلك الوقت تقضي بأن يحقق لبنان في ذلك الوقت انكماشاً بنسبة 1% في العام 2024،ولكن مع تدهور الأوضاع وتوسع العدوان الإسرائيلي على لبنان تغيرت كل الأمور، ومن المتوقع نتيجة التطورات الراهنة بأن يكون الإنكماش من 6 إلى 7% في العام 2024،بينما في حال لم تحصل هذه الحرب كان النمو الإقتصادي سيتحقق بنسبة 2% في العام 2023 وكانت التوقعات بأن يحقق 3% في العام 2024 لو لم تكن الحرب قد وقعت وهذا فرق كبير.
ويختم غبريل قائلاً: «الإقتصاد في لبنان تأثر في هذا الصراع منذ اليوم الأول،على عكس ما كان يقوله الكثيرون على الرغم من أن الجنوب كان هو الذي يتلقى الضرابات المباشرة، والتداعيات المباشرة ولكن الكلام السائد في ذلك الوقت بأن إقتصاد الجنوب هو الذي تأثر نتيجة التدمير والإعتداءات الإسرائيلية وحرق الأراضي الزراعية وتقليص الحركة التجارية بنسبة 80% بينما الإقتصاد الآخر ككل لم يتأثر ويعمل بشكل طبيعي هذا ليس صحيحاً على الإطلاق،واليوم للأسف ذهبنا إلى السيناريو الأسوأ وهو توسع الحرب مع اسرائيل».