يمر لبنان بأزمة اقتصادية واجتماعية عميقة جراء الحرب المستمرة منذ أكثر من 26 يومًا، مما أدى إلى تفاقم النزوح الداخلي وتأثيره على التركيبة السكانية والأمنية في البلاد. بلغ عدد النازحين حوالي مليون وثلاثمائة ألف شخص، وتسبب هذا النزوح بتحديات هائلة، إذ نجد أن الحكومة اللبنانية لم تستطع حتى الآن تفعيل خطة طوارئ شاملة لمواجهة هذا الوضع، رغم أنها وضعت خطة مبدئية فور اندلاع الأزمة. تأخر تنفيذ هذه الخطة أدى إلى تفاقم الأوضاع، حيث لم يتم تأمين مراكز إيواء كافية أو توفير البنى التحتية اللازمة لدعم هذا العدد الكبير من النازحين.
كان من الممكن أن تتخذ الحكومة اللبنانية إجراءات احترازية مثل تطوير مراكز الإيواء وتعزيز البنية التحتية في المناطق الأكثر تضررًا، وتفعيل مشاريع للطاقة الشمسية بالتعاون مع القطاع الخاص لتجنب الضغط على شبكات الطاقة الرئيسية. ومع تزايد النزوح، باتت المساعدات الحكومية والمجتمعية محدودة، حيث تشير التقارير إلى أن 200 ألف نازح فقط يحصلون على دعم مباشر، فيما يعاني البقية من نقص في الموارد الأساسية مثل المياه والغذاء.
رغم الدعم المقدم من بعض الدول العربية والغربية، تبقى هذه المساعدات غير كافية لتلبية الاحتياجات المتزايدة. كما أن عدم وصول بعض المساعدات إلى الفئات الأشد حاجة يزيد من حجم المعاناة. من جهة أخرى، ساهمت بعض التحويلات المالية من المغتربين في دعم الأسر النازحة، إلا أن هذا الدعم لا يعوض النقص الحاد في المساعدات الحكومية والدولية.
بالمقابل، شهدت الأسواق المحلية ارتفاعًا كبيرًا في الأسعار نتيجة تزايد الطلب على المواد الأساسية، بينما تعاني القطاعات الاقتصادية غير الغذائية مثل التجزئة والسياحة من تراجع حاد. هذا المشهد يعكس واقعًا معقدًا يتطلب من الحكومة اللبنانية تبني خطط أكثر فاعلية وشمولية لمواجهة تداعيات النزوح وتوفير الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمعات المضيفة.