سرعان ما انتهى العدوان الإسرائيلي على لبنان، ودخل اتفاق وقف اطلاق النار حيِّز التنفيذ، حتى عاد الكلام عن عودة «الدولارات المزورة» إلى سوق الصيرفة تارة أو في البنوك تارة أخرى، ولكن هذه المرة بشكل احترافي أكثر، فالكثير من المواطنين عند استلامهم لأموالهم «بالدولار» لم يعد بامكانهم التمييز بين الـ«50» دولارا الصحيحة من تلك المزورة،أو الـ «100 دولار» الصحيحة من تلك المزورة.
نقيب الصرافين مجد المصري يشرح بأن البلبلة التي سببها هذا الأمر هو بسبب أن الماكينات الموجودة في السوق لا تستطيع أن ترصد حقيقة هذه الدولارات سواء ما إذا كانت مزورة أم لا، والسبب أنه يتم القيام باستعمال في إعداد هذه النسخ المزورة من الدولارات الحبر الصحيح والورقة الصحيحة وهذا ما يساهم بشكل أساسي في خداع الماكينات مما تجعلها تمرر هذه النسخ مرور الكرام وهذا سبب أساسي في انتشارها وتسبب حالة الذعر جراء انتشارها في السوق.
ويؤكد المصري أن الحل الحالي والفوري لكل المواطنين يكون عبر التعامل حصراً مع «الصراف الرسمي» والشرعي التابع للنقابة، لأن هذا الصراف هو على علم كافٍ بهذه الدولارات باعتبار أنه «ابن المهنة»، ويستطيع من خلال مراجعتها أن يميِّز بين النسخ المزورة والصحيحة، وعندما يتم تلقي الأموال من قبل الصراف الرسمي يستطيع المواطن في حينها طلب الرقم السري التابع لهذه النسخ وبعدها يباشر الصراف بالإمضاء والختم عليها، وفي حال حصل التباس ما في هذا الأمر يستطيع المواطن أن يراجع الصراف نفسه في هذا الصدد في الوضع الآني.
ويشدد على أنه مما لا شك فيه أن هذه الأزمة وتفاعلها هي مشكلة كبيرة جداً،ولكن حلّها ليس مستحيلاً،ومن الممكن أن يكون الحل في وقت قصير الأمد،ونقابة الصرافين واكبت هذا الإنتشار وعلى أساسه تواصلت مع شركات الصرافة التي بدورها مسؤولة عن الإتيان بمكينات العدد والفحص،وهناك شركات باتت تمتلك تلك التحديثات،وهناك شركات أخرى من المفترض أن يصلها هذا التحديث في الإسبوع الحالي،وهناك بعض الشركات بانتظار قطع معينة تحتاجها الماكينات التابعة لها من أجل عودة عملها وفقاً لمساره الطبيعي،وقاموا بوضع الطلبات على هذا الأساس ولكي تصل تلك الشحنة الأمر قد يستغرق حوالي شهر تقريباً، أي بحدود مطلع العام الجديد على أبعد تقدير تكون الماكينات والقطع والتحديثات الحديثة أصبحت في متناول أيدي شركات الصرافة، فالأمور بدورها تتجه إلى الحل التدريجي باعتبار أن تحديث الماكينات بات قيد التنفيذ.
ويضيف: «على مطلع العام القادم مع هذه الماكينات الحديثة من المتوقع أن تتحسن الأمور بشكل تدريجي،ويكون في نفس الوقت قامت المصارف ومصرف لبنان بتحديث ماكيناتهم بشكل يبشر بأن التداول بنسخ الدولارات في هذا الصدد يعود إلى طبيعته ويكون بالإمكان العودة إلى السيطرة على الأمور.
ويردف المصري: «إن الدولار المزور هو أمر ليس وليد اليوم،لا بل على العكس تماماً هو لطالما كان موجوداً ومنتشراً، وهذا لا شك فيه على الإطلاق،ولكن يبقى الفارق أنه كان لدينا الإمكانات في السابق أن نسيطر عليه،وفي حال كان آنذاك وعن طريق الصدفة صودف بأن هناك نسخة «قطعت» على الماكينات وعرفنا لاحقاً أنها هذه النسخة «مزورة»،يتم تحديث هذه الماكينات بشكل فوري من قبل الشركات،ولكن الفرق أن في السابق كانت هذه الكميات جداً محدودة،أما اليوم فالوضع اختلف رأساً على عقب».
ويوضح بأنه بعد مضي وقت قليل على هذه الأزمة وتوسعها وبعد مراجعة الصرافين في سلسلة مناطق مختلفة على الأراضي اللبنانية حول الـ «خمسينات المزورة» وكثرتها في الأسواق تبيّن العكس تماماً،وتم الإستيضاح بأن هذه الخمسينات لم تظهر أبداً إلا في حالات نادرة لدى بعض الصرافين، وهذه الحالة تقتصر فقط على نسخة أو نسختين، لذلك هذه المشكلة لم تكن خارجة عن المألوف أو النطاق المعتاد عليه،وهذه الأوراق التي مُرِّرت على الصرافين واضحة بشكل مباشر أنها من خانة النسخ المزورة، وبعد أن تم التواصل مع الجهاز الأمني المختص بهذا الخصوص بعد الجهد الكبير الذي قاموا به في هذا الشأن تبيّن لهم أيضاً بأنه لا توجد هذه الكميات بهذا الشكل المبالغ فيه،وهذا يعني أن حالة الإرباك والهلع الحاصلة بسبب هذه المشكلة هي حالة ضُخِّمت أكثر من اللازم، ولا يوجد على الإطلاق هذه الأرقام والأحجام الكبيرة من الدولارات خلافاً لما يتم التسويق له.
ويختم المصري قائلاً:«إن المشكلة الأساسية تكمن بأنه تدفَّق في الفترات السابقة كمٌّ من الدولارات كما حدث في تركيا على سبيل المثال، وكأنه باتت هناك كمية كبيرة من الدولارات ظهرت بشكل مفاجئ، وفي الوقت نفسه الماكينات لا تستطيع القيام بمطاردتها ورصدها، وهذا الأمر ساهم بازدياد هذه البلبلة، ولكن تبقى متابعة هذه النسخ وانتشارها أمراً أساسياً، وهذا يساهم في حل المشكلة أيضاً، فبات المواطن الذي يحمل 50$ في جعبته لا يعلم ما إذا كانت هذه النسخة حقيقية أم مزورة، ولكن عندما يتم تحديث الماكينات فالأمور حكماً ستسلك اتجاهاً مختلفاً بشكل مطلق، ولم يعد هناك حينها أي هاجس لدينا باستقبال نسخ من الخمسينات أو مئات الدولارات والأمر يصبح تحت السيطرة بموجب هذه الماكينات، وكل الشركات المالية والمصرفية ومصرف لبنان أيضاً في انتظار هذه التحديثات لتطبيقها لدينا وننتهي من هذه المشكلة».