خارطة طريق ل الكهرباء “مضاءة” بهيئة ناظمة تفتح القطاع على المنافسة

تواجه أزمة الكهرباء في لبنان تعقيدات متعددة تتطلب تطبيق إصلاحات شاملة لمعالجتها جذرياً. تتطلب البداية تعزيز الهيكل الإداري لمؤسسة كهرباء لبنان عبر تعيين هيئات ناظمة متخصصة وضمان وجود مفوضين حكوميين يشرفون على إدارة المؤسسة. تسهم هذه الخطوة في تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد الإداري الذي يعرقل تقدم القطاع. يُوصى بتعبئة الشواغر الوظيفية من خلال تعيين كفاءات مؤهلة ومؤمنة بخطط الإصلاح، بهدف تقوية المؤسسة وتمكينها من أداء دورها بكفاءة، خاصة في ظل الاعتماد الحالي على عمالة مؤقتة تُفرض لأسباب سياسية.

يعتمد تحقيق الاستقرار في قطاع الكهرباء على تطوير آليات فاعلة لربط التعرفة الكهربائية بأسعار النفط العالمية. يُفترض أن يؤدي انخفاض أسعار النفط إلى تخفيف الأعباء عن المواطنين الذين يتحملون حالياً فواتير مرتفعة مقابل خدمات محدودة. يتطلب الأمر كذلك تحسين عمليات الجباية وتقليل نسبة الهدر التي تستنزف جزءاً كبيراً من الطاقة المنتجة. يُبرز الخبراء أهمية مراجعة القرارات السابقة المتعلقة برفع التعرفة، بما يضمن مراعاة العدالة والشفافية في تحميل التكاليف.

تتطلب الإصلاحات وضع نموذج لا مركزي يعتمد على البلديات واتحاداتها لإدارة مشاريع الطاقة المتجددة. يُوصى بالاستثمار في مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على المستوى المحلي، مما يعزز قدرة المناطق على توليد الكهرباء ذاتياً وتقليل الاعتماد على المؤسسة المركزية. يُتيح هذا النموذج للقطاع الخاص دخول السوق والمنافسة بشكل عادل، مما يعزز كفاءة الإنتاج ويوفر خيارات أوسع للمواطنين للحصول على الكهرباء بأسعار معقولة.

يعزز تنفيذ قانون 2002 فرص إصلاح القطاع من خلال فصل مؤسسة كهرباء لبنان إلى كيانات مستقلة مسؤولة عن الإنتاج والنقل والتوزيع. يفتح هذا التوجه المجال أمام القطاع الخاص لتولي جزء من المسؤولية الإنتاجية، مما يحفز المنافسة ويقلل من الاحتكار الذي يعيق تقدم القطاع. يُوصى بتفعيل دور الهيئات التنظيمية لمراقبة الأداء ومنع أي تجاوزات أو ممارسات احتكارية تؤثر سلباً على المواطنين.

يستلزم الإصلاح الناجح للقطاع استلهام التجارب الدولية الناجحة مثل جورجيا وغواتيمالا، حيث ساهمت المنافسة المفتوحة وتنظيم السوق في تحسين الخدمات وخفض التكاليف. يتطلب الأمر التزاماً سياسياً قوياً لتنفيذ هذه الإصلاحات بعيداً عن المصالح الشخصية التي تعيق أي تقدم. يعتمد النجاح على توفير رؤية واضحة وشاملة تضع المواطن في صلب الأولويات، وتعتمد على الإدارة الشفافة والحوكمة الرشيدة لتحويل الأزمة إلى فرصة للنهوض بالقطاع وضمان استدامته.

اضغط هنا لمشاهدة المقابلة على موقع صوت لبنان