حل مسألة الودائع يبدأ من الدولة

Home » حل مسألة الودائع يبدأ من الدولة
حل مسألة الودائع يبدأ من الدولة

واجه الاقتصاد اللبناني أزمات معقدة تستدعي معالجة شاملة تهدف إلى استرداد الودائع وتحقيق الاستقرار المالي. يتطلب هذا المسار وضع خطة مُحكمة لتحقيق فائض في الموازنة العامة، بما يُمكّن الدولة من تسديد ديونها تدريجيًا للمصرف المركزي، ويمهد الطريق أمام الأخير لاستعادة حقوق المودعين بشكل تدريجي ومنظم. يفرض الوضع الراهن العمل على ضبط الإنفاق العام والحد من الهدر، باعتباره خطوة أساسية لا غنى عنها لضمان تحقيق التوازن المالي المطلوب. تستلزم هذه المرحلة أيضًا البدء بإصلاحات هيكلية جذرية تهدف إلى تفكيك الاحتكارات في القطاعات الحيوية مثل الكهرباء والاتصالات، وتفعيل هيئات ناظمة تضمن الشفافية وتعزز المنافسة لجذب الاستثمارات من الداخل والخارج.

تحتاج الأزمة إلى معالجة الخلل البنيوي في النظام المصرفي، وذلك من خلال تمكين المصارف من استعادة دورها في تمويل المشاريع الإنتاجية، مع ضرورة اعتماد سياسات واضحة تفصل بين الدولار القديم والجديد لضمان استعادة الثقة لدى المستثمرين والمودعين. يستدعي هذا الوضع دعم البلديات للاضطلاع بدور أكبر في تنفيذ وإدارة المشاريع التنموية، وخاصة في مجال الطاقة المتجددة، مما يعزز التنمية المستدامة على المستوى المحلي. تتطلب الإصلاحات تحسين نظام المناقصات العامة لضمان تحقيق المنافسة العادلة، مع التركيز على رفع جودة التنفيذ وخفض التكاليف. يجب على الدولة تفعيل دور القطاع الخاص كشريك في تمويل وإدارة القطاعات الإنتاجية، ما يخفف الضغط المالي على الخزينة ويوفر موارد إضافية تساهم في دعم الاقتصاد.

تُعد استثمار الفوائض المالية الناجمة عن هذه الإصلاحات خطوة ضرورية لتحسين نسب استرداد الودائع تدريجيًا، مع الحفاظ على استقرار النقد وضمان تحفيز النمو الاقتصادي. تمثل هذه الخطوات ركيزة أساسية لإعادة لبنان إلى موقعه في الساحة الاقتصادية العالمية، من خلال تعزيز الثقة بالمؤسسات الحكومية والمالية، وتوفير بيئة استثمارية مُحفزة وآمنة. ينبغي للدولة أن تُولي هذه الأولويات أقصى درجات الاهتمام لبناء نظام اقتصادي مستدام يُعيد الثقة تدريجيًا للمودعين والمستثمرين، ويمهد الطريق أمام التعافي والنمو الاقتصادي الشامل.

اضغط هنا لمشاهدة المقابلة على موقع هنا لبنان