الذكاء الاصطناعي يغير قواعد اللعبة: كيف ستتأثر الأسواق العالمية؟

تشهد سلاسل التوريد العالمية للرقاقات الإلكترونية أزمة حادة ناتجة عن زيادة كبيرة في الطلب، خاصة من قطاع الذكاء الاصطناعي الذي يحتاج إلى خوادم ومراكز بيانات تستهلك كميات هائلة من رقاقات الذاكرة. يواجه العرض صعوبة في تلبية هذا الطلب المتزايد نظراً للتحديات الكبيرة في زيادة خطوط الإنتاج.

تتطلب إضافة خط إنتاج جديد للرقاقات استثماراً يتراوح بين 15 و20 مليار دولار، ويحتاج من ثلاث إلى خمس سنوات للتجهيز والتشغيل. تمتنع الشركات المصنعة عن التوسع السريع في قدراتها الإنتاجية بسبب تقلبات السوق التاريخية، حيث واجهت شركات كبرى مثل مايكرون وسامسونج خسائر فادحة في الماضي عندما زادت طاقتها الإنتاجية ثم انخفض الطلب لاحقاً. تفضل هذه الشركات حالياً التكيف من خلال تعديل الأسعار بدلاً من زيادة الكميات المنتجة.

تحظى شرائح الذكاء الاصطناعي بالأولوية في التصنيع لأن الطلب عليها أكبر والقدرة المالية للمشترين أعلى، مما يدفع احتياجات المستهلكين العاديين إلى مراتب أدنى في قائمة الأولويات. يصعب دخول منتجين جدد إلى هذا السوق بسبب التكاليف المرتفعة والحاجة إلى معرفة تقنية عميقة وصعوبة الحصول على المعدات المتخصصة، بالإضافة إلى قيود التصدير بين الولايات المتحدة والصين والحرب التجارية الدائرة في هذا المجال.

يتوقع أن تستمر هذه الأزمة لفترة طويلة، مما سيؤدي إلى ارتفاعات كبيرة في أسعار المنتجات الإلكترونية. تقدر الزيادات في أسعار الهواتف الذكية من الفئة الممتازة بين 15% و30%، ومن 10% إلى 20% للفئة المتوسطة، ومن 5% إلى 15% للفئات الاقتصادية. تنطبق نسب مماثلة على أسعار الحواسيب، حيث تشهد الأجهزة من فئة الألعاب والفئات الرائدة ارتفاعاً يتراوح بين 15% و30%، بينما ترتفع أسعار الفئات المتوسطة بنسبة 10% إلى 20%.

ينصح بالإسراع في عمليات الشراء الكبيرة، خاصة للشركات والحكومات، قبل تطبيق الزيادات السعرية الجديدة. يلجأ المستهلكون الأفراد إلى استراتيجيات بديلة للتعامل مع هذه الأزمة، منها تأجيل الشراء واستمرار استخدام الأجهزة القديمة، أو التحول نحو الأجهزة المستعملة، أو شراء موديلات أقدم بدلاً من أحدث الإصدارات.

تختلف القدرة على استيعاب هذه الزيادات السعرية بحسب مستوى الدخل في كل بلد. تتمتع دول الخليج العربي بقدرة أكبر على امتصاص هذه الزيادات بفضل الدخل المرتفع وتوفر التمويل بفوائد شبه معدومة، بالإضافة إلى عمليات الشراء الحكومية الكبيرة التي تستبدل الأجهزة بشكل دوري كل سنة ونصف إلى سنتين.

تستفيد الشركات الصينية مثل لينوفو وأسوس وهواوي من هذه الأزمة، حيث تمتلك سلاسل توريد مختلفة تعتمد على مصنعين محليين للرقاقات، مما يجنبها التأثر بالقيود الأمريكية. تتمتع هذه الشركات بمرونة أكبر في تعديل مواصفات المنتجات والاستعاضة عن الرقاقات المتطورة بنسخ أقل تطوراً، بينما تظل الشركات الغربية خاضعة لمعايير صارمة تحد من قدرتها على التكيف.

يتوقع اختفاء المنتجات الرائدة من الأسواق ذات الدخل المتوسط والمنخفض مثل لبنان ومصر والمغرب وتونس والأردن، حيث يضطر الراغبون في شراء أحدث الأجهزة إلى استيرادها من دول الخليج مع فترات انتظار أطول ودفع أسعار أعلى.

اضغط هنا لمشاهدة المقابلة كاملة على قناة العربي