يُعتبر مشروع قانون الانتظام المالي واسترداد الودائع من أفضل المشاريع التي طُرحت حتى اليوم لمعالجة أزمة الودائع في لبنان. يهدف هذا المشروع إلى ضمان استرداد معظم أموال المودعين، مع استثناء الحالات التي استفادت من فوائد مرتفعة جداً أو قامت بتجارة الشيكات أو حوّلت أموالها إلى الخارج خلال فترة كانت فيها الغالبية الساحقة من اللبنانيين محرومة من التحويلات. يركّز القانون على إعادة الحقوق إلى أصحابها بطريقة أكثر عدالة، مع تحميل جزء من الخسائر لمن استفاد من الهندسات المالية أو من الامتيازات غير العادلة.
يقترح القانون إعادة الودائع حتى سقف مئة ألف دولار عبر تقسيطها على أربع سنوات، بما يوفّر دخلاً شهرياً يفوق ما يحصل عليه المودعون حالياً من المصارف. يحوّل ما يفوق هذا السقف إلى أوراق مالية وسندات دين على مصرف لبنان، تكون مدعومة باحتياطي الذهب، بما يشكّل ضمانة إضافية للمودعين في حال التعثّر. يعكس هذا الإجراء مقاربة عملية تهدف إلى حماية حقوق المودعين إلى أقصى حد ممكن ضمن الواقع المالي القائم.
يواجه المشروع اعتراضات من جهات متعددة، أبرزها صندوق النقد الدولي وجمعية المصارف. يطالب صندوق النقد بشطب رساميل المصارف أولاً وتحديد تراتبية واضحة لتوزيع الخسائر، في حين تعترض المصارف على قدرتها على تحمّل كلفة تسديد الودائع ضمن المهلة المحددة. مع ذلك، يحقق القانون توازناً نسبياً بين مصالح المودعين والمصارف، إذ لا يشطب رساميل المصارف بشكل مباشر، وفي الوقت نفسه يحدّ من الأرباح والفوائد المرتفعة التي تحققت نتيجة السياسات السابقة.
يعالج القانون مسألة الأموال التي حُوّلت إلى الخارج بعد عام 2019 عبر فرض إعادة نسبة منها لصالح المودعين، بما يكرّس مبدأ العدالة بين من التزم القيود ومن استغل نفوذه. يميّز النقاش بين أزمة الودائع بالدولار، التي تبلغ قيمتها نحو 85 مليار دولار، وبين قضية الودائع بالليرة اللبنانية التي خسرت قيمتها نتيجة انهيار سعر الصرف، مع التأكيد على أن الأخيرة تتطلب معالجة اجتماعية واقتصادية مختلفة عبر سياسات مكمّلة.
يشدّد الطرح على أن إقرار قانون الانتظام المالي يشكّل مدخلاً أساسياً لإعادة إطلاق النشاط الاقتصادي، عبر استعادة الثقة بالنظام المصرفي، وإعادة تفعيل القروض، وتمكين الشركات من التوسع والتوظيف، وتحفيز النمو الاقتصادي. يبرز النقاش أن التأخير في معالجة الفجوة المالية كلّف لبنان خسائر ضخمة في الناتج المحلي خلال السنوات الماضية، ما يجعل إقرار هذا القانون خطوة مفصلية للخروج من حالة الشلل المالي والاقتصادي، وإعادة وضع البلاد على مسار التعافي.