في وقت تعيد الدولة حساباتها لناحية تصويب خطة التعافي الاقتصادي،ترص جهات اخرى تدعي الدفاع عن حقوق المودعين على اعتماد إفلاس المصارف كسبيل لاعادة الودائع، فاذا بهم يضيعون البوصلة وكأن الإفلاس هو الهدف.
. مما لا شك فيه أن القطاع المصرفي بعد ما أصابه من خسائر أصبح بحاجة الى إعادة هيكلة مدروسة، فالازمات تأتي عادة لتنقية الأسواق من الشوائب، وكم نحن بحاجة إلى التنقية بعد ما عصفت بالوطن ازمة صنفها صندوق النقد الدولي على أنها غير مسبوقة على كافة المستويات.
المسؤوليات تطال الجميع ومن المنطق أن تتوزع الخسائر بشكل يتناسب مع تراتبية المسؤوليات وهذا ما ينادي به اصلا صندوق النقد الدولي .يبدو أن الحكومة بدأت تعي هذا الواقع،من خلال تعديلات تقوم به حاليا على خطتها السابقة ,على أمل أن تأتي النتائج بقدرالتوقعات.فمن التعديلات المطروحة، خلق صندوق “التعافي” لاستعادةالودائع والذي يعتمد على مكونات عدة قد تفي بالغرض في حال ترافقت مع اصلاحات جوهرية على جميع الصعد.في الوقت عينه نرى البعض يغفلون عن قصد،عن أية خطط إنقاذيه وموارد مستقبلية للدولة ويضعون نصب أعينهم إفلاس المصارف لأهداف شعبوية كونها في الخط الأمامي بمواجهة المودعين.
إن لطرح الإفلاس محاذير عدة لا يمكن أن تستوي إلا اذا ما احتسبت بالارقام : :-عدد موظفي المصارف والمؤسسات التابعة لها يقارب 20000موظف.-مئات الشركات التي تؤمن خدمات للمصارف ستفلس.
-عائلات موظفي المصارف وشركات الخدمات قد يصل عدد أفرادهاإلى ما يزيد عن 200000لبناني سيحرمون من الدخل ومن التغطية الاجتماعية.
إن إفلاس المصارف يعني القضاء على أي أمل في استرداد الودائع, ومودعو بنك انترا شهود على ذلك.
ان جزاء من راسمال المصارف هو باللير ة اللبنانية التي فقدت حتى الآن نحو 95% من قيمتها.
-الجزء الاخر من راسمال المصارف هو بالدولارالمحلي وتقييمه بالدولار “الفريش” قد تقلص بشكل كبير.
-إن قيمة العقارات التي تمتلكها المصارف حاليا في لبنان، وبعد أن طلبت لجنة الرقابة من المصارف إعادة تقييم أملاكها وعقاراتها واستثماراتها بالقيمة العادلة للدولار أي بحسب الأسعارالرائجة في السوق ,تقدر وبحسب أرقام غير رسمية حتى الآن بثلاثة مليارات ونصف المليار دولار وقد تصل حتى أربعةمليارات دولارعلى أكثر تعديل.
.-اخطر حاكم مصرف لبنان المصارف بإمكانية إعادة إيداعاتها لديه بالليرة.في المقابل،يبلغ مجموع الودائع بالدولار حاليا 100مليار دولار.
حبذا لو يوضح دعاة إفلاس المصارف للمودعين بأن تجويع ما يزيد عن مئتي الف مواطن لبناني من أجل إعادة جزء صغيرمن أصل الودائع.
هو الصواب. حسابيا هذا هو الحل الاسواء الذي يمكن ان يفكر به اي ملم بالارقام .في المقابل من المؤكد أن أي صندوق تشارك فيه الدولة ،مصرف لبنان والمصارف لاعادة الودائع تدريجيا سيعطي للمودعين نسبة تفوق المبالغ التي يسوق لها دعاة الإفلاس.
رب قائل ان لدى المصارف والمصرفيين اموالا في الخارج فليأتوا بها وليدفعوا للمودعين: اولا ,الزم مصرف لبنان المصارف بإعادة استثمارأرباحها في لبنان، فكان نصيبها من نصيب الودائع بالليرة لدى مصرف لبنان.
ثانيا معظم المصارف قد لجأت إلى تصفية قسم مهم من أعمالها في الخارج بسبب الازمة والعض الاخر لا يملك اصولا خارج لبنان ثالثا ما تبقى من استثمارات للمصارف قي الخارج في حال وجدت ستشكل الاداة الوحيدة لضخ اموال جديدة في راس المال بحسب متطلبات اعادة الهيكاة للانطلاق من جديد على اسس صحيحة جديدة.
رابعا .يتهم البعض اصحاب المصارف “بتهريب” أموالهم الى الخارج بطرق غير غير مشروعة فلترفع اذا السرية المصرفية عن الجميع وليدقق بمن خالف القوانين وليعاقب هؤلاء عوض رمي الاتهامات جذافا فتصيب الصالح مع الطالح.
قد قيل إن الماء تكذب الغطاس الغطاس، والارقام تكذب الواهمين،فكفى استخفافا بعقول القوم إن مصارحة الجميع بالارقام هو الصحيح والمتاجرة بالمشاعر وبحقوق المودعين هو الخطاء بحد ذاته.
وفي النهاية، إن أكل العنب أفضل من قتل الناطورفلا تضيعوا الهدف ولنعمل على يناء ما تهدم عوض التركيز على هدم ما تبقى.