* ارتفعت الاسعار المقومة بالليرة بشكل اكبر من منحى تراجع قيمتها الفعلية بالدولار
* هذا التفلت جاء لعدم الثقة في السوق ما دفع التجار إلى زيادة عشوائية على سعر الصرف المعتمد
الفتّوش طبق من الأطباق اللبنانيّة التقليديّة، وهو من أساسيّات أطباق الإفطار في شهر رمضان المبارك، فكم كلفته اليوم؟
قال تقرير لـ “الدولية للمعلومات” إنه منذ الانهيار الاقتصادي، ارتفعت مع ارتفاع الأسعار كلفة المعيشة بشكل كبير، فأصبحت كلفة إعداد طبق الفتّوش 174,127 ليرة لبنانيّة. وقد ارتفعت كلفة مكوّنات هذا الطبق خلال الأعوام الماضية، كما يلي:
– في العام 2020، بلغت 4,250 ل.ل.
– في العام 2021، بلغت 12,287 ل.ل.، أي بارتفاع نسبته 189%.
– في العام 2022، بلغت 50,500 ل.ل.، أي بارتفاع نسبته 311%.
– في العام 2023 بلغ 174,123 ل.ل.، أي بارتفاع نسبته 244.8%.
وإذا ما احتسبنا نسبة الارتفاع في الكلفة من العام 2020 ولغاية العام 2023، نجد أنّها بلغت 3,997%.
تطوّر الأسعار خلال 2022 و2023
واكد التقرير انه بين شهري رمضان 2022 -2023، ارتفعت أسعار الخضار والمواد التي تدخل في مكوّنات طبق الفتّوش فتراوح ارتفاعها بين 54.8% للملح، و100% للبندورة والخيار، و600% لزيت الزيتون، وصولاً إلى 1,150% للبصل.
هذا الارتفاع الكبير في الأسعار بالليرة اللبنانية جاء أقلّ من ارتفاع سعر صرف الدولار، وهذا عائد بشكل أساسي إلى كون هذه الأصناف من المنتجات المحليّة لا المستوردة، وبالتالي لا تتأثّر بارتفاع سعر صرف الدّولار مقابل اللّيرة اللّبنانيّة.
وقال “مرصد الازمة” في الجامعة الاميركية ان مؤشر الفتوش الفعلي وكلفة الإفطار اليومي المقوّم بالدولار تعكس التفلّت في الأسعار وحِدّة الجنوح نحو الفقر.
واضاف المرصد: “تدلّ حركة مؤشر الفتوش المقوّم بالدولار خلال الفترة (2018 – الربع الأول 2023) على تبعات مقلقة للفقر في لبنان. فعلى الرغم من إنحدار قيمة مؤشر الفتوش الفعلية، أي المقوّمة بالدولار، بشكل حاد منذ بدء الأزمة في تشرين الأول 2019 بسبب الإنخفاض الكبير في قيمة الليرة مقابل الدولار، إلا أن مؤشر الفتوش المقوّم بالدولار حافظ على شبه إستقرار حتى عام 2021، وشهد إرتفاعاً ملحوظاً خلال عام 2022 وحتى الربع الأول من عام 2023، بالتوازي مع التدهور الكبير والحاد في آن في سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار، وما صحب ذلك من تفلّت مركّب في أسعار السلع الأساسية المقومة بالليرة اللبنانية”. وتجدر الإشارة الى أن هذا التفلت في الأسعار جاء بالدرجة الأولى نتيجة لعدم الثقة في السوق، ما دفع التجار الى وضع زيادة عشوائية على سعر الصرف المعتمد في جميع مراحل سلسلة الإمداد، لضمان قدرتهم على تمويل تجديد مخزونهم من السلع، بالإضافة الى إرتفاع تكاليف النقل والتبريد والمواد الزراعية وغيره.
وأوضح انه بالتوازي، تدلّ التقلبات في القيمة الفعلية، أي المقوّمة بالدولار، لكلفة الإفطار اليومي لشخص واحد قبيل شهر رمضان 2023، والتباين في منحى تغير الأسعار المقومة بالليرة اللبنانية وتلك المقومة بالدولار، منذ شهر أيلول 2022، على مؤشرات خطيرة أيضاً لمستويات ونوعية الفقر في لبنان. فقد إرتفعت الأسعار المقومة بالليرة بشكل أكبر من منحى تراجع قيمتها الفعلية بالدولار، وذلك على الرغم من إستمرار التدهور الحاد في قيمة الليرة مقابل الدولار. ويعود ذلك إلى عدة أسباب أبرزها تداعيات الرفع النهائي للدعم عن جميع السلع ولا سيما الغذائية وعن المحروقات، ما أدى الى زيادة في كلفة النقل، وكذلك إرتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية في الأسواق العالمية نتيجة للحرب بين روسيا وأوكرانيا، بالإضافة الى دوامة التضخم المحلي المفرط الناتج عن الزيادة العشوائية للتجار في إحتساب سعر الصرف للمستهلك، لضمان قدرتهم على تمويل تجديد مخزونهم من السلع.
ويُعرف شهر رمضان بموائد الإفطارات الجماعية التي تقوم بها الجمعيات والمبادرات الأهلية في المناطق. وتختلف كلفة إفطار صائم بين جهة وأخرى، حسب المكونات وحسب الكلفة المرصودة – بالتوازي مع دعوات دائمة لجمع التبرعات. وتجدر الإشارة إلى أن بعض الجهات من فاعلي الخير يحضرون لإفطارات بكلفة 2$ للشخص الواحد، أي عند خط الفقر المعتمد عالمياً. فهل الـ 2$ تكفي لسد الجوع ولتوفير الغذاء المتوازن والسليم؟ وهل تكفي للحماية من المشاكل الصحية الناتجة عن الجوع؟ وهل تكفي لتوفير الحد الأدنى من العيش الكريم؟ أسئلة محقة في وجه صانعي القرار في لبنان!
(*) مرصد الأزمة في الجامعة الأميركية في بيروت مبادرة بحثية تهدف الى دراسة تداعيات الأزمات المتعددة في لبنان وطرق مقاربتها.
اضغط هنا لقراءة المقال على موقع نداء الوطن