ومع اقتراب الموسم السياحي الشتويّ الذي تبدأ المؤسسات التحضير له في هذه الفترة من العام، لا تبدو المؤسسات السياحية معنية كثيراً بالحديث السياسي عن تفاؤلٍ بوقف إطلاق النار، إلاّ من خلال التمنّيات بحصول ذلك، إذ أن المعطيات لا تزال غامضة والبلد غير مستعدٍّ لموسم سياحي.
لا تحضيرات للموسم الشتوي
كان من المفترض بالفنادق والمطاعم ومختلف المؤسسات السياحية، الشروع بالتحضير لموسم السياحة الشتوية مع اختتام موسم السياحة الصيفية بين نهاية شهر أيلول وبداية تشرين الأول الماضيين، إلاّ أن التصعيد العسكري الإسرائيلي قضى على تلك التحضيرات بعد أن كان قد أضَرَّ بالموسم الصيفي، لكنه لم يقضِ عليه تماماً.
لم تظهر بوادر انتهاء الحرب حتى الآن، والحديث عن قرب الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، لم يُتَرجَم بعد بأية مؤشِّرات، ولذلك، لم تُظهِر المؤسسات السياحية أيّ تفاؤل، بل على العكس، إذ “لا حجوزات لفترة الأعياد حتى الآن”، وفق ما أكّده لـ”المدن” نقيب أصحاب الفنادق والمؤسسات السياحية بيار الأشقر، الذي أشار إلى أن أهل القطاع السياحي “لا يعوِّلون على موسم سياحي شتوي لهذا العام”.
وتبقى المؤشّرات سلبية بالنسبة للأشقر حتى وإن توقّفت الحرب. فبالنسبة إليه “وقف إطلاق النار يعطي البلد راحة مؤقّتة، لكنه لا يعني الحديث عن انتعاش الموسم السياحي. فلا العرب ولا الأوروبيون أو غيرهم مستعدّون للمجيء إلى لبنان طالما أن الأجواء متوتِّرة”.
أما المغتربون اللبنانيون، فلا يضعهم الأشقر ضمن حسابات السيّاح. ويقول إنه “يمكن التعويل قليلاً على حركة المغتربين اللبنانيين، لكن لا يمكن اعتبارهم سيّاحاً. فأحوالهم النفسية والجوّ العام في البلد لن تسمح لهم بالتصرّف كسيّاح. وهؤلاء سيأتون لتفقُّد أهلهم وبيوتهم والبلد بشكل عام”.
ما بيَّنهَ الأشقر من حسم لمسألة غياب السياحة الشتوية هذ العام، ينسجم مع ما يلمسه نقيب أصحاب مكاتب السياحة والسفر جان عبود، الذي اعتبر أن “حركة شركة طيران الشرق الأوسط (الميدل إيست) وحدها في مطار بيروت، لا تكفي”. وفي حديث لـ”المدن”، لفت عبود النظر إلى أن “شركات الطيران أعادت جدولة مواعيد رحلاتها إلى العام 2025، ما يعني أن لا رحلات خلال العام الحالي. ولذلك، لا يمكن الحديث عن حركة طيران مرتبطة بالموسم السياحي لهذا العام”.
المزيد من التراجعات
عدم التفاؤل بالموسم السياحي لهذا العام يعني أن القطاع سيسجّل المزيد من التراجعات. وبحسب عبود، فإن “الموسم السياحي لهذه الفترة من العام الماضي أدخَلَ إلى البلد نحو 6 مليارات دولار، لكن إذا استمرّ الوضع على ما هو عليه، فإنه من المتوقَّع أن لا تزيد نسبة عائدات القطاع لهذا العام عن 2 مليار دولار”. كما أن استمرار الحرب يحرم لبنان “من نحو 14 ألف راكب يصلون إلى المطار يومياً، في حين لا تتعدّى حركة الركاب اليوم 4 آلاف راكب”.
وبانتظار المستجدّات المتعلّقة بوقف إطلاق النار الذي يتّفق الأشقر وعبود على ضرورة حصوله بغضّ النظر عن تأثيراته على القطاع السياحي، يسجِّل القطاع السياحي تراجعات بمعدّل يتراوح بين 80 إلى 90 بالمئة، وتتوزّع هذه النسب على قطاعات المطاعم والفنادق وتأجير السيارات وأماكن السهر وغيرها.
لا يزال وقف إطلاق النار وانتهاء الحرب مطلباً أساسياً لإتاحة المجال أمام اللبنانيين لالتقاط أنفاسهم ومحاولة النهوض مجدداً. ويعي أهل القطاع السياحي أن مصائب اللبنانيين لا تمكِّنهم من القيام بنشاط سياحي، فبرأي الأشقر “الوضع النفسي لكل اللبنانيين يجعل من الصعب على أحدهم تنظيم عرس أو سهرة، فكيف بالحديث عن سياحة؟”. لكن يبقى القطاع السياحي جزءاً أساسياً من الخريطة الاقتصادية التي يجب الوقوف عند أرقامها وأحوالها.
اضغط هنا لقراءة المقال على موقع المدن