لبنان في اللائحة الرمادية : هل تُنقذه استمارة “اعرف عميلك” من العزلة الدولية؟

أصبحت اللافتات التي تطلب من المواطنين الالتزام بتعميم “اعرف عميلك” مشهداً مألوفاً عند مداخل محلات وشركات الصرافة في لبنان. يفرض هذا التعميم، الصادر عن مصرف لبنان، على المتعاملين تعبئة استمارة تتضمن معلومات شخصية تفصيلية عن هوية العميل وطبيعة العملية النقدية التي ينوي إتمامها، وذلك في حال كانت قيمة المعاملة تساوي أو تتجاوز ألف دولار أمريكي أو ما يعادلها بالعملات الأخرى. يأتي هذا الإجراء استجابة لمطالب عدة دول ومؤسسات مالية دولية، في مقدمتها مجموعة العمل المالي الدولية، التي اتخذت قراراً بإدراج اسم لبنان على اللائحة الرمادية للدول الخاضعة لتدقيق ومراقبة خاصة. يعكس هذا القرار مدى الضغوط الدولية المفروضة على لبنان لتحسين منظومته المالية والمصرفية وتطبيق معايير الشفافية المطلوبة عالمياً.

تسعى السلطات النقدية اللبنانية من خلال هذا التعميم إلى تحقيق عدة أهداف استراتيجية محورية. يتمثل الهدف الأول في مكافحة عمليات تبييض الأموال ومنع تمويل الإرهاب، وهما من أبرز التحديات التي تواجه النظام المالي العالمي. يهدف التعميم ثانياً إلى ضمان امتثال لبنان لشروط ومتطلبات مجموعة العمل المالي الدولية، بما يساعد على رفع اسم البلاد من اللائحة الرمادية وتحسين سمعته المالية على المستوى الدولي.

يسعى مصرف لبنان أيضاً من وراء هذا الإجراء إلى الحد من ظاهرة الاقتصاد النقدي غير الرسمي الذي انتشر بشكل واسع في السوق اللبنانية خلال السنوات الأخيرة. ساهمت الأزمة المالية والمصرفية التي يعاني منها لبنان في تفاقم هذه الظاهرة، حيث لجأ كثيرون إلى التعامل بالنقد خارج إطار المؤسسات المصرفية الرسمية، مما أدى إلى صعوبة تتبع التدفقات النقدية ومراقبة مصادرها ووجهاتها.

تمثل هذه الخطوة جزءاً من جهود أوسع لإعادة بناء الثقة بالقطاع المالي اللبناني وإعادة إدماج الاقتصاد غير الرسمي في المنظومة الرسمية، بما يساهم في تحسين الشفافية المالية وحماية الاقتصاد الوطني من المخاطر المرتبطة بالأنشطة المالية غير المشروعة.

اضغط هنا لمشاهدة التقرير كاملًا على جريدة الحرة