“المركزي” يلغي قرار السماح للصرافين ببيع دولار صيرفة… الخطوة غير قانونية!

“المركزي” يلغي قرار السماح للصرافين ببيع دولار صيرفة… الخطوة غير قانونية!

لم يدم قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بالسماح لصرافي الفئة الاولى ببيع الدولار بسعر 90 ألف ليرة أكثر من 48 ساعة. اذ تم الغاؤه بعد ظهر الاربعاء كما تبلّغ الصرافون، الذين أكد العديد منهم لـ»نداء الوطن» أن «القرار أتى مفاجئاً، لأن زبائنهم كانوا يسألون عن موعد البدء بتنفيذه، خصوصاً بعد المماطلة وحجز الاموال التي عاشوها مع المصارف».
من الناحية التقنية، القرار كان يلزمه آلية قانونية تسمح للصرافين بالقيام بهذه المهمة، بسبب عدم جواز «إيداع الأموال» لديهم من قبل المواطنين. اما من حيث مدلولاته المالية والسياسية، فالقرار هو تدخل جديد لمصرف لبنان، ( بعد ظهر الاثنين الماضي ) عبر تعميم سمح فيه للمصارف التجارية والصرافين( فئة أ) ببيع الدولار على سعر 90 الف ليرة، وتسليمه للمواطنين بعد 3 أيام. ويصنف كمحاولة لايقاف الانهيار الجديد الذي شهدته الليرة اللبنانية، بعد أن بلغ سعر دولار السوق السوداء ما يقارب 145 الف ليرة للدولار الواحد. وهو سيثمر «بحسب مصدر مصرفي لـ»نداء الوطن» عن «تهدئة موقتة للسوق السوداء تمنح المنظومة السياسية وقتاً غير طويل، لمحاولة الحد من الانحرافات الخطرة التي تتحكم بالمشهد النقدي في لبنان».
يضيف المصدر:»أنتج هذا التدخل هدوءاً فورياً في سعر دولار السوق السوداء، وادى الى انخفاضه إلى ما بين 105 و110 آلاف ليرة مساء الاثنين. وكما كان متوقعا لم تقف المصارف مكتوفة الايدي عن الاستثمار في هذا التعميم، اذ اعلنت فك إضرابها وإتاحة الإمكانية لزبائنها لإجراء عمليات المبادلة بالسعر المعلن».
يبلغ عدد الصرّافين المرخّصين في لبنان نحو 335 صرّافاً، وهم ينقسمون الى فئتين: «أ» وهي تضم الصرّافين المرخّصين ويبلغ عددهم نحو 48 صرّافاً مدرجة أسماؤهم على موقع مصرف لبنان الإلكتروني.
ويشرح نقيب الصرافين أنطوان مارون لـ»نداء الوطن» أن «سبب الغاء التعميم من قبل حاكم المركزي هو أن القانون اللبناني لا يسمح للمواطن بايداع امواله لدى الصرافين لتحويلها الى دولار، بل على الصرافين ايداع هذه الاموال في نفس اليوم في مصرف لبنان مباشرة، وهذا أمر متعذر على صرافي الاطراف»، معتبراً أن «الآلية التي تم وضعها لكي يتمكن صرافو الفئة الاولى من استقبال الاموال كانت معقدة ولذلك تّم الغاؤها».
يأبى مارون الدخول في تفسير هذه الخطوة، وعما اذا كانت محاولة من «المركزي» لدفع المصارف لتعليق اضرابها، معتبراً أن «اهل مكة ادرى بشعابها».
في ميزان الفوائد والخسائر، يبلغ حجم الكتلة النقدية المحررة بالليرة 69 الف مليار ليرة لبنانية،( بحسب تقديرات المركزي حتى منتصف الشهر الجاري) ما يعني نظرياً، بحسب المصدر المصرفي، «أن تجفيفها التام يتطلب ضخ نحو 770 مليون دولار. وما يحاول المركزي القيام به عبر صيرفة، هو السيطرة على اقل من نصف هذه المبالغ لتطويق المبالغ الساخنة التي يجري استخدامها في المضاربات». ويشرح المصدر أن «حاكم المركزي يعلّل خطواته هذه، بأنها تمهد فعلياً للانتقال إلى مرحلة إعادة هيكلة أسعار الصرف وتوحيدها، ضمن منظومة قائمة على محددات موضوعية، تكفل مركزية دور السلطة النقدية في إدارة السيولة»، لكن الواقع هو خلاف ذلك تماماً.
في المقابل يرى الخبير الاقتصادي باسم البواب لـ»نداء الوطن أن «خطوة المركزي كان هدفها وقف ارتفاع دولار السوق السوداء الذي بلغ ما يقارب 145 الف ليرة للدولار الواحد، وبأي طريقة. ولذلك شمل الصرافين الفئة الاولى للسماح لهم ببيع الدولار على سعر صيرفة، تحسباً لعدم عودة المصارف عن اضرابهم، وتبين لاحقاً أن هذه الخطوة غير قانونية وتّم ايقافها».
يضيف:»ليس هناك تدقيق كبير بالنواحي القانونية في تعاميم مصرف لبنان، وهناك العديد منها يمكن الطعن فيها لو ارادت أي جهة ذلك، لكن لا رغبة لأي طرف بالقيام بهذه الخطوة، لأنهم يريدون من حاكم مصرف لبنان، أن يستمر في ضبط ايقاع سعر دولار السوق السوداء، وعدم ارتفاعه الى مستويات تؤدي الى اضطرابات في الشارع».
ويختم: «عمليا أثبتت المنصة عدم جدواها، لأنه مع كل ارتفاع في سعرها، فإنها ستزيد الاعباء المعيشية على المواطن بدل ان تخفضها وفي كافة الخدمات، وبالتالي باتت عبئاً عليه بدل أن تكون سبباً في تخفيف المصاعب المالية التي يعيشها جراء الازمة».