خسائر حوّلها “المركزي” إلى ديون على الدولة: “الأرقام وجهة نظر”!

خسائر حوّلها “المركزي” إلى ديون على الدولة: “الأرقام وجهة نظر”!

تتعدد الاتهامات وتكثر الانتقادات لأداء مصرف لبنان ودوره منذ ربع قرن حتى اليوم، سواء ما يتعلق بالسياسة النقدية التي يعتمدها حاكمه ومجلسه المركزي، أو بالكثير من القرارات والتعاميم التي أصدرها في مسائل متصلة بإدارة موجوداته وعلاقته مع القطاع المصرفي عموما. انتقادات، وإن كان بعضها مبنياً على أسس علمية، بَيد أن معظمها ينحو نحو الطابع السياسي والشخصي ما ادى مرات عدة الى توتير الأجواء النقدية والمالية مع تأثير كبير على استقرار سعر الصرف.

في “حساب فروقات اعادة التقييم”، أظهرت ميزانية مصرف لبنان التي أصدرها أخيرا تعديلا عبر اضافة بند جديد تحت عنوان “صندوق استقرار سعر الصرف” الذي اظهر مبلغ 63 ألف مليار ليرة تمثل الخسائر التي تكبدها مصرف لبنان نتيجة تدخله في سوق القطع لضبطها بناء على قرار من الحكومة اللبنانية. هذا البند وضعه المحللون في خانة اضافة دين جديد على الدولة اللبنانية تجاه مصرف لبنان، فيما تلقفت النائبة حليمة قعقور وبعض النواب التغييريين الموضوع وتقدموا بسؤال عبر رئيس المجلس الى الحكومة وتحديدا الى وزير المال حول “مجموع الخسائر التي حوّلها أخيرا مصرف لبنان الى ديون على الدولة اللبنانية”، معتبرين أنها “دين على الشعب اللبناني والمال العام وهي بقيمة 58.74 مليار دولار”، وهذا برأيهم مخالف لقانون النقد والتسليف. ولكن يبدو أن الامر اختلط على هؤلاء وخصوصا حيال احتسابهم قيمة الدين على سعر الصرف الرسمي. مصدر مطلع اشار الى أن بند صندوق استقرار سعر الصرف غير مخالف لقانون النقد والتسليف وأُضيف عملاً بأحكام المادتين 75 و115 منه. وفي جواب لـ”النهار” أفاد المصدر عينه أن “القيمة الاجمالية هي 63 الف مليار ليرة اي ما يوازي نحو 700 مليون دولار على سعر صيرفة وقطعاً ليست 41 مليار دولار، كما تحدث بعض المحللين وبعض النواب”. وأكد ان الفرق الشاسع بين الـ 700 مليون دولار القيمة الفعلية للخسائر، والـ 41 مليار دولار التي احتسبتها النائبة قعقور مع زملائها بسؤالها هو نتيجة احتسابهم الـ 63 الف مليار ليرة على سعر 1507، وتاليا هذا الامر غير صحيح وغير واقعي”.
في التفاصيل، وجهت النائبة قعقور مع زملائها في المجلس سينتيا زرازير، وياسين ياسين، والياس جرادة، وعبد الرحمن البزري، وأسامة سعد، وشربل مسعد، سؤالا إلى الحكومة اللبنانية بكامل أعضائها وإلى وزير المال يوسف الخليل بشأن “مجموع الخسائر التّي حولها أخيرا حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى ديون على الدولة اللبنانية والمال العام تُقدر بنحو 58.74 مليار دولار، خارقا بذلك قانون النقد والتسليف. وهي على ثلاث دفعات: 16.5مليار دولار ظهرت في بداية شباط الماضي هي كل عمليات القطع التي جرت لحساب الخزينة اللبنانيّة منذ 2007، والتي عكسها اليوم وحوّلها سلامة إلى ديون (فتحُ حساب خاص مخفي وسرّي لذلك منذ العام 2007)، 41 مليار دولار هي الخسائر التي نقلها سلامة إلى حساب دين على الدولة اللبنانيّة، منذ بداية هذا الشهر. كما أضاف 1.24 مليار دولار إلى هذا البند منذ أيام”.
وسأل النواب عن “موقف الحكومة عموما، وموقف وزير المال خصوصا من المخالفات القانونية والمحاسبية التي ارتكبها حاكم مصرف لبنان والمشار اليها أعلاه، وهل توافق الحكومة ووزارة المال خصوصا على تحويل الخسائر الى ديون على الخزينة، وتحميل وزرها الى الشعب اللبناني؟ وهل تم تدقيق هذه العمليات المالية من المراقبين الماليين في وزارة المال، وهل تم التحقيق بهذه العمليات والتدقيق بها من وزارة المال؟ وأخيرا ما الاجراءات القانونيّة التّي ستتخذها الحكومة تجاه حاكم مصرف لبنان ازاء هذه المخالفة وغيرها من المخالفات الجسيمة التي يرقى بعضها الى تصنيفها كجرائم جنائية؟”.
ليس خافيا أن ميزانية مصرف لبنان التي صدرت أخيرا أظهرت تعديلا في “حساب فروقات إعادة التقييم” عبر اضافة بند جديد تحت عنوان صندوق استقرار سعر الصرف (Exchange Stabilization Fund) وذلك عملا بأحكام المادّتين 75 و115 من قانون النقد والتسليف. فما قصة هذا البند، وما القيمة الفعلية لِما اضيف اليه؟
مراجع متابعة أكدت لـ”النهار” ان “القيمة الاجمالية لهذا البند هي 63 الف مليار ليرة، اي ما يوازي نحو 700 مليون دولار على سعر صيرفة وقطعاً ليست 41 مليار دولار كما تحدث بعض المحللين وبعض النواب، وتاليا فإن الفرق شاسع بل خيالي بين الرقم الحقيقي والرقم الذي يتم تداوله، اي ان بعض ما يسمى محللين اضافوا 41 مليار دولار كدين على الدولة بينما الحقيقة ان ما اضيف يوازي 700 مليون دولار اميركي فقط”.
واضاف المصدر ان مصرف لبنان عدّل هذا البند استنادا الى قرار اتخذه المجلس المركزي في مصرف لبنان مجتمعا بعد مشاورات عدة تمت مع الحكومة ووزارة المال. ولكن ماذا تمثل الـ 700 مليون دولار؟ يجيب المصدر أنها “تمثل الخسائر نتيجة التدخل في سوق القطع من مصرف لبنان منذ العام 2020 لغاية تاريخه. هذا التدخل في سوق القطع جاء بداية من حكومة حسان دياب التي طلبت من مصرف لبنان التدخل في سوق القطع”. واستنادا الى المادتين 75 و115 من قانون النقد والتسليف قام مصرف لبنان أخيرا بقيد هذا المبلغ في ميزانيته، وذلك بالتنسيق مع السلطة التنفيذية”.
وإذ استغرب المصدر “الضجة الاعلامية والشعبوية المملة والتضليل الذي يمارسه بعض ما يسمى المحللين الاقتصاديين”، أكد أن “ثقافة الارقام وجهة نظر لا تزال سارية المفعول في لبنان، وتطغى على الكثير من السجالات والاتهامات المتبادلة بين اطراف القوى السياسية ومحللي الاقتصاد واعلامييه”.
ومعلوم ان المادة 75 المعدلة بالقانون المنفذ بالمرسوم الرقم 6102 تاريخ 5/10/1973- ج.ر. (عدد 81 ملحق) تنص على الآتي: يستعمل المصرف الوسائل التي يرى ان من شأنها تأمين ثبات القطع، ومن اجل ذلك يمكنه خصوصا ان يعمل في السوق بالاتفاق مع وزير المال مشتريا او بائعا ذهبا او عملات اجنبية مع مراعاة احكام المادة 69. وتقيد عمليات المصرف على العملات الاجنبية في حساب خاص يسمى “صندوق تثبيت القطع”. أما المادة 115 فتنص على الآتي: “يفتح باسم الخزينة حساب خاص تقيد فيه: الفروق بين ما يوازي موجودات المصرف من ذهب وعملات اجنبية بالسعر القانوني وبين السعر الفعلي لشراء او بيع هذه الموجودات، والارباح او الخسائر الناتجة في موجودات المصرف من ذهب وعملات اجنبية، عن تعديل سعر الليرة اللبنانية القانوني او سعر احدى العملات الاجنبية، والمبالغ الملحوظة بالمادتين 55 و64”.

اضغط هنا لقراءة المقال على موقع النهار