أبحرت الباخرة الجزائرية «عين أكر»، إلى لبنان محملة بشحنة أولى تبلغ 30 ألف طن من مادة الفيول بهدف إعادة تشغيل محطات الطاقة في البلاد حاملة30 ألف طن متري من الفيول أويل الجزائريّ كهبة من الحكومة الجزائرية،ولكن تأخرت هذه الباخرة في الدخول والمباشرة في عملية تفريغ حمولة «الفيول» والتوزيع، وهذا ما دفع وزارة الطاقة والمياه إلى التوضيح بأنها اتمت كل التحضيرات اللوجستية والفنية في منشآت النفط في طرابلس، من تنظيف خزانات نفط وبنى تحتية بحرية وقد أعطت الإذن بتفريغ الباخرة في الخزّانات، الا ان ارتفاع امواج البحر حال دون دخول الباخرة وافراغ الحمولة ولكن هل حقاً أمواج البحر هي السبب؟
يقول المدير عام الإستثمار السابق في وزارة الطاقة والمياه والخبير في المعهد اللبناني لدراسات السوق غسان بيضون :«أن ما حصل هو سوق تدبير من قبل المعنيين، وهذا ما يؤدي إلى طرح سؤال أساسي وجوهري وهو لماذا على هذه الباخرة منذ الأساس التفريغ في طرابلس وليس في الزهراني على سبيل المثال؟، مع العلم بأن كان هناك كلام عن توجه يقضي بإفراغ الخزانات في الزهراني،وتنظيف الكابلات التي تنقل الفيول من الباخرة على الخزانات لذلك السؤال الأساسي يكمن حول جدوى التوجه للتفريغ في طرابلس.»
ويشدد بيضون على أنه منذ الأساس هناك سوء تدبير وسوق إدارة متبع من قبل وزارة الطاقة والمياه،وكان يجب أن يتم تخصيص هذا الفيول إلى معملي الزوق والجية وليس أخذه إلى معمل دير عمار،لذلك هناك دائماً من يريد ويعمل على استغلال الحلول وأخذها إلى مكانها الغير المناسب لتأخيرها وتخسيرها بضعاً من قيمتها وهذا ما يعبر عن عدم مسؤولية وعدم جدية من قبل وزير الطاقة والمياه نفسه في التعاطي مع هكذا أزمة.
ويذكَر بأن الباخرة الجزائرية أتت في الأصل لإنقاذ لبنان من كابوس «العتمة الشاملة»،لذلك يجب أن يكون هناك سرعة في التجاوب وتأمين كل ما يلزم للإستفادة من وجود هذه الباخرة ويتم تخزين الفيول الموجود فيها،وفي الماضي قام الوزير الأسبق للطاقة والمياه سيزار أبي خليل بإبرام عقد بالتراضي مع «روس نفط» الروسية لزيادة قدرة خزّانات المنشآت في الشمال على التخزين وكان من المفترض أن يتم إنهاؤه في العام 2020 أين أصبح هذا المشروع؟،وسواها من الأمور البديهة التي كان يجب على المعنيين القيام بها ولم يقوموا بها على الإطلاق، وهذا ما يؤشر على سوق الإدارة والتدبير لمحاولة الإستفادة من الظروف المستجدة.
ويلفت إلى أنه نظراً لتكرار هذه الحوادث والوقائع نفسها في السابق،يتأكد في كل مرة بأن هناك فشلاً ذريعاً، لذلك لا أمل بأي نتيجة إيجابية من قبل وزارة الطاقة والمياه والمتعاقبين على إدارتها،وكان هناك أمل بأن يقوم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أو وزير الطاقة وليد فياض بطرح إمكانية تطوير الهبة الجزائرية لتعود الجزائر وتعطي لبنان المزيد من الفيول، ولكن يتجنب فياض هذا الأمر ليتطرق إلى مشكلة الغاز ويوليه أهمية أكثر من هذا الأمر مع العلم أن ملف الغاز هو الأكثر تعقيداً وحتى في بواخر «التغويز» هناك بحث لإيجاد طريق نحو السمسرة والعمولة بدلاً من السعي إلى تطوير مبادرة الجزائر والهبة للإنتفاع منها لتأمين مصدر مستدام وموثوق من المحروقات، ولكن التفكير لا يزال قائماً على عكس المنطق فقط من أجل السعي إلى تنويع المصادر.
ويردف قائلاً: «لطالما يتم الهروب إلى موضوع «تنويع المصادر» للإتيان في كل مرة بباخرة تركيبتها تختلف عن الأخرى ليتم وضعها فوق شحنة قديمة وتختلط من دون معرفة كيفية تفاعل الكيمياء وما ينتج عنها، لذلك الإستعراضات البهلوانية التي يقوم بها وزير الطاقة والمياه وليد فياض وطريقة تعاطيه في الأمور المصيرية تجعلنا لا نتأمل خيراً في أن تصل هذه الأزمة إلى خواتيمها».
ويكشف أنه من المفترض أن يقوم النائب أديب عبد المسيح بتقديم إقتراح قانون لإعفاء المواطنين عن فواتير الكهرباء لشهر آب من العام 2024، لأن الكهرباء لم تأتِ من الأساس، ولكن يجب أن لا يقتصر هذا الإقتراح عن آب 2024 فقط إنما جميع رسوم الإشتراك،إستناداً إلى المواد في نظام الإستثمار في كهرباء لبنان التي تنص على أنه إذا لم يتم تأمين الكهرباء ليلاً ونهاراً،فيجب أن يتم تخفيض الجعّالة بقدر الإنقطاع.
ويختم بيضون قائلاً«بأن وزارة الطاقة والمياه أتعبت الناس بسبب عمليات النصب والسمسرة التي تقوم بها، من دون أي فائدة أو نتيجة مجدية تتعلق بالكهرباء، وفي كل مرة نتيجة هذا الفساد نعود إلى المربع الأول وهو«عودة العتمة الشاملة» من خلال العودة إلى ساعتين التغذية وهذا أمر في قمة السخريّة ناتج عن أداء وزارة الطاقة والمياه المتعاقب السيئ والرديء في إدارة الأمور الذي عطل جميع الحلول المقترحة على مدى السنوات الماضية بسبب الإستئثاربالسلطة وعدم الجدية والإستهتار بالقوانين وغياب التخطيط والنزاهة والشفافية وهذه آفات لطالما تميزوا بها وزراء الطاقة والمياه الذين تعاقبوا على الوزارة في السنوات الماضية».
ومن جهته يرى مدير عام المنشآت النفطية في الزهراني زياد الزين أنه يجب أن يتم مبادلة هذا الفيول بـ«الديزل أويل»،وبالتالي لا مكان له بالتفريغ في معامل الكهرباء، ويجب أن تتم عملية التفريغ إستثنائيّاً من خلال «خزّانين فيول» للمنشآت، ومن ثم يعاد بيع هذه الكمية من الفيول عبر مزايدة تجريها وزارة الطاقة وفق الأصول ووفق قانون الشراء العام،لتتم بعدها المبادلة ما بين الفيول و«الديزل أويل».
ويشير الزين إلى أن الكمية التي تتظهّر من «الديزل أويل» مقابل «الفيول» المقدّم من قبل الهبة الجزائرية يتزوّد بها معملا دير عمار والزهراني،ليكونا أقوى معملين في البلد حينها قد حصلوا على «كهرباء» و»الديزل أويل» لذلك هذه الخطوات تتم وفق القانون ولكن المشكلة تكمن في عجز «كهرباء لبنان عن استقبال الباخرة الجزائرية، لذلك اضطرت المنشآت أن تستقبل الباخرة عوضاً عن مؤسسة كهرباء لبنان.
ويشدد على أن الفيول هو غير مطابق لمواصفات معامل كهرباء لبنان،وعلى الرغم من إمكانية وضعهم في مؤسسة «كهرباء لبنان» ولكن من الأفضل أن يتم إستبدال الفيول بـ«الديزل أويل» لأنه يستطيع أن يعطي معملي «دير عمار» و«الزهراني كأكبر معملين في البلاد يعملان على «الديزل».
ويؤكد أن الخطة كانت أن تقوم الباخرة الجزائرية بتفريغ نصف الفيول في الزهراني،وتقوم بتفريغ النصف الآخر في طرابلس، وبدأنا بدفتر شروط المزايدة في بيروت في الإدارة المركزية لبيروت، من خلال إعداد دفتر شروط للمزايدة ومبادلة لكمية الفيول الجزائرية مقابل كمية «ديزل أويل» تأتي لاحقاً بدلاً من الفيول وكل الإجراءات قد تمت في هذا الصدد والباخرة تستعد لإفراغ حمولتها في طرابلس.
ويختم الزين قائلاً:«إن التأخير في التفريغ كان لعوامل فنية وتقنية معقّدة،يجب أن تدرس بعناية لإمكانية تفريغ الباخرة الجزائرية من دون أن تخسر أي «نقطة» من الفيول الذي يفرّغ من الباخرة،ناهيك عن ملاءمة الأجواء أي الأرصاد الجوية لطبيعة ربط هذه الباخرة بطريقة محكمة لتجنب أي تأثير سلبي على التفريغ.»